افتتح تنظيم "داعش" في مدينة الرقة السورية مدرستين لتعليم الجهاد والعلوم الشرعية لأبناء وبنات المقاتلين الأجانب في صفوفه، لكن باللغة الانكليزية تماشيا مع خصوصيتهم.


بهية مارديني: في مؤشر جديد وخطير على تنامي ظاهرة المقاتلين الأجانب في سوريا، أعلن تنظيم "داعش" في محافظة الرقة عن افتتاح مدرستين جديدتين تدرسان باللغة الإنكليزية إحداهما للذكور وحملت اسم "أبو مصعب الزرقاوي" ( مدرسة كاظم سابقاً) ، والمدرسة الثانية للإناث سميت بـ"مدرسة عائشة".

وقال "ديوان التعليم" لدى داعش إن "المدارس الجديدة لتدريس الأطفال من عمر السنة السادسة وحتى الرابع عشرة من أبناء المهاجرين الأجانب باللغة الإنكليزية".

ووزع تنظيم داعش في مدينة الرقة اعلانا باللغة الإنكليزية، موضحا فيه أن هذه المدارس ستكون مفتوحة لخمسة أيام في الأسبوع معتبرين الخميس والجمعة عطلة رسمية على أن يكون الدوام& من الساعة التاسعة وحتى الثانية عشرة ظهراً.

كما ذكر الإعلان أنّ المواد التي ستُدرّس باللغة الإنكليزية هي: "العقيدة، الحديث، السيرة، الفقه، التربية ،الجهاد ، الرياضيات، فيما مادتا اللغة العربية هما : القرآن الكريم ومادة اللغة العربية".

مواقع الكترونية منها موقع "كلنا شركاء" نشرت نص دعوة الأهالي الراغبين في إلحاق أبنائهم بالمدرسة أن يزوروا المكان الذي حددوه عبر خريطة الإعلان، كما دعوا المدرسين الراغبين في التدريس إلى مراجعة تلك المدارس.

وقد سبق للتنظيم أن أوقف العملية التعليمية في مدينة الرقة وأوقف المدرسين عن عملهم "ريثما ينتهي من إعداد المناهج الدراسية بعد أن استبعد منها مادتي الفلسفة والكيمياء، واعتبرهما مادتين لا تتفقان مع الشريعة الإسلامية وكفرا وزندقة "، كما أقام دورات شرعية للمعلمين الراغبين في ممارسة مهنة التعليم في مناطق سيطرة داعش وفق ما أسماه "توبة المدرسين".

وكان "ديوان التعليم" لدى داعش أصدر بيانا أعلن بموجبه إيقاف المنظومة التعليمية بتاريخ 20/12/2014 ريثما "يتم الانتهاء من إعداد المناهج الجديدة المنضبطة بضوابط الشرع الحنيف وايقاف عمل جميع المعلمين السابقين إلى حين استتابتهم، حيث يستتيب المعلم ويتم تحديد موقفه من قبل اللجنة الشرعية المختصة، ويخضع إلى دورات شرعية تطويرية وتأهيلية وبعدها يتم تعيين الكفاءات كلٌ حسب تخصصه".

وأوضح البيان صدور اجراءات عدة لديوان التعليم في دولة الخلافة حيث شددّ على "منع التدريس بالمناهج القديمة في مناطقه سواء كان في المدارس الخاصة أو العامة أو دورات، وقرر منع رعاياه الالتحاق بالمدارس التي تقع خارج حدود الدولة الاسلامية والتي ترسخ المناهج (الكفرية)، وتوعد التنظيم المخالفين لقراراته وتعميمه بإنزال العقوبة الشرعية الرادعة لهم و التعرض للمساءلة القضائية".

وقال ان مرجعيته هي بحث أعدته هيئة البحوث والافتاء بعنوان (رسالة توضيحية في بيان حكم المنظومة التعليمية في الحكومة النصيرية)".

وكان تنظيم داعش قد أنشأ أيضا معهدا لتدريب الأطفال على القتال وفق عدة مستويات تحت اسم (معهد الفاروق) لتدريس الأطفال أحكام الجهاد والشريعة وقدر عدد الاطفال المنتسبين اليه بمئة طفل.

