فجّر مقترح قرار تقدم به برلماني شيعي بمنح مقاتلي الحشد الشعبي الحصانة القانونية، خلافات لم تتوقف، تسببت بتوقف مقاتلي الحشد عن المشاركة في المعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) في محافظة الأنبار.


عبد الرحمن الماجدي: تدور خلافات في أروقة مجلس النواب العراقي حيال مقترح قانون تقدم به النائب الحالي عن حزب الفضيلة ووزير العدل السابق حسن الشمري يمنح الحصانة القانونية لتشكيلات الحشد الشعبي، ويخوّلها استخدام القوة اللازمة لتحرير المدن وحفظ أمنها.

يشوّه صورتهم
نواب آخرون من الشيعة ربطوا هذا القانون المقترح بمواصلة مقاتلة متطوعي الحشد الشعبي تنظيم داعش في المناطق السنية والأنبار، خاصة التي تتجحفل على حدودها قطعات كبيرة من الحشد الشعبي.

لكن عددًا من النواب السنة رأوا أن المطالبة بتشريع قانون لحصانة الحشد الشعبي أمر&غير صحيح، ويجب ألا يتم، لأنه قد يسيء إلى الحشد، ويعطي صورة بأن مقاتليه يرتكبون جرائم، ويحتاجون حصانة. وكانت اتهامات لمقاتلي الحشد الشعبي بارتكاب جرائم حرق وقتل وسرقة وجّهها ساسة معارضون للحكومة بعد معارك صلاح الدين، التي نجح مقاتلو الحشد الشعبي والجيش العراقي بطرد داعش منها في مطلع الشهر الجاري.

النائب عن ائتلاف القوى الوطنية عبد الرحمن اللويزي رأى أن "الحشد الشعبي يندرج في إطار المنظومة الأمنية، ويخضع أسوة بالجيش إلى أمرة القائد العام للقوات المسلحة، لذا عليه التصرف ضمن الضوابط والسياقات العسكرية".

وبيّن خلال تصريح لجريدة محلية أن المتطوعين ليسوا بحاجة إلى حصانة قانونية، لكونها قد تستخدم لأغراض شخصية، وتنجم منها نتائج "كارثية وانتهاكات غير مقصودة" بحق المواطنين، الذين يعانون الأمرّين جراء الأوضاع الأمنية، مستبعدًا تشريع مثل قانون كهذا.

انتهاكات وخروقات
وأشار إلى حصول "انتهاكات وخروقات واضحة"، خلال معارك تحرير تكريت، لافتًا إلى أن الائتلاف أبدى موقفه إزاء تلك الخروقات، وسجل أعدادها ومواقعها، ورفعها في تقرير إلى لجنة حقوق الإنسان البرلمانية.

عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي سليم شوقي قال إن "مقاتلي الحشد الشعبي ليسوا بحاجة إلى حصانة، فهم أفراد تحت أمرة الحكومة العراقية، وينفذون أوامرهم وفقًا للقانون العراقي، وهم ليسوا مجرمين، حتى يحتاجوا حصانة، وأفعالهم ليست غير شرعية حتى نحصنهم".

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام عراقية أن "الاتهامات التي طالت الحشد الشعبي طائفية وسياسية، وتهدف إلى تسقيطه من قبل أجندات دولية واقليمية، لكن هذه الاتهامات لم ولن تنجح، لأن الحشد يقاتل عن العراق والعراقيين جميعًا، ولن توقفه أباطيل قابعون في فنادق إربيل وأنقرة"، مبينًا أن "من يسيء إلى الحشد الشعبي هو من يحتاج قانونًا لمحاسبته، لا أن نشرع قانونًا يحصّن الحشد، لأنه قوة نظامية قانونية حكومية".

دوافع وطنية
وأوضح شوقي أن "تشريع قانون لحصانة الحشد قد يعطي صورة عن أن الحشد يرتكب مخالفات، ونحن نحصّنه، لكنه بعيد عن كل الشبهات"، مشيرًا إلى أن "تبني قانون كهذا قد يسيء إلى الحشد الشعبي، ويعطي رسالة مفادها أن الحشد يرتكب جرائم، والحصانة تأتي لحمايته من الجرم الذي يرتكبه، لذا فالمطالبة بالحصانة لمقاتلي الحشد أمر غير صحيح".

أحد قادة الحشد الشعبي رأى دعوة النائب حسن الشمري نابعة من "دوافع وطنية"، مشيرًا إلى أنها "تضمن لأبناء الحشد حق الدفاع عن أنفسهم في المناطق الساخنة". وكشف أن انتظار صدور الأوامر العسكرية وعدم معالجة المواقف الطارئة والآنية بشكل سريع، أدى إلى استشهاد أعداد كبيرة من عناصر الحشد الشعبي.

وقال لجريدة العالم المحلية إن عناصر "داعش" يختبئون أحيانًا في البيوت، ويتصرفون كمواطنين عاديين ومتضررين، ومن ثم يباغتون القوات الأمنية "بهجمات غير متوقعة"، متحدثًا عن تكرر "هذه الحالات في عدد من المدن".

لجوء للأردن
توقف مشاركة الحشد الشعبي في مجابهة داعش في الأنبار في غرب بغداد، حيث يعتمد الجيش العراقي على بسالتهم القتالية، أدى إلى توجه قادة تحالف القوى الوطنية إلى الأردن طلبًا بتسليح مقاتلي الشعائر السنية لمواجهة داعش، ليكون بموازاة دعم إيران لمقاتلي الحشد الشعبي.

بيان الديوان الملكي الأردني لم يشر إلى طلب المساعدة من الأردن، مكتفيًا بالقول إن الملك عبدالله بحث في قصر الحسينية في عمّان مع رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، وأسامة النجيفي نائب الرئيس، وصالح المطلك نائب رئيس الوزراء "التطورات الراهنة في المنطقة، وبشكل خاص مستجدات الأوضاع على الساحة العراقية، وجهود الحكومة العراقية في محاربة التنظيمات الإرهابية. وأشار البيان إلى دعوة نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، إلى دور عربي أكبر لمساعدة العراق، والعمل على استقرار المنطقة، حسب البيان.

لكنّ عضو تحالف القوى عبد العظيم العجمان، ونواباً سنة آخرين يرون أن "التدخل الإيجابي من قبل الأردن سيكون شبيهًا بالتدخل الإيراني الإيجابي بدعم فصائل الحشد الشعبي، ويكون حلًا جيدًا لدعم العشائر، التي تواجه تشظيًا وخلافات، لا تسمح لها بتحرير المدن بمفردها".

خلافات عشائرية
وأشار العجمان إلى أن "الحشد الشعبي لا يقبل التدخل بدون الحصول على حصانة للمقاتلين الذين يشاركون في معارك في مناطق سنية". فلا مفر من طلب مساعدة الأردن الجار الغربي للعراق، ليكون تدخله بموازاة تدخل الجار الشرقي المتمثل في إيران. ولم يخفِ زوار الأردن وجود خلافات عشائرية في محافظة الأنبار ترفض دخول مقاتلين شيعة للمحافظة ومقاتلة داعش، الذي يحتل أجزاء واسعة منها.

وكان نواب شيعة، أبرزهم وزير العدل السابق وعضو اللجنة القانونية في مجلس النواب حسن الشمري، قدموا طلبًا إلى البرلمان، يفترض حصول المقاتلين في فصائل (المقاومة الإسلامية) والحشد الشعبي على "الحصانة مقابل المشاركة في المناطق التي يتواجد فيها (داعش)".

وكان النائب عن كتلة الفضيلة وزير العدل السابق حسن الشمري طالب في مطلع الأسبوع الجاري بإقرار قانون يمنح الحصانة القانونية لتشكيلات الحشد الشعبي ويخوّلها استخدام القوة اللازمة لتحرير المدن وحفظ أمنها، ودعا قادة الحشد الشعبي إلى عدم المشاركة في أي معركة "من دون إقرار القانون، وفيما أكد أن هذا القانون سيقطع الطريق على من يريد النيل من الحشد الشعبي من داخل العراق وخارجه، أشار إلى أنه سيجمع التواقيع لصياغة هذا القرار في حال خوّل بذلك من قبل الحشد الشعبي، فاتحًا بمقترحه خلافات بين الساسة، كما جرت عادتهم في العراق، تأييدًا أو رفضًا، كلما اقترب مقترح القرار من أحد المكونين الطائفيين في العراق السني أو الشيعي.

&