صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قضت محكمة مصرية بالسجن لمدة خمس سنوات بحق ضابطين بجهاز الأمن الوطني، بتهمة تعذيب محام حتى الموت.

ويأتي حكم القضاء في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات ضد انتشار التعذيب في مراكز الاحتجاز المصرية، ووفاة العديد من المواطنين تحت وطأة مختلف صنوف التعذيب.

وعاقبت محكمة جنايات القاهرة، ضابطي الأمن الوطني عمر محمود ومحمد الأنور، بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، بعد ثبوت اتهامهما بتعذيب المحامي كريم حمدي حتى الموت في قسم شرطة المطرية، وهي القضية المعروفة إعلامياً ب "تعذيب محامي المطرية"، وقررت المحكمة، برئاسة المستشار أسامة شاهين، إحالة الدعوى الجنائية للمحكمة المدنية المختصة.

وقتل المحامي كريم حمدي في قسم شرطة المطرية، تحت وطأة التعذيب، لاجباره على الاعتراف، بأنه على علاقة بجماعة الإخوان المسلمون، وذلك بتاريخ 24 فبراير/ شباط 2014.

ووفقاً لتقرير الطب الشرعي رقم 449 لسنة 2015 فإن المحامي الشاب تعرض للتعذيب بالصعق بالكهرباء والضرب بالعصي في مختلف أنحاء جسده، وأوضح التقرير أنه بالكشف الظاهري وإجراء الصفة التشريحيه لجثة المتوفي كريم حمدي محمدان، فإنها تعرضت لاصابات بالعنق من المنتصف وإصابة بالصدر من أعلى وآثار احمرار بمعصم يده اليمنى وإصابة بمعصم يده اليسرى من الجانب وإصابة بالظهر من المنتصف، من الأسفل، وإصابة بالإلية اليسرى من الداخل، وإصابة بساقه اليسرى في منتصف الركبة وإحمرار بجوار منطقة العانة واشتباه تورم وزرة إبر في القضيب وكيس الصفن، وكذا وجد آثار عملية وغرز جراحية بالإلية اليمنى وغرز جراحية قديمة بالبطن من الناحية اليمنى من الأسفل.
وأوضح التقرير أن التعذيب الشديد للمحامي، ترك كدمة بلون محمر غير محددة الشكل تقع على منتصف مقدم العنق مقابل الغضروف الدرقى 4x1سم مع وجود كدمات أخرى بلون محمر على جانبى الخط المنصف للعنق أبعاد كل منها نحو 2x1سم، وتورم شديد مصاحب بكدمة بلون محمر تقع على منتصف مقدم ظاهر القضيب ممتدة حتى رأس القضيب بأبعاد نحو 7x2سم، وكدمة بلون محمر مصاحب بتورم شديد شاملًا كل أنحاء كيس الصفن مع تورم واضح ومحسوس بالخصيتين، وكدمات بلون محمر غير محددة الشكل تقع منتشرة بالعضد والساعد الأيسر أصغرها نحو 1x3سم وأكبرها نحو 7x5سم، وكدمة متسحجة مغطاة بقشرة محمرة تقع على مقدم منتصف الركبة اليسرى 2/1 في 1سم، وأخرى مماثلة تقع على الخط المنصف للظهر 3x1سم.

وينتشر التعذيب على نطاق واسع في أماكن الأحتجاز وأقسام الشرطة بمصر، واستطاع مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، توثيق ٤٩ حالة تعذيب –بينهم ٩ حالات أدت إلى الموت داخل أماكن الاحتجاز– خلال شهر نوفمبر الماضي فقط، بينما وثقت منظمات أخرى حالتي تعذيب بأماكن الاحتجاز وحالتي وفاة في فترة زمنية ﻻ تتعدى شهر واحد بين أكتوبر ونوفمبر 2015، في حين رصدت منظمات أخرى حالات عديدة من الوفاة في أماكن الاحتجاز، وتلقت شكاوى تفيد بتعرض المحتجزين للضرب والمعاملة المهينة أو التعذيب داخل أقسام الشرطة في الفترة نفسها. كما وثق المركز نفسه 4 حالات وفاة نتيجة للتعذيب في أغسطس من بين 57 حالة تعرضت للتعذيب في أماكن الاحتجاز.

وأعربت 14 منظمة حقوقية عن قلقها البالغ من أن تكون الأرقام الحقيقة أكثر من تلك التي نجحوا في توثيقها، أو التي نُشرت في الصحف ووسائل الإعلام خلال الفترة القصيرة الماضية، فضلًا على حالات أخرى رفض أصحابها رواية تفاصيلها، خشية انتقام ضباط الأقسام أو السجون، أو ربما لأنهم فقدوا أي ثقة في نظام العدالة.

ودعت المنظمات إلى تحقيق عاجل ومستقل في حوادث التعذيب المُتزايدة والمُفزعة التي تعرض لها محتجزات ومحتجزون داخل سجون وأقسام الشرطة، وتؤكد المنظمات على أن معظم تلك الحوادث شهدت إفلات مرتكبيها من العقاب، بينما تكرر إنكار وزارة الداخلية لارتكابها، واعتبرتها – في كثير من الأحيان – "حالات فردية".

وقالت المنظمات في تقرير لها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان: تتكرر أنماط انتهاكات الشرطة في العديد من الحالات التي تم رصدها من قبل المنظمات، إذ يُلقى القبض على شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب بلاغ سرقة أو على سبيل الاشتباه في ارتكاب جريمة معينة. وفي معظم الأحيان يتم ذلك بطريقة تعسفية تتضمن أحيانًا تراشقًا لفظيًّا أو اشتباكًا بالأيدي يتم على إثره اصطحاب الشخص إلى القسم، حيث يتعرض للضرب في أثناء التحقيق، الأمر الذي ربما ينتهي في بعض الحالات إلى خروج المشتبه بهم جثثًا هامدة من غرفة التحقيق، أو على أجسادهم آثار الضرب والإهانة والتحرش الجنسي أحيانًا، على النحو الذي نستعرضه في هذه الأمثلة ـ على سبيل المثال لا الحصر. على حد تعبير المنظمات الحقوقية.