يجمع الخبراء على أن عاصفة الحزم اليمنية حققت أهدافها السياسية والاستراتيجية لحظة انطلاقها، ومن هذه الأهداف منع إيران من الانطلاق من اليمن لزعزعة الاستقرار الخليجي.

الرياض: تسعة أشهر إلا قليلًا مضت على انطلاق عمليات عاصفة الحزم، التي بدأت في 26 آذار (مارس) 2015، استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور، وردًا على اعتداءات ميليشيات الحوثي والقوات الموالية لعلي صالح على اليمن ومكتسباته، فيما كانت الـ 270 يومًا من عمر العاصفة كفيلة بتغيير ملامح المنطقة وإعادة تحالفاتها من جديد كما كانت فرصة لجردة حساب، وتبيان ما تحقق من أهداف وما لم يتحقق.

قال خبراء سياسيون ومحللون استنطقتهم "إيلاف" إن أغلبية الأهداف السياسية التي قامت على أساسها عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل تم تحقيقها، وإن لم يتحقق الهدف النهائي بإعادة الشرعية إلى صنعاء، إلا أن الجهود الفعلية للتحالف العربي بقيادة السعودية تمكنت من استعادة جزئية للدولة اليمنية، وتحريرها من وكلاء إيران ونفوذهم، بعدما كانوا يخططون لتحويل اليمن إلى منطلق لزعزعة الأوضاع في الخليج.

يمني في تعز يحمل صورة الملك سلمان بن عبدالعزيز

&

إنجاز سياسي وعسكري

الدكتور نجيب غلاب، رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، أوضح انه بمجرد أن انطلقت عاصفة الحزم تحقق الهدف الأساسي، وهي الرسالة الحازمة بأن العرب قادرون على حماية أمنهم والدفاع عن الاختراقات التي حاولت إيران أن تحققها في اليمن، عبر جعله منطلقًا لضرب الأمن القومي الخليجي والعربي، مشيرًا في حديثه لـ "إيلاف" إلى أن التحالف العربي تمكن من استعادة جزئية للدول اليمنية وتحريرها من وكلاء إيران ونفوذهم.

وفي ما يتعلق بتحقيق الأهداف على الأرض، قال غلاب إن التحالف العربي، بشقيه العسكري والدبلوماسي، حقق انجازات كبيرة، "أبرزها التواصل والاتصال مع الدول الأكثر تأثيرًا، وعزل الانقلابيين بشكل كامل دوليًا، حيث لا توجد اليوم دولة واحدة تعترف بهذا الانقلاب، كما تمكن التحالف من إصدار قرارات تشرَعن عمله العسكري عبر مجلس الأمن، وهذا دليل نجاح سياسي ودبلوماسي يشهد له الكثير من المراقبين".

معظم أهداف عمليات التحالف العربي قد تم تحقيقها

&

كما أوضح غلاب أن التحالف تمكن من تحرير اغلب المناطق اليمنية بما في ذلك محافظة عدن، باعتبارها منطقة مركزية، وتحويلها إلى عاصمة موقتة لإدارة المعركة وصولًا إلى إسقاط الانقلاب بشكل كامل، مبينًا أن الأهم هو إضعاف وتفكيك طرفي الانقلاب، حيث أصبحوا اليوم محاصرين في الداخل اليمني وفي الخارج، وما عادوا قادرين على إنجاز الحد الأدنى من أهدافهم، "وبالتالي هم يعوقون تنفيذ العملية السياسية ولا يريدون تطبيق مقررات مجلس الأمن إلا وفق تحقيق بعض الأرباح خارج إطار الأهداف الكلية للتحالف العربي".

العبث الإيراني

قال الخبير الاستراتيجي الدكتور على التواتي إن السعودية تمكنت من خلال عاصفة الحزم من وضع حد للعبث الإيراني الذي أراد أن يطبق في اليمن أنموذج حكم الأقلية، مثل نماذج الطائفة العلوية في سوريا وحزب الدعوة في العراق، مشيرًا إلى أن هذه نماذج وضعتها إيران في العالم العربي، مع إمكان الأقلية أن تحكم الأغلبية بالتعاون مع قوى إقليمية ودولية، "ويبدو أن هذا الوضع أغرى طهران وظنت انه يمكن تطبيق هذا الوضع في الخليج، لكن كانت عاصفة الحزم بالمرصاد".

وأضاف التواتي: "اليمن مجال حيوي بالنسبة إلى منطقة الخليج والسعودية تحديدًا، ولن تسمح الرياض بالتلاعب بأي حال من الأحوال في هذا المجال، ولن تقبل أن تحاصر في مضيق باب المندب، ولن تقبل أن تكون تحت رحمة أي جماعة أو عصابة تهدد حدودها من أي اتجاه، ورأينا هذا في البحرين ونراه بوضوح الآن في اليمن، حسابات الحوثي والمخلوع كانت خاطئة، وكانت نتيجتها تدمير قواهم العسكرية ووضعهم في هذا الوضع الذي يعدّون فيه الأيام والليالي لمواجهة مصيرهم في مواجهة محكمة الجنايات الدولية، وفي محاولات إنقاذ رؤوسهم من المحاكمة التي يواجهونها مستقبلًا".

بعيدًا عن العنتريات

حول تحقيق أهداف التحالف، قال التواتي: "بالنسبة إلى دول الخليج، أرى أنها استطاعت تحقيق الأمن للجنوب أكثر من أي وقت مضى، واستطاعت ألا تخضع لأي تهديدات تتحرك في أي لحظة"، مشيرًا إلى أن على دول الخليج ألا تسمح بالتوصل إلى حل ما لم تكن من ضمنه ضمانات من الدولة اليمنية الجديدة بعدم إتاحة المجال مرة أخرى لعودة شراذم من هذا النوع إلى السلطة، وفي نفس الوقت عدم تهديد أي قطاع من القطاعات الثلاثة في الحد الجنوبي للسعودية، وذلك عبر إنشاء مناطق منزوعة السلاح، وإنشاء مناطق تجارة حرة متبادلة، إضافة إلى تنمية أواصر المحبة والأخوة والجوار الطيب بدلًا من المحاولات العنترية والاعتقاد بأن القوة الذاتية بإمكانها أن تفرض هيمنة إقليمية أو تستطيع تغيير موازين القوى في المنطقة".

وقال الدكتور صدقة فاضل، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي: "بالرغم من أن عمليات التحالف العربي في اليمن&ما زالت قائمة إلا انه في الواقع معظم أهداف العملية قد تم تحقيقها، في مقابل أهداف لم تتحقق بعد، منها الهدف النهائي وهو إعادة الشرعية اليمنية إلى مكانها الطبيعي.

وقال لـ "إيلاف": "كانت هناك توقعات بأن يتم تحقيق هذا الهدف خلال أسابيع من انطلاق العاصفة لكن المستجدات التي طرأت حالت دون تحقيقها، والتي من أبرزها عدم التضافر البيني بين قوى المقاومة الشعبية على الارض"، مضيفًا أن المقاومة الشعبية كانت تفتقد للتنسيق في ما بينها، ما أدى إلى إضعاف نسبي لهذه المقاومة والحد من قدرتها في ردع الانقلابيين.