يزيد الخلاف داخل حزب العمال البريطاني حول دعم الغارات ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا من الانقسام حول زعيم الحزب جيريمي كوربن، ويعيد إلى الأذهان الذكرى الأليمة للحرب في العراق وفي أفغانستان.
إيلاف - متابعة: أعطى زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن الاثنين لنواب حزبه حرية التصويت بشأن مشاركة بريطانيا في الضربات الجوية في سوريا، لكنه طلب من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون مزيدا من الوقت، وفق تقارير صحافية.
وأكد مصدر في الحزب تقريرا لصحيفة الغارديان ان كوربن أعطى النواب حرية التصويت ما يرجح حصول كاميرون على تأييد مجلس العموم للمشاركة في الحملة الجوية ضد تنظيم داعش في سوريا رغم معارضة كوربن شخصيا لذلك.
وعنونت الغارديان على موقعها "جيريمي كوربن يعطي نواب حزب العمال حرية التصويت" وأضافت ان كوربن سيطلب "مهلة" قبل طرح القرار للتصويت. ورفض المكتب الاعلامي للحزب التعليق على الخبر.
وقال خبراء إن كوربن كان سيواجه معارضة عشرات من نواب الحزب المؤيدين للضربات الجوية لو أمرهم بمعارضة القرار. وقال متحدث باسم كاميرون في وقت سابق الاثنين "قلنا على الدوام إننا سنعود الى المجلس فقط اذا شعرنا بان لدينا غالبية واضحة" بعد ان اشيع ان القرار سيطرح هذا الاسبوع.
من المتوقع ان يطرح كاميرون على التصويت في مجلس العموم هذا الاسبوع قرارًا بتوسيع نطاق الغارات البريطانية ضمن الائتلاف الدولي ضد تنظيم داعش في العراق، ليشمل سوريا، لكنه بحاجة لدعم بعض نواب المعارضة للحصول على الغالبية.
تكمن المشكلة في ان كوربن اليساري، الذي ساهم في تأسيس حركة "أوقفوا الحرب" (ستوب ذا وور كواليشون) الاحتجاجية، يعارض الغارات الجوية، بينما يؤيدها عدد كبير من نواب حزبه.
مصدر انقسام
اضافة الى تعقيد حسابات كاميرون حول ما اذا كان سيتمكن من الفوز في التصويت، فان الوضع ادى الى خلافات علنية بين نواب مؤيدين لكوربن ومعارضين له حول ما اذا كان الشخص المناسب لقيادة ابرز احزاب المعارضة.
لذلك ليس من المصادفة أن يكون الخلاف حول عمل عسكري المسألة الأكثر حساسية بالنسبة الى حزب العمال، منذ أن قاد الزعيم العمالي ورئيس الوزراء السابق توني بلير البلاد في الحرب على العراق، بناء على مزاعم لم تثبت صحتها. ولا تلقى الحرب في العراق وافغانستان اي شعبية تقريبًا الآن في بريطانيا، خصوصًا بعدما ادت الى قتل اكثر من 600 عسكري بريطاني.
لذلك امضى كاميرون ساعات عدة للإجابة عن أسئلة نواب الخميس، لطمأنتهم إلى أن اي عمل عسكري سيرافقه جهد كبير للتوصل الى حل عبر التفاوض للنزاع المستمر منذ اربع سنوات في سوريا. وحزب العمال أمام خيارين، فهو إما ان يفرض باسم&الوحدة على نوابه التصويت ضد اي تدخل عسكري مع إمكان تعرض النواب المخالفين للعقوبة او ترك الخيار لكل منهم بحسب ما يمليه عليه ضميره.
دعوات للاستقالة
وصرح كوربن الاحد "لم يتم اتخاذ اي قرار، فالعديد من النواب يترددون، ونواصل المشاورات"، لكنه كرر معارضته الشديدة للغارات. المشكلة بالنسبة الى الحزب هي ان اي خيار سيؤدي الى خلاف، فترك النواب امام حرية الاختيار حول إعادة النظر في قيادة كوربن، بينما املاء موقف عليهم، يمكن ان يكون اسوأ، ويؤدي الى انقسام واضح مع عشرات النواب المؤيدين لهذه الغارات، ومن بينهم نائب رئيس الحزب توم واتسون.
واستنكر عدد كبير من هؤلاء النواب قيام كوربن الجمعة بدعوة الناشطين الى التعبير عن رأيهم على الانترنت من دون ان يستشير "حكومة الظل". وقال النائب العمالي جون سبيلار "كيف يمكن ان يتصور كوربن ومجموعته الصغيرة من التروتسكيين انهم وحدهم يعرفون الحقيقة؟، اذا كان يتعيّن على احد الاستقالة بعد هذا الحادث فهو جيريمي كوربن".
ليس جديدًا ان يشهد حزب العمال خلافا حول خوض حرب جديدة، فجراح الحربين المثيرتين للجدل في افغانستان في 2001 والعراق 2003 بقرار من حكومة بلير العمالية لم تلتئم بعد.
ظل العراق
ويقول مالكولم تشالمرز مدير الابحاث في معهد "ار يو اس آي" ان "ظل العراق لا يزال مخيما". وتعتبر فيكتوريا هونيمان خبيرة السياسة الخارجية البريطانية في جامعة ليدس ان "العامل العراقي في صلب" نقاش حزب العمال حول ما اذا كان عليه دعم الغارات في سوريا.
واعتبر النائب بول فلين الذي صوت ضد الحرب في العراق ان "اي نائب من حزب العمال لم ينس انه ارسل 179 جنديا بريطانيا الى حتفهم عند التصويت على خوض الحرب في 2003 من اجل العثور على اسلحة دمار شامل لا وجود لها. وسيظل هذا الامر عبئا على ضميرهم طول حياتهم".
ويدعو فلين، الذي اقر بأن الحزب "منقسم بشكل كبير اليوم"، الى ترك حرية القرار الى اعضاء الحزب حول اي تدخل في سوريا. ويشاطره الرأي واتسون، الذي طلب ذلك من كوربن الاحد. في المقابل، يرى اخرون ان من الضروري بروز موقف واضح. وقال النائب غافين شوكر "على جيريمي ان يجمع نوابه حول خط واحد، والا فالحزب سيتشتت في كل الاتجاهات".
ويعتبر آخرون ان مستقبل كوربن على رأس الحزب سيكون على المحك في الاسبوع المقبل. وأوردت صحيفة "تايمز" ان العديد من النواب تحدثوا عن امكان حصول انقلاب خصوصًا اذا خسر الحزب مقعدًا لمصلحة حزب "الاستقلال" (يوكيب) الشعوبي المعارض للهجرة خلال انتخابات جزئية الخميس. وحتى فلين اعتبر ان "الامر لا يمكن ان يستمر على هذا النحو". وعلق كوربن الاحد "انا باق في منصبي، واقدر كل لحظة فيه". وهو يحظى بشعبية لدى منتسبي الحزب، توازي المعارضة بين نوابه له.&
التعليقات