يتذكر السفير السعودي في القاهرة أحمد قطان محطات ومشاهد من حياته المهنية، فيتحدث عن القمم العربية وما حصل فيها، وآخرها قمة شرم الشيخ، التي شرعت التدخل ضد الارهابيين.

والدة جيزيل خوري في ذمة الله

الرياض: تحدث السفير أحمد قطان، سفير المملكة العربية السعودية بجمهورية مصر العربية، عن مشاهد أثرت في مسيرته المهنية، في برنامج "المشهد" الذي تبثه بي بي سي العربية، فتناول مشهد اتخاذ قرار تشكيل القوة العربية المشتركة في قمة شرم الشيخ العربية الأخيرة، فقال إن القرار لم يتخذ لمجرد اتخاذ القرار، "فكنا نتعامل مع جماعة إرهابية، والتدخل العربي في اليمن حصل بطلب رسمي يمني، بحسب البند رقم 51 من نظام الأمم المتحدة، وكان دفاعًا عن النفس، وتلبية لخطاب وجهه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لذا لا بد من القول إن هذا التدخل تدخل شرعي".
&
المملكة ممثلة
&
يستذكر قطان مشهدًا عربيًا لا ينساه من الجلسة المغلقة في القمة العربية بسوريا في العام 2008، إذ يصفها بالساخنة، بدأت بعتاب وجهه أمير دولة الكويت إلى العقيد الراحل معمر القذافي، بعدما قال هذا الأخير إن ملوك وأمراء الخليج من أصل فارسي. وكان قطان ممثلًا للمملكة في القمة.
&
وحين تم طرح بند الخلافات العربية – العربية للبحث، "قال القذافي وبشار الأسد إن لا داعي لطرحه اليوم، بغياب خادم الحرمين الشريفين، فقلت لهم إن المملكة ممثلة بي شخصيًا، وأنا مستعد لنقاش الخلافات العربية العربية، وحذرتهم من أنهم سوف يسمعون ما يؤلمهم، فقال بشار الأسد إن لا داعي لفتح هذا الملف الآن، وتأجل البحث فيه، وقد أثنى عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية حينها، على مداخلتي ثناءً حارًا".
&
قصة الصفقة
&
إن ينسى السفير قطان لا ينسى يوم خرجت صحيفة واشنطن بوست بعنوان عريض عن "السفير الذي خدع المخابرات الأميركية"، متكلمًا عن صفقة الصواريخ الصينية التي عقدتها المملكة في العام 1988.
&
يؤكد قطان أنه كان من أقرب الناس إلى الأمير بندر، إلا أنه لم يدر بالصفقة إلا بعدما تمت، "فالأمير خدعنا جميعًا في صفقة الصواريخ الصينية، وكان يسافر كثيرًا إلى الصين، وكان هناك انزعاج من ذلك في السفارة الاسرائيلية، وكانت الادارة الأميركية تطمئن إسرائيل إلى أن السعودية تعقد صفقات سلاح لصالح العراق، لتساعده في حربه ضد إيران، وكانت المفاجأة بوصول الصواريخ الصينية إلى المملكة".
&
يضيف: "كان أقرب الناس إلى الأمير بندر يسافرون معه إلى الصين، ولم يعرفوا بالصفقة، من مبدأ استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان".
&
مع سعود الفيصل
&
في نفس السفير قطان الكثير من الاعجاب يكنه للأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودية لأربعين عامًا، وما زال.
&
يروي: "أتذكر أول رحلة معه إلى إيطاليا في العام 1980، وكنت حينها شابًا، لفت انتباهي فيه أشياء عدة، هي وسامة غير طبيعية، تسلسل أفكار مرتبة حتى الآن، ولا ينسى شيئًا، أذكر أنه أتى إلى السفارة في القاهرة أثناء بنائها، وطلب من المهندس زراعة نوع معين من الأشجار في مكان محدد بالحديقة، وبعد 6 اشهر، أتى في زيارة ثانية ولم يجد الأشجار التي طلبها، فعاتبني عتابًا شديدًا".
&
وكذلك تناول المداخلة النارية التي أدلى بها الفيصل في قمة شرم الشيخ الخيرة، بعد تلاوة رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في دعم النظام السوري. قال: "تم توزيع رسالة بوتين بينما كان رئيس الوزراء المغربي يعلن استضافة المغرب القمة القادمة، وكان الأمير يقرأ الرسالة، فاستشعرت بأنه لن يسكت، وكانت مداخلته من الوقفات الهامة في القمة".
&
الفارق بين القيادات
&
بالنسبة إلى السفير قطان، لا تعني حادثة الحرم المكي، التي جرت في العام 1979 حين حاول مسلحون متطرفون السيطرة على الحرم، لا تعني شيئًا في تاريخ المملكة. يقول: "لم يبقَ أحدٌ من أبناء آل سعود إلا وتوجه إلى الحرم المكي لحمايته والