&وحدة اليمن على كف عفريت، حتى لو انتهت الحرب القائمة في هذه اللحظة. فعوامل الفرقة بين صنعاء وعدن قد تغلب كل النوازع إلى الاتحاد.

&
جمال شنيتر: بالرغم من مرور ربع قرن على الوحدة بين اليمنين (الجمهورية العربية اليمنية الشمالية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الجنوبية)، فإن تلك الوحدة على كف عفريت. فقد عمل نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح خلال الوحدة على جمع التناقضات بحسب وجهات نظر مختلفة، فقائل يقول إنه تعمد تحويل هذه الوحدة إلى وحدة نهب واستقواء وضم وإلحاق، وآخرين يرونه استثمرها لصالح تعزيز مصالحه واللعب على المصالح المتقاطعة للمكونات اليمنية، حتى توجت معاول هدم تلك الوحدة بالحرب الجارية التي شنها صالح وحلفاءه الحوثيين على الجنوب خاصة واليمن عامة. وآخرون يقولون إن النظام السابق لا يمكن أن يحدد مستقبل اليمن، ويجب عدم استثمار أخطائه في تشكيل تيار يهدد وحدة اليمن.
&
هذه الأمور أسهمت في تكوين تيار متزايد في الجنوب اليمني، لا سيما منذ العام 2007، وفي تعاظم الحركة الاحتجاجية المطالبة باستعادة دولة الجنوب السابقة، وانقسم اليمنيون في الشمال والجنوب امام تلك المطالب.
&
صراع الوحدة والانفصال
&
إلى ذلك، قال الباحث والكاتب السياسي علي محمد السليماني أن الوحدة اليمنية في الجهوية اليمانية فشلت قبل مضي أربع السنوات على ميلاد الوحدة التي قامت بين الشمال والجنوب عام 1990.
&
واستعرض السليماني، في حديثه لـ"ايلاف"، مراحل الصراع السياسي حول الوحدة بين الشمال والجنوب خلال العقدين الماضيين، قائلًا: "شن اليمن الشقيق الحرب على الجنوب العربي ]يقصد جمهورية جنوب اليمن قبل الوحدة[ في 27 نيسان (ابريل) 1994، وفي 21 أيار (مايو) من نفس العام، اعلن الرئيس علي سالم البيض فك اﻻرتباط، لكن نظام صالح واصل حربه وتحقق له النصر على الجنوب لعدة اسباب، تتعلق بخلافات جنوبية – جنوبية سابقة، واصبح الجنوب تحت الاحتلال اﻻستيطاني اليمني وأصبح وجوده محل رفض شعبي جنوبي كامل، وفي 7 تموز (يوليو) 2007، انطلق الحراك الجنوبي السلمي الذي خاض كفاحًا سلميًا تم مواجهته بالإبادة الجماعية، وبمجازر بشرية ارتكبتها قوات الاحتلال اليمني ضد فعاليات الحراك الجنوبي اﻻعزل، حتى شن اليمن بكل مكوناته وأسماء متنفذيه المتخفين خلف عنوان الحوثيين والعفاشيين حربه لتكريس الاحتلال متقمصًا مشروعًا صفويًا معاديًا للأمة العربية، فتحول الحراك السلمي إلى مقاومة جنوبية تمكنت بمساعدة الضربات الجوية للتحالف العربي من طرد الغزاة الجدد والمحتلين القدامى في 14 تموز (يوليو) من العام الجاري، وأصبح الجنوب العربي محطمًا، وبنيته التحتيه مدمرة".
&
وأكد السليماني أن شعب الجنوب العربي لن يقبل ببقاء الاحتلال اليمني، وكما تصدى له وهو في أوج قوته سيتصدى له اليوم حتى قيام دولة الجنوب العربي الفيدرالية الجديدة.
&
اليمن موحد
&
من جهته، يقول جمال الغراب، رئيس تحرير موقع الفجر الجديد، إن اليمن سيظل موحدًا، "وكل ما هو حاصل في الساحة من حراك يطالب بالانفصال والتهويل الاعلامي بقرب فك الارتباط ومحاولة تأجيج الشارع الجنوبي باسم الاستقلال، كل ذلك من صناعة قوى داخلية لتحقيق مصالح تخدم مشاريعها وتوجهاتها".
&
ويضيف الغراب لـ"ايلاف": "الانفصال ورقة تلعب بها القوى المتصارعة لحين الحصول على مآربها، وسنجد أن قادة من يدعون لانفصال الجنوب عن الشمال هم انفسهم من يدافعون عن الوحدة، ولنا شواهد عديدة".
&
معادلات طائفية
&
بدوره، أكد صالح الدويل باراس، الناشط السياسي في الحراك الجنوبي، وجود فرق بين الطائفة والطائفية، "فالطائفة نسق عبادي لا يخلو منه دين من الاديان، اما الطائفية فهي استقواء بالقوة لفرض امتيازات سياسية وغيرها لطائفة محددة، والحالتان موجودتان في اليمن الشمالي منذ مئات السنين، وفي اغلبها تمددت الزيدية في مناطق الشوافع بالاستقواء والهيمنة الطائفية".
&
واستطرد باراس في حديثه لـ"ايلاف" قائلًا: "لا اعتقد أن مناطق اليمن الشافعي ستعود لبيت الطاعة الذي ظلت محجوبة فيه مئات السنين، فالزيدية لا تنمو الا بامتصاص الحياة من مناطق أخرى، لكن الحرب الاخيرة ستفرض عليها معادلات قد تحرمها هذا الامتصاص، فلو اقتنعت الزيدية بقدرة الشوافع في منعها من امتصاص الحياة من مناطقهم، سيكون هناك تعايش، اما اذا ظلت مصابة بعجرفة الاستقواء التاريخي الذي مارسه اسلافها، فلن يحدث تعايش. وبالنسبة إلى الجنوب، الدولة اليمنية في صنعاء، بزيديتها وحوثيتها وشافعيتها وسلفيتها واخوانيتها، تمثل مشروعًا واحدًا لاغتصاب الجنوب ونهبه واحتلاله".
&
كلّه سنّي
&
واستعرض الناشط السياسي في الحراك الجنوبي في حديثه العوامل الخارجية المشجعه على التوحد او الانقسام، قائلًا: "موقع الجنوب من العوامل التي تجعل الجوار السني استراتيجيًا، يسعى لاستقلال الجنوب الذي يخلو من طوائف الاقليات، فكلّه سني وهذه الميزة لا تتوافر حتى في دول الجوار السني ذاتها، ويعتبر مصدر أمان لتلك الدول، كما أن الهيمنة الايرانية على الخليج ومضايقه تشكل مخاوف استراتيجية لتلك الدول، ولن يكون متنفسها عبر دولة فيها قوة طائفية كبيرة في ظل يمن موحد، بل متنفسها في دولة تخلو تمامًا من الخطر الطائفي، وهذه الميزة لن تكون الا في جنوب مستقل، اما ما يشجع تلك الدول على بقاء الوحدة هو الكثافة البشرية وفقر الموارد في الشمال وهو فقر تتعمد كل انظمة صنعاء على اشاعته لابتزاز العالم".
&
ويعتقد باراس أن عودة دولة الجنوب إلى الانفصال ستودي إلى تقليص الارهاب وتحجيم الجماعات الارهابية، "فالنخبة السياسية في الشمال عملت على دعم الارهاب واستيطانه في الجنوب لتخويف العالم من عودة استقلال الجنوب".
&
الأقاليم تتكلم
&
توقع الدكتور جلال سعيد باعوضة، عضو مؤتمر الحوار الوطني اليمني، استمرار الوحدة اليمنية بشكل جديد، وهو النظام الاتحادي الفيدرالي.
&
وأضاف باعوضة، في سياق حديث لـ "إيلاف" قائلًا: "فترة بقاء الاقاليم ستحدد مستقبل اليمن، انقسام أم اتحاد".
&
وحول مسالة التعايش بين الطوائف، يرى باعوضة أن لا اشكالية كبرى في ذلك الانقسام اذا حلت القضايا السياسية بين الساسة المتصارعين، وان الاقاليم الاتحادية ستحل المشكلة الطائفية.
&
يضيف: "كتوجه اقليمي ودولي ثمة دعم لبقاء وحدة اليمن، لكن الدول لا تهمهم خريطة اليمن ما داموا يجدون مصالحهم ومنافعهم، لكن هناك بعض دول الاقليم تدرس كل الخيارات، بما فيها الانفصال، لعلمهم باستحالة بناء دولة مستقرة في الشمال، لكنهم يبحثون عن حليف مضمون في شمال اليمن".
&
وحذر باعوضة من أن استمرار الوحدة اليمنية بالشكل الحالي يخدم الجماعات الارهابية ومن يقف خلفها، "ففي حال بقاء اليمن موحدًا، الرهان لن يكون على ضمانات داخلية، بل اقليمية، خصوصًا من السعودية، باعتبارها المتضرر الاكبر من تنامي الارهاب في اليمن".
&
الوحدة خيار استراتيجي
&
من ناحيته، قال الشيخ القبلي محمد أحمد الخولاني، وهو من مشايخ صنعاء، إن الوحدة اليمنية ظلت حلم اليمنيين في الشمال والجنوب منذ سنوات طويلة، "ومهما كانت الاخطاء التي ارتكبت باسمها، إلا أنه ينبغي التمسك بالوحدة باعتبارها خيارًا استراتيجيًا لليمنيين".
&
وقال الخولاني في تصريح لـ"ايلاف" إن مؤتمر الحوار الوطني حل الكثير من الاشكالات التي شوهت الوحدة اليمنية، "فالفيدرالية قد تكون المخرج السليم لبقاء الوحدة اليمنية".
&
واختتم الخولاني مشيدًا بما قدمه ابناء الجنوب من تضحيات كبيرة في سبيل اقامة الوحدة اليمنية قبل ربع قرن من الزمان.
&