قالت إيران إن الأرضية متوفرة لتغيير في العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وتحدثت عن بدء حوار، وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية الجديد حسين جابري أنصاري سياسة إيران الثابتة المبنية على أساس الحوار مع الجيران.

نصر المجالي: قال المتحدث جابري أنصاري في أول مؤتمر صحفي له اليوم الاثنين، بعد تسلمه منصبه متحدثًا باسم الخارجية الإيرانية، في الرد على سؤال حول العلاقات بين إيران والسعودية، "إن العلاقات بين البلدين تحظى بامكانية تغيير الوضع القائم، ولو توفرت الارادة الحاسمة لدى الحكومة السعودية، فإن الارضيات متوفرة لتغيير هذا الوضع".

وأوضح أنصاري بأن السعودية قامت بتقديم سفيرها الجديد بطهران، وأن المسار جار بهذا الصدد. وكانت مصادر دبلوماسية قالت أمام (إيلاف) في وقت سابق إن قرار المملكة تعيين السفير المخضرم علي بن حسن جعفر، وهو سفير سابق لدى روسيا، سفيراً لدى إيران، يشير إلى رغبة الرياض بالذهاب لمرحلة جديدة في العلاقات مع طهران.

بدء حوار

وإلى ذلك، اکد مساعد الخارجیة الإيرانية حسن قشقاوی بدء حوار بین ایران والسعودیة حول العلاقات الثنائیة وبعض القضایا الاقلیمیة، واصفًا لقاء وزیر الخارجیة الایراني محمد جواد ظریف ونظیره السعودي عادل الجبیر بأنه جید.

وقال في لقاء خاص مع قناة (العالم) الاخباریة يوم الاحد: الی جانب اللقاءات التي یقوم بها السفیر الایراني في الریاض مع المسؤولین السعودیین في وزارة الخارجیة، یمکن القول إن مستوی من الحوارات بین ایران والسعودیة قد بدأ حول العلاقات الثنائیة وبعض القضایا الاقلیمیة.

ووصف قشقاوی لقاء وزیر الخارجیة الایراني محمد جواد ظریف الاخیر مع نظیره السعودي بأنه جید، مشیرًا الی أن السعودیة قدمت سفیرًا جدیدًا الی ایران وطهران تدرس اوراقه.

وتابع أن ظریف التقی نظیره السعودي وبعض المسؤولین في الریاض، معربًا عن امله في أن تسفر هذه اللقاءات والحوارات واستمرارها عن توفیر الارضیة المناسبة لتعاون اکبر بین ایران والسعودیة.

ونفی قشقاوی أن تکون العلاقات بین ایران والسعودیة علی مستوی القطیعة، واشار الی أن سفارتي البلدین مفتوحتان ونشطتان في ایران والسعودیة، وکانت هناك لقاءات حتی في خضم فاجعة منی الالیمة، معربًا عن امله في أن یؤدی هذا التواصل الی المزید من التعاون.

تحسن تدريجي

وكانت مصادر دبلوماسية وإعلامية رأت أمام (إيلاف) أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران ربما تشهد "تحسناً" تدريجياً مع بدايات العام 2016 في انتظار حسم العديد من الملفات الساخنة، التي كانت من أسباب توتر العلاقات إلى حد المواجهة بين البلدين في السنين الأخيرة.

وفي تقرير سابق نشرته (إيلاف) في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أجمعت المصادر على أن هناك تحركات دولية لوضع حلول للأزمة السورية وجلوس الحكومة السورية مع جماعات المعارضة في كانون الثاني (يناير) المقبل للشروع بوضع خطة الحكم الانتقالي عبر برنامج حل سلمي سياسي يفضي الى حكومة منتخبة ووضع دستور جديد واجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. (المزيد)

تمهيد للتقارب

ومثل هذه التحركات قد تمهد للتقارب المنتظر بين طهران والرياض، حيث انهما شاركتا في اجتماعات فيينا "الثانية" حول الأزمة السورية، والتي تم خلالها تكليف الرياض باستضافة اجتماعات الفصائل السورية المعارضة في محاولة لتوحيد مواقفها قبل اجتماعات يناير، ولم تعترض طهران على تكليف الرياض بهذه المهمة البالغة الأهمية.

وكان تقرير لمجلة (الإيكونوميست) البريطانية تحدث عن احتمال مثل هذا التقارب الوشيك بين الرياض وطهران، ويقول التقرير إنه منذ الإطاحة بشاه إيران في العام 1979، وعلاقات المملكة العربية السعودية، التي ترى نفسها زعيمة للمسلمين السنة في منطقة الشرق الأوسط، تمر في فترات من التجاذب والشّد والخطر مع إيران، التي تعتبر نفسها القوة الإسلامية المقابلة كزعيمة للشيعة على الطرف الآخر للخليج.

ويشير التقرير إلى أن العام 2015 تحديداً كان من أصعب أعوام المواجهة بين البلدين، حيث مارست الرياض ضغوطاً، ولكن من دون جدوى لمنع صفقة تقودها الولايات المتحدة مع إيران بشأن أسلحتها النووية، ومن ثم تسخين الأوضاع العسكرية في اليمن، حيث رتبت السعودية تحالفاً عربياً من أجل إعادة الشرعية في اليمن، حيث كان اختطفها الحوثيون الموالون لإيران.

أمور مهمة

وتقول المجلة البريطانية إنه لكي يتحقق مثل هذا التقارب، هناك مجموعة من الأشياء يجب أن تسير على ما يرام، وأولها أن تقبل إيران بأن يظل اليمن راسخاً في الأفق (المجال) السعودي، ثم أن المساعدات الإيرانية العسكرية ظلت على الدوام محدودة لحلفائها الحوثيين رغم المبالغة أحياناً في مثل هذه المساعدات.

أما الأمر الثاني وهو أن السعودية بحاجة إلى أن تعترف بحقيقة أن الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية الرئيسية حريصة على الاستثمار والتبادل الاقتصادي والتجاري مع إيران.

وثالثاً، فإنه يتعيّن على إيران تأكيد السلوك الحسن والامتناع عن إثارة المتاعب وتصعيد الاحتجاجات بين السكان الشيعة في دول الخليج، وهذا مما حدا بأنصار (داعش) إلى تنفيذ تفجيرات إرهابية في مواقع شيعية في الكويت والسعودية، وذلك رداً على ما تثيره إيران في الأوساط الشيعية.

أما الأمر الرابع، وهو ما يتعين على إيران فعله، هو النأي بنفسها عن عمليات الغش والخداع في وعودها وتعهداتها، التي وافقت عليها، خلال مفاوضات فيينا التي أنجزت الاتفاق النووي مع القوى الكبرى.