والمشكلة الاساسية في محاولة دراسة ظاهرة المقاتلين الأجانب وفهمها أنه لا توجد معلومات أو احصاءات دقيقة عن حجمهم داخل كل فصيل مسلح.

لكن الفصائل "الجهادية" المتطرفة مثل جبهة النصرة وداعش تجذب عناصر أجنبية بشكل أكبر.

واعتبر موقع التقرير في دراسة لاستكشاف هذه الظاهرة " أنه يحلو للغربيين التهويل من الأمر بذكر أن عدد المقاتلين الأجانب في سوريا بلغ حوالى 20 ألف مقاتل خلال 3 سنوات فقط، وهو ما يساوي أربعة أضعاف العدد في أفغانستان خلال 13 عامًا منذ 1979، أو في البوسنة والهرسك خلال 3 أعوام من 1992 حتى اتفاق دايتون في 1995".

ويشير في هذا السياق الى تناسي الغربيين "أن الحرب الأهلية الإسبانية (1933-1936) شهدت واحدة من أكبر المشاركات للمقاتلين الأجانب على الجانبين، حينما شارك أكثر من 50 ألف مقاتل من حوالى 14 جنسية مختلفة تتراوح بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا في الشمال إلى فلسطين في المنطقة العربية".

واعتبر أن "سوريا لم تبتدع هذه الظاهرة، ولا هي ظهرت بشكل مفاجئ أيضًا، حيث لم يكن هذا العدد بهذه الضخامة عند بداية الحرب (11 ألفًا في ديسمبر 2013) ولولا تلكؤ الدول الغربية في إسقاط الأسد مبكرًا لما وصلنا لهذا الفراغ الذي استدعى الجهاديين لملئه، ومن ثم استدعاء الغرب مرة أخرى لهزيمتهم التي لم تكن منذ غزو العراق".

ورأت الدراسة أنه "لا يشكل المقاتلون الأجانب مشكلة كبيرة أثناء الحرب في العادة، طالما يقاتلون جميعًا تحت قيادة موحدة تأتمر بأمر الجبهة التي قد انحازوا لها. في هذه الحالة يكون هناك انضباط كبير وعدم تناقض في الأهداف بين المقاتلين الأجانب".

ولكن الدراسة تحدثت عن أبعاد المشكلة بعد انتهاء الحرب حيث" سيشكل تشتت المقاتلين الأجانب بين الفصائل صعوبة في السيطرة عليهم حال انتهاء الحرب. كما أن تباين مواقفهم من قضايا محورية مثل الديمقراطية والشريعة وتطبيقها نهاية بتصوراتهم حول حدود الدولة الإسلامية المزعومة، سيصعب من القدرة على استيعابهم في أي إطار تفاوضي على سوريا ديمقراطية مستوعبة للجميع في إطار حدودها الحالية".

وأشارت الى أنه" قد يكون صحيحًا أن التعامل مع مشكلة المقاتلين الأجانب في سوريا سيكون صعبًا وطويلًا، لكنه ليس بالضرورة مستحيلًا".

ويقول الخبراء إنه لا يمكن أن نتجاهل في هذا السياق الداعي الأساسي لوجود المقاتلين الأجانب (الحرب)، فبتوقف الحرب، سيختفي السبب الأساسي لوجودهم ومن ثم التمهيد لإخراجهم وبعودة اللاجئين والمهجرين إلى مساكنهم واستئنافهم لأنشطتهم اليومية، ستكون هناك كثافة سكانية قادرة على ردع الأجانب في حالة رغبتهم في استمرار القمع والحكم القسري للسكان.

ومع عودة السيطرة على الحدود، سواء من داخل سوريا أو من خارجها بالتنسيق مع دول الجوار، سيصعب على المقاتلين الأجانب الدخول إلى سوريا، ومن ثم رفع تكلفة الدخول بشكل كبير. قد تتطلب السيطرة على الحدود في سوريا النجاح في هزيمة داعش في العراق أو على الأقل قطع الاتصال بينها وبين حلفائها في سوريا، من أجل ضمان استقرار الحدود بين البلدين، ومنع تسرب الأسلحة والمقاتلين عبرها في اتجاه أي من الدولتين.

وختمت الدراسة بالقول إن هذه العوامل الثلاثة مجتمعة تبث أملًا بأن هذا الكابوس مقترن فقط بالحرب والفوضى، وعند حلول السلام سينقشع تماما.