بانغي: في منطقة واسعة من شمال جمهورية افريقيا الوسطى، يمارس احد زعماء الحرب من قادة حركة التمرد السابقة سيليكا سلطة مطلقة في هذه المنطقة الواقعة على الحدود مع تشاد.

فالجنرال محمد خاتم بلحيته المشذبة على طريقة اسامة بن لادن، ويلقبه سكان المنطقة "بالرئيس"، يراقب من منزله الانيق المحاط بالاسلاك الشائكة، وشيد خلال فترة قياسية عند مدخل سيدو على الحدود بين افريقيا الوسطى وتشاد، كل السيارات المتوجهة الى والقادمة من كابو ومن باتافانغو الابعد قليلا.

ويقتطع رجال محمد الخاتم وهم جنود ودركيون ورجال جمارك وشرطة أتوا من المنطقة الشاسعة التي يسيطر عليها، الضرائب والرسوم التي تذهب مباشرة الى صناديق "الرئيس". واهم ما تشهده كابو "عاصمة مملكته" هو مرور "الرئيس" اذ انه لا احد يستطيع التملص من الاحتفاء به. فالموكب تتقدمه نحو مئة دراجة نارية تقل كل منها ثلاثة اشخاص بعضهم مسلحون تليها سيارة رباعية الدفع يتصدر "الرئيس" مقعدها الخلفي ويحيي بيده من حين إلى آخر مواطنيه.

وقال احد سكان كابو جيريمي ندوملاني في اتصال هاتفي اجرته وكالة فرانس برس من بانغي انه "يمر أحيانا من دون ان يحيي السكان الذين يأتون للاحتفال به". واضاف "لكن اذا ما لاحظ احد ما أنك لم تعر الموكب اهتماما، يفرض عليك الاعضاء السابقون في سيليكا غرامة تتفاوت بين مئة ومئتي الف فرنك افريقي" (150 الى 300 يورو).

ويفرض "الرئيس" قانونه بما في ذلك تحيته، على السكان في دائرة قطرها 600 متر. وقال سائق سيارة الاجرة غاستون مباينادجي "اذا ما ضبط احدهم او احداهن متلبسا بتجاهله، فقد تبلغ الغرامة 500،00 فرنك افريقي".& وذكر مارتن ولاتا احد سكان كابو ايضا ان "عشر سيارات بيك اب مجهزة برشاشات ثقيلة، وتقل رجالا يرتدون الثياب العسكرية ويعتمرون قبعات حمراء جديدة" تسير في مقدم الموكب وفي آخره. واضاف ان "نساء مسلمات تقلهن آليات جديدة يلوحن بمناديلهن ويطلقن زغاريد يختتمن الموكب".

- مستعدون لتسليم اسلحتهم
وفي منزله، لا يفلت احد من المارة او البضائع من مراقبة هذا المرتزقة التشادي السابق الذي كان احد الذين اوصلوا رئيس افريقيا الوسطى السابق فرنسوا بوزيزيه الى السلطة في اذار/مارس 2003 في بانغي خلال واحد من الانقلابات الكثيرة التي تشهدها البلاد منذ الاستقلال. وقد عينه بوزيزيه الذي اطاحته سيليكا بعد عشر سنوات، حاكما عسكريا في القصر الرئاسي، وكانا على توافق حتى وقع الخلاف بينهما.

فقد طلب محمد الخاتم ورجاله في 2012 من الرئيس بوزيزيه ان يساعدهم على تنظيم احتفالات رمضان. فاعطى بوزيزيه كلا منهم 10 الاف فرنك افريقي، وهذا ما اغضبهم. عندئذ حملوا السلاح، واخذوا اغراضهم، وانضموا الى حركة التمرد السابقة سيليكا. ومعظم رجاله في الحركة الوطنية لافريقيا الوسطى هم مزارعون سابقون ينتمون الى اتنية البول التي يشكل المسلمون غالبية افرادها، ومسلحون.

ويقول السكان ان رجال محمد الخاتم يؤكدون انهم مستعدون لتسليم اسلحتهم ويتخوفون مما يسمونه "شاحنات الفضاء" (طائرات رافال القتالية الفرنسية) التي قصفتهم في 2014 في نواحي باتانغافو وقتلت عددا كبيرا منهم. لكنهم "يفرطون حاليا في ارتكاب التجاوزات" كما قال احد سكان كابو، موضحا انهم يقومون باعمال سلب ونهب وسرقة. وقال الشاب ايساك من كابو "ننتظر تجريدهم من اسلحتهم لنقوم بتأديبهم".

والحركة الوطنية لافريقيا الوسطى، هي واحدة من فروع سيليكا السابقة التي تؤدي تحركاتها المسلحة الى قيام مناطق خارجة على القانون في كل انحاء البلاد حتى في بانغي. وهي تتواجه مع مسلحي ميليشيا الدفاع الذاتي (ضد السواطير او انتي بالاكا) لتخريب العملية الانتخابية التي حرمت من المشاركة فيها.

وفي سيبوت يسيطر زعيم آخر لسيليكا هو الجنرال اردا هاكوما الذي رأى في اعادة تسليح القوات المسلحة للبلاد "اعلان حرب". وفي هذه الاجواء المضطربة تستعد افريقيا الوسطى، احد افقر بلدان العالم، لاستقبال البابا فرنسيس واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية السنة.