&طلال جاسر: قال المحلل الأقتصادي السعودي فضل البوعينين في تصريح لـ "إيلاف" إن ميزانية العام 2015 في السعودية أتت بعكس توقعات الهيئات الدولية والشركات المالية المتخصصة، التي توقعت أن يرتفع عجز الموازنة السعودية إلى 22% من الناتج الإجمالي المحلي، حيث سجل العجز الحقيقي ما نسبته 13% فقط، وهي نسبة وبرغم إرتفاعها النسبي، إلا أنها تقل بكثير عما توقعه المراقبون، ويمكن تبريرها بالمتغيرات المالية الحادة التي نتجت عن إنهيار أسعار النفط بنسبة تفوق 60%، وبالتالي الإنخفاض الحاد للإيرادات الحكومية التي سجلت 608 مليار ريال.&

&
وبرغم حجم العجز، الذي بلغ 367 مليار، إلا أن تغطية جزء منه من الإحتياطيات المالية ساعد على خفض حجم الدين العام الذي بلغ بنهاية العام الحالي 143 مليار ريال، أي ما يمثل 5.8 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر جيد يساعد على مواجهة المتغيرات المالية مستقبلًا.
&
رفع سقف النفقات
&
اللافت في أرقام العام 2015 إلتزام الحكومة بحجم نفقاتها المعتمد في الموازنة التقديرية، غير أن الأوامر الملكية ذات العلاقة بمكافأة الموظفين والموظفات ومخصصات البنية التحتية الطارئة، تسببت في رفع سقف النفقات. وإلتزامها أيضًا بسقف الإنفاق المعتمد يساعد كثيرا في ضبط الموازنة؛ وعدم تحميلها نفقات إضافية تتسبب في زيادة العجز، وبالتالي الدين العام.
&
وأشار البوعينين أن إرتفاع نسبة الدخل الحكومي غير النفطي في السعودية إلى نحو 27 % من مجمل الإيرادات الحكومية في العام الحالي أمر لافت ويبعث على التفاؤل للوصول نحو نقطة توازن الدخل الحكومي وتنوعه مستقبلًا.
&
وأضاف أن أرقام موازنة العام 2016 تكشف عن &رؤية الحكومة المستقبلية وتوجهاتها نحو إستدامة النمو وإستكمال مشروعات التنمية ودعم القطاع الخاص، الذي ربما كان أكثر الخاسرين من أي خفض مفاجىء في الإنفاق الحكومي. &
&
إلى ذلك، يعتقد المراقبون أن خفض الإنفاق التدريجي هو الخيار الأمثل مع إنهيار أسعار النفط، وإمكانية إنخفاضها عن مستوياتها الحالية، وبالتالي إنخفاض &الدخل الحكومي بوتيرة متسارعة قد تتسبب مستقبلا في &تفاقم العجز وتراكم الديون السيادية. كما وأن إعتماد إنفاق 840 &مليار ريال، برغم توقعات الدخل المتحفظة، سيشكل تحديا كبيرا للحكومة، وإذا ما أضفنا إلى ذلك إمكانية إنخفاض أسعار النفط عما هي عليه اليوم، فسيكون الأمر أكثر صعوبة مما نتوقع، وقد يكون بند "دعم الموازنة" المحدد بـ 183 مليار ريال علاجا لمتغيرات الدخل مستقبلا، ما يعني تمتع الموازنة بمرونة أكبر تسهم في خفض المخاطر، وتضع البدائل المناسبة أمام متخذ القرار. &&
&
إصلاحات&
&
إعتماد حجم الإنفاق الحالي ربما كان على علاقة مباشرة بالإصلاحات الإقتصادية والمالية والهيكلية الشاملة، التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال مجموعة من المعطيات، ومنها القطاع الخاص والحكومة والأفراد والمجتمع. وكذلك فإن تحقيق كفاءة الإنفاق بات شعارا لموازنة العام الحالي، ومن خلال مراقبة حجم الإنفاق للعام الماضي وآليته، يمكن القول أن هدف تحقيق كفاءة الإنفاق بات مطبقا بشكل أكبر، إلا أننا في حاجة لمراجعة بعض &آليات القياس، وتقييم المشروعات ومراقبة الإنفاق وتحقيق معايير تنافسية تجاه المناقصات الحكومية، التي سيسهم تطبيقها في الحد من الهدر والفساد.&
&
إضافة إلى ذلك، فإن تفعيل دور الجهات الرقابية؛ وزيادة صلاحيات مجلس الشورى في جانب مساءلة الوزراء والرقابة على مشروعات الوزارات &الإستراتيجية &وموازناتها سيسهم في تحقيق النزاهة، و كفاءة الإنفاق.
&
وفي هذا الإطار، فإن تحدي الدخل سينعكس على حجم العجز، وبالتالي ستكون الحكومة مسؤولة عن توفير التمويل المناسب لسد العجز المقدر بـ 326 &مليار ريال؛ وهو مبلغ كبير لا يمكن توفيره من خلال السندات المحلية، التي قد تقضي على السيولة المتاحة إن إستطاعت البنوك تحمل جزء منها، ما قد يحرم القطاع الخاص من الحصول على التمويل المناسب، عوضا عن تسببها &في رفع تكلفة التمويل.&
&
وفي وقت تفكر فيه الحكومة &ضبط إنفاقها مستقبلا؛ يصبح أمر توفير مصادر تمويل بديلة من خارج &السوق المحلية غاية في الأهمية لضمان حصول القطاع الخاص على التمويل المناسب من القطاع المصرفي، وبرغم حساسية السندات الدولية؛ تبقى الخيار الأنسب في الوقت الحالي؛ إضافة إلى الإستفادة من عوائد الإستثمارات الخارجية، وربما سحب جزء من الإحتياطيات.
&