تزامنت الذكرى العاشرة لانسحاب الجيش السوري من لبنان مع وفاة اللواء رستم غزالة، هذا الانسحاب يرى فيه الكثيرون أنه تحقق من الناحية العسكرية فقط، إذ لا تزال سوريا تتدخّل سياسيًا في لبنان.


ريما زهار من بيروت: عشرة أعوام على خروج الجيش السوري من لبنان، والمفارقة هذا العام كانت أن صودفت الذكرى العاشرة مع وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي في سوريا اللواء رستم غزالة، الذي لعب دورًا بارزًا في لبنان وسوريا، مع وجود الجيش السوري في لبنان، والذي بحسب الكثيرين، كان يملك خزانًا من المعلومات في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.

بعد عشرة أعوام على خروج سوريا من لبنان ما الذي تغير اليوم؟. يقول النائب أمين وهبي (المستقبل) لـ"إيلاف" إن سلطة الوصاية تغيرت اليوم في لبنان، كانت سلطة الوصاية مباشرة على اللبنانيين يمثلها الجهاز الأمني السوري اللبناني، بعد خروج الجيش السوري، نُقلت الراية بالهيمنة على الدولة اللبنانية إلى حزب الله مباشرة، وبالتالي اكتُشف الدور الحقيقي لحزب الله، لأن بعد العام 2005 وخروج الجيش السوري من لبنان، تم مد اليد إلى حزب الله من قبلنا، على أمل أن يلمس رغبتنا في أن نتشارك معه في بناء دولة حقيقية لكل اللبنانيين.

يضيف: "وحزب الله لم يلاقنا إلى منتصف الطريق، وذهب ليقوم بالدور الذي كان يقوم به الجهاز السوري، وما تغير أيضًا أن النظام السوري في الوقت الذي كان يتدخل في شؤون الدول المحيطة، ويزايد على كل القوى السياسية في المنطقة، ابتلي بأن شعبه قد انتفض عليه، حتى لو استطاع أن يشوّه صورة هذه الانتفاضة، فإن الواقع الذي تغير اليوم هو أن الشعب السوري قد انتفض على النظام وكسر خوفه، وهذا النظام مهما بلغ من قوة، فإنه مع كل من يدعمه لن يستطيع أن يرمم الأعطال التي أصابت بنيته.

أدوار مقلوبة
هل يمكن القول إن سوريا خرجت نهائيًا من لبنان أم إنها لا تزال تتدخل بطريقة غير مباشرة؟، لا يعتقد وهبي أن سوريا خرجت من لبنان، فهي لا تزال تتحالف مع بعض الأطراف اللبنانيّة، غير أن الخطوة التدخليّة في سوريا أصيبت بأعباء كثيرة، لأن التدخّل أصبح في اتجاه معاكس، أي إن حزب الله اليوم، والذي كان في وقت من الأوقات يدعمه النظام السوري في هيمنته على لبنان، اليوم حزب الله يذهب إلى سوريا، ليدعم هذا النظام، وبالتالي ليستمر هذا النظام صامدًا ولو شكليًا.

وبالتالي يعتقد وهبي بأن هذا التحالف الذي يمتد من إيران مرورًا بالعراق وسوريا ولبنان، لا يزال يتدخّل في لبنان، والواقع هو نفسه، ومن يدفع الثمن هو المواطن اللبناني الشريف، والدولة اللبنانيّة وانتظام عمل الدستور والمؤسسات هي من يدفع الثمن، واليوم في أيام سطوة حزب الله والنفوذ الإيراني، الذي يدفع الثمن هو المواطن اللبناني والدولة اللبنانيّة.

يتابع إن ما نعيشه من فراغ دستوري اليوم هو بسبب هذا النفوذ الإيراني الممتد إلى لبنان، ويرى هذا النفوذ الإيراني أن الإستحقاق الرئاسي بمثابة ورقة وهو يحدد متى يلعبها.

انعكاس مشكلة اللاجئين
خرجت سوريا، وعاد اللاجئون السوريون إلى لبنان. في هذا الصدد يرى وهبي أن اللاجئين هم إخوة، وصحيح أن لبنان يتحمّل بوجودهم أكثر من طاقته، ولكن نحن نحمّل المسؤوليّة، ليس لهذا النازح الذي هرب من القتل والدمار، بل إلى هذا النظام السوري، الذي لم يمتهن سوى إذلال المواطن السوري.

يضيف وهبي: "يجب حماية اللاجئين وتنظيم وجودهم وإبعادهم عن أي شكل من أشكال الإستغلال، من أجل تأمين عودتهم إلى بلادهم ساعة تسمح لهم الظروف بذلك". ويلفت وهبي إلى أن هناك بعض حالات للاجئين تخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية وأمنية، وهذا ينعكس على الجو السياسي في لبنان.

إنتاج لبناني
بدوره يرى النائب نعمة الله أبي نصر (تكتل عون) في حديثه لـ"إيلاف" أن انسحاب الجيش السوري من لبنان شكّل إعادة القرار السياسي إلى اللبنانيين، بمعنى أن الاستقلال بمعناه الصحيح تحقّق حينها، وتحقّق برفع الوصاية وإنهاء شعار "الوجود السوري شرعي وضروري وموقت".

ويلفت أبي نصر إلى أن الانسحاب شكّل أيضًا تحديًا للبنانيين، إذ أصبح قرارهم بيدهم، فإذا تعثروا بعد هذا القرار من خلال عدم استطاعتهم إصدار قرار إلا بوحي من الخارج سواء كان سوريًا أو غيره، فإن هذا التحدي يكون لم ينفع اللبنانيين بشيء.

ويضيف أبي نصر :" كانوا يقولون إن قانون الانتخاب كان يصنع في الشام، ويُنفذ في بيروت، ومن المفترض أن يصنع وينفذ اليوم في بيروت، وأي قرار داخلي يجب أن يكون من إنتاج لبنان وتصنيعه فقط.
&