استقال بيتر أوبورن من صحيفة دايلي تلغراف البريطانية لأنها أخفت تقارير عن ثقب أسود في حسابات مصرف أتش أس بي سي السويسري، ففجر قضية صحفية كبيرة في بريطانيا.
إعداد عبد الاله مجيد: قدم بيتر اوبورن، كبير المعلقين السياسيين في صحيفة ديلي تلغراف البريطانية، استقالته متهما الصحيفة بممارسة شكل من أشكال الاحتيال على قرائها، في تغطية فضيحة مصرف اتش اس بي سي، وتورط وحدته السويسريه في مساعدة زبائن أثرياء على التهرب من الضرائب.
واجب دستوري
وقال اوبورن في استقالته إن صحيفة ديلي تلغراف امتنعت عن ايلاء قصة اتش اس بي سي الاهتمام اللازم "بسبب مصالح تجارية". واضاف أن واجبًا دستوريًا يقع على عاتق الصحف لنقل الحقيقة إلى قرائها.
وقالت ديلي تلغراف إن بيان الاستقالة الذي نشره اوبورن على الانترنت "هجوم مستغرَب ولا اساس له، وهو مليء بعدم الدقة".
واشار اوبورن في البيان إلى انه استقال من الصحيفة بسبب "مسألة ضمير" في عدد من قراراتها التحريرية. وأثارت أوبورن ردود افعال واسعة بين الصحافيين ورؤساء التحرير ومدراء المؤسسات الاعلامية، فقال بعضهم إن استقالة اوبورن "مذهلة" فيما وصفها آخرون بـ"المتفجرة".
حدود غير واضحة
نقلت بي بي سي عن البروفيسور جاي روزن، من جامعة نيويورك، قوله إن بيان الاستقالة من أهم ما كتبه صحافي عن الصحافة مؤخرًا، مشيرًا إلى اتهام ديلي تلغراف بـ"خيانة" قرائها.
وتأتي استقالة اوبورن في وقت تمر الصحافة الورقية بأزمة. وشهدت صحيفة ديلي تلغراف هبوط مبيعاتها الورقية بنحو 50 في المئة خلال السنوات العشر الماضية. ولاحظ مراسل بي بي سي لشؤون الاعلام والفن ديفيد سيليتو: "كلما قل انفاقنا على الصحف زادت حاجة اخبارنا إلى تمويلها من شركات". وأضاف: "الحدود الواضحة بين الأخبار والاعلانات لم تعد واضحة في عالم الانترنت، بل أن كثيرًا من الاعلانات تبدو أكثر فأكثر وكأنها تقارير خبرية".
تغطية مجهرية
لكن اوبورن ذهب أبعد من ذلك، قائلا إن مدراء "في الظل" يتدخلون على نطاق واسع في التغطية الاعلامية الأساسية. وأكد انه كان يعتزم الاستقالة بهدوء إلى أن رأى تغطية ديلي تلغراف لفضيحة اتش اس بي سي وفرعها السويسري.
وقال: "المرء كان يحتاج إلى مجهر للعثور على تغطية ديلي تلغراف، بالمقارنة مع تغطية الفضيحة في الصحف البريطانية الأخرى. وصرح للقناة الرابعة في التلفزيون البريطاني قائلًا: "أتحدث باسم الغالبية العظمى من اعضاء أسرة العاملين في ديلي تلغراف، حين أقول إني لا يثق بالرئيس التنفيذي للصحيفة مردوك ماكليلان والأخوين باركلي اللذين يملكان الصحيفة".
الثقب الأسود
وبيّن أوبورن أنه كتب تقريرًا عن اغلاق المصرف حسابات المسلمين البريطانيين، وقدمه إلى الصحيفة في العام الماضي، "لكنها رفضت نشره على موقعها، وعندما تحريت الأمر& تلقيت اعتذارات مقنعة، وقيل لي بعد ذلك أن هناك مشكلة قانونية دعت إلى عدم نشره".
ونسب موقع صحيفة "هافنغتون بوست"لأوبورن قوله: "عندما سألت الدائرة القانونية عن ذلك، تبين لي أن المحامين ليسوا على علم بأي صعوبات من هذا النوع، فاستفسرت مجددًا عن مصير التقرير، ليأخذني احد المدراء جانبًا ويقول لي إن هناك قضية من نوع ما مع اتش اس بي سي".
واشار أوبورن إلى أنّ مقالًا كتبه المراسل المصرفي السابق في الصحيفة يفصل فيه "الثقب الاسود" في حسابات هذا المصرف، ونشر على موقع دايلي تلغراف، لكن سرعان ما سُحب.
مسؤولية الاعلانات
واتهم أوبورن الصحيفة بـ "خداع قرائها في عدم تغطيتها فضيحة ممارسات مصرف اتش اس بي سي السويسري"، ناشرًا نقدًا لاذعًا للصحيفة في مقال على موقع Open Democracy أو الديموقراطية المفتوحة، ومؤكدًا إخفاء ادارة الصحيفة تقارير عن "ثقب اسود" في حسابات المصرف السويسري، "بناء لالحاح ادارة الاعلانات".
وقال متحدث باسم صحيفة ديلي تلغراف: "التمييز بين الاعلان وعملنا التحريري، الذي فاز بجائزة، كان بتسم دومًا بأهمية اساسية عندنا، وندحض قطعًا أي إدعاء خلاف ذلك".
التعليقات