رانغون: افادت آخر حصيلة رسمية نشرتها السلطات البورمية اليوم الاحد ان نحو مئة شخص لقوا مصرعهم في انهيار ارضي في منجم لليشم الذي يعد قطاعا اقتصاديا تنقصه الشفافية بشأن اجراءات السلامة السيئة.
وقال نيلار مينت مسؤول الادارة المحلية ومنسق عملية الاغاثة في منطقة هباكانت النائية في اقليم كاشين شمال بورما، لوكالة فرانس برس "لا نعثر سوى على قتلى" في جبل ركام الحجارة، موضحا ان "لا احد يعرف عدد الذين يعيشون هنا". وتحدث عن العثور على ما بين تسعين و97 جثة.
ويواصل رجال الانقاذ بمن فيهم عناصر الصليب الاحمر المحلي وتعزيزات الجيش والشرطة جهودهم اليوم الاحد لكن الاحوال الجوية السيئة تعرقل عملهم.
وتحقق بورما المنتج الاول للجاد في العالم ارباحا كبيرة من وجود هذا الحجر الثمين في طبقات منطقة المناجم. وهو معروف بنوعيته الجيدة في هذا البلد. لكن شروط استخراجه سيئة جدا ولا تأخذ في الاعتبار محيط وسلامة عمال يقومون بعمليات تنقيب غير قانونية تغض الشركات المنجمية الكبرى والسلطات النظر عنها.
وهؤلاء العمال البورميون الفقراء يتدفقون بالآلاف على هذه المنطقة المحاذية للصين ويعيشون في مخيمات عشوائية لمحاولة العثور على قطع من اليشم اهملتها الحفارات وتركت في جبال من الركام بالقرب من المناجم.
ووقع الحادث السبت عندما انهار جبل من الردميات على عشرات الاكواخ العشوائية حيث ينام السكان الذين يقتاتون من البحث عن قطع من هذا الحجر الكريم.
وقال زاو موي هتيت الذي يتاجر بالجاد ويقيم في قرية تطل على الموقع، لفرانس برس ان "الناس في قرى ابعد بقليل& سمعوا صراخ الذين هرعوا الى المكان" لمحاولة مساعدة الضحايا.
وخلال الاشهر الاخيرة قتل عشرات السكان في حوادث انهيار مماثلة حصلت بينما كانوا يبحثون عن اليشم وسط اكوام الركام التي تخلفها حفارات الشركات المنجمية الضخمة، بحسب منظمات غير حكومية.
وفي بعض الاحيان تتحدث الصحف المحلية عن هذه الحوادث لكن ذلك لا يؤدي الى تغيير في حياة هؤلاء العمال الفقراء الذين يقومون بعمليات البحث عند حلول الليل في اغلب الاحيان.
وعلى الرغم من الاصلاحات التي ادخلت في السنوات الاخيرة ما زال سوق الجاد محاطا بسرية كبيرة ومحتكرا من قبل النخب القديمة التي بنت ثرواتها على هذه القطاع في عهد السلطة العسكرية التي حلت في 2011.
نصف اجمالي الناتج الداخلي
وذكرت المنظمة غير الحكومية غلوبال ويتنس في تقرير نشر في تشرين الاول/اكتوبر الماضي ان بورما باعت في السوق العالمية في 2014 كميات من هذا الحجر الكريم بحوالى 31 مليار دولار.
وتؤكد المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها ان سوق اليشم يشكل حوالى نصف اجمالي الناتج المحلي لبلد ما زال واحدا من افقر البلدان في جنوب شرق آسيا على الرغم من النمو الكبير الذي سجل منذ انفتاح هذه الدولة.
واضافت "غلوبال ويتنس" ان الصين وحدها استوردت حسب الارقام الرسمية لبكين كميات من هذا الحجر باكثر من 12 مليار دولار في 2014. ودانت "عملية نهب للموارد الطبيعية قد تكون الاكبر في التاريخ الحديث".
وتدين المنظمات غير الحكومية تزايد نشاط الشركات المنجمية في الاشهر الاخيرة.
اما سكان هباكانت فيعبرون باستمرار عن استيائهم من الانتهاكات المرتبطة بصناعة المناجم بما في ذلك تكرار الحوادث واجراءات مصادرة الاراضي.
ويفترض ان تشكل المعارضة اونغ سان سو تشي التي فاز حزبها باغلبية ساحقة في انتخابات الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر حكومة مطلع 2016. وقد وعدت بمكافحة الفساد وغياب الشفافية في الاقتصاد الذي يشكل قطاع اليشم مثالا واضحا عليه.
وكانت هباكانت منطقة ادغال خصبة الا انها تحولت الى تلال جرداء بسبب النشاط المنجمي.
ويؤدي هوس الصينيين بالجاد بمختلف انواعه الى انحسار الغابات في هذه المنطقة.
ويشكل هذا الحجر النفيس مصدرا مهما لعائدات جيش استقلال كاشين احدى المجموعات الاتنية المسلحة الاكثر نشاطا في معاركها مع السلطة المركزية.
التعليقات