لا يزال ملف سفّاح (داعش) محمد أموازي يخضع للتدقيق والمتابعة من جانب الأجهزة الأمنية والاستخبارية في كل من الكويت وبريطانيا، فضلًا عن التركيز الإعلامي غير المسبوق.


نصر المجالي: أعلن في الكويت أن الأجهزة الأمنية المعنية ستلتقي جاسم عبدالكريم، والد أموازي، المقيم حاليًا في الكويت، وكان من (البدون)، وهو عراقي الأصل، ويحمل جواز سفر بريطانيًا، وعددًا من أفراد عائلته المقيمين.

وقالت صحيفة (الرأي) الكويتية إن لقاء تلك الأجهزة مع والد محمد إموازي، المعروف في بريطانيا باسم (الجهادي جون)، يأتي في إطار تحقيقات عادية لتسليط الضوء أكثر على تحرّكات محمد، الذي يقول قريبون منه إن أخباره انقطعت منذ ذهابه إلى سوريا قبل نحو سنتين.

يذكر أن جاسم عبدالكريم كان عمل في السابق ضابط شرطة في الكويت قبل هجرته إلى لندن مع عائلته العام 1994، وكان ابنه محمد في سن السادسة من العمر. ويبدو أن جاسم فقد وظيفته في الشرطة، بعد وقوف العديد من أبناء (البدون) مع الغزو العراقي للكويت العام 1990.

وتقول الأجهزة الأمنية الكويتية إن "ملف "ذبّاح" تنظيم (داعش) محمد إموازي، من مواليد الكويت، كان تحت الرقابة والعناية، نتيجة تبادل المعلومات حوله منذ البداية مع بريطانيا وجهات أخرى.

تفاصيل دقيقة
وأوضحت مصادر كويتية أن "السلطات الكويتية تعرف تفاصيل هذا الملف بدقّة، ولم تعلن عنها سابقًا لأسباب تتعلّق بسرية عمليات البحث والتحرّي". من جهتها، نقلت صحيفة (القبس) عن مصدر مسؤول قوله إن بعض أفراد أسرة "ذبَّاح داعش" العراقي الأصل، البريطاني الجنسية محمد أموازي، موجودون في الكويت، وأن أجهزة الأمن المختصة اتخذت الإجراءات اللازمة من رصد ومراقبة على مدار الساعة. وأكد المصدر أن بعض أفراد اسرة أموازي، وهم يحملون أيضًا الجنسية البريطانية، يعملون في الكويت.

وردًا على سؤال، قال المصدر إن أموازي زار الكويت مرات عدة، آخرها في 18 يناير (كانون الثاني) 2010، قادمًا من الإمارات، وبقي حتى 26 أبريل (نيسان) 2010، وكان يدخل الكويت عادة مستغلًا حق حَمَلة الجوازات البريطانية في الحصول على تأشيرة.

تعاون مع الغزو
وأكد المصدر أن اسرة أموازي استبعدت من كشوف الجنسية، نظرًا إلى وجود علامات سوداء في ملفها الأمني، ومنها التعاون مع النظام العراقي أثناء الغزو الصدامي. واستنادًا إلى المصدر الرفيع، فإن أجهزة الأمن تقوم بواجباتها على أكمل وجه لحفظ أمن الكويت، وحذر مجددًا من خطر الشائعات على استقرار المجتمع الكويتي، الذي أكد أنه مجتمع متماسك، وعلى ولاء أبنائه للوطن.

وقال المصدر المطلع إن سلطات أمن المطار منعت أموازي من دخول البلاد عام 2011، وذلك بعدما أظهرت التحقيقات المشتركة بين الكويت وبريطانيا أن اسمه ورد في اتصالات تفجيرات لندن عام 2011.

واستبعد المصدر الأمني الكويتي أن تكون زيارات محمد أموازي إلى الكويت سببها تجنيد الشباب، وقال: "في العام 2010 لم يكن هناك شيء اسمه داعش"، مشيرًا إلى أن التحريات دلَّت على أن الزيارات كانت لأسباب اجتماعية، إذ ارتبطت بمشروع خطبة فتاة من فئة البدون، لكنّ خلافًا دبّ بينهما، فانفصلا عام 2010 بعد فترة قصيرة من الخطوبة.

تفكير بالانتحار
إلى ذلك، كان تقرير كشف أن إموازي، الشاب اللندني، الذي يعتقد أنه ذبح عددًا من الرهائن الغربيين، كان قد قال لصحافي بريطاني قبل أربع سنوات إن ملاحقة أجهزة المخابرات البريطانية له جعلته يفكر بالانتحار. وقال إموازي، الذي يشير إليه الإعلام وخبراء على أنه المسلح الذي ذبح خمسة رهائن غربيين على الأقل، لصحافي يعمل في صحيفة (ميل أون صنداي) إن الملاحقة التي تعرّض لها جعلته يشعر وكأنه "ميت يسير على ساقين".

وتدعي جماعة "كيج ـ القفص" البريطانية للحقوق المدنية، التي كانت على اتصال بأموازي، أن جهاز الأمن الداخلي البريطاني MI5 كان يلاحق أموازي منذ عام 2009 على الأقل، وتقول إن إموازي أصبح متطرفًا بسبب هذه الملاحقة. لكنّ رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون ومديراً سابقاً لجهاز الاستخبارات الخارجية MI6 رفضا هذا الطرح، فيما اتهم رئيس بلدية العاصمة البريطانية لندن بوريس جونسون جماعة "كيج" "بتبرير الإرهاب".

وكان إموازي وصف في رسالة الكترونية بعث بها في الرابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) 2010 إلى الصحافي روبرت فركايك كيف أنه باع جهاز كمبيوتر لشخص تعرف إليه عبر الانترنت اعتقد لاحقًا أنه ينتمي إلى واحد من الأجهزة الاستخبارية. وقال إموازي في رسالته "أشعر أحيانًا وكأنني ميت يسير على ساقين، ليس مخافة أن يقتلوني، بل أن أقوم في يوم ما بتناول كمية كبيرة من الحبوب، لأجل أن أنام إلى الأبد. أريد فقط أن أبتعد عن هؤلاء الناس".

زميلان قتلا
وكانت صحيفة (ديلي تلغراف) اللندينة، قالت السبت إن اثنين من زملاء إموازي في المدرسة الثانوية كانا انضما إلى حركات متطرفة، وهما شكري الخليفي، الذي قتل في سوريا ومحمد صقر، الذي قتل في الصومال.

أما صحيفة (دايلي ميل)، فكتبت أن أشقاء إموازي الخمسة اضطروا إلى الفرار من منزلهم الكائن في حي ميدا فيل اللندني، وانتقلوا للاختباء في مكان مجهول، وأنهم طلبوا من السلطات البريطانية منحهم هويات جديدة خشية التعرّض إلى هجمات انتقامية بعد كشف النقاب عن هوية (الجهادي جون).

ونقلت الصحيفة عن صديق مقرب للأسرة أنه تحدث هاتفيًا مع شقيقته، "وهي منهارة نفسيًا تمامًا، وقالت لي إنهم اضطروا إلى الفرار والاختفاء، ويريدون تغيير هوياتهم، وبدء حياة جديدة بعيدًا عن لندن. إنهم يعيشون أوقاتًا عصيبة جدًا، بعدما تسبب الكشف عن هوية إموازي في وضعهم في مهب الخطر، حيث إنه من الممكن أن يتعرّضوا إلى هجمات انتقامية، رغم أنهم لم يفعلوا أي شيء خطأ".

كره اليهود
ونقلت الصحيفة عن زميل دراسة آخر لإموازي قوله، إن هذا الأخير أخبره ذات مرة، أنه "يكره اليهود، ويؤيد المذبحة التي نفّذها هتلر ضدهم إبان الحرب العالمية الثانية". وأضاف زميل الدراسة: "خلال إحدى الحصص الدراسية، قال لنا المدرس إن النازيين وضعوا خططًا للتخلص من جميع اليهود، وعند ذلك سمعت محمد يقول بصوت منخفض: (هذا جيد فهم يستحقون ذلك). وفي البداية اعتقدت أنه كان يمزح، لكنه أكد لي لاحقًا أنه يكره اليهود بشدة، لأنه يعتبرهم سبب معظم المحن. وأكد لي آنذاك أيضًا أنه يكره الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وأنه يريد قتلهما بسبب دورهما في احتلال العراق".

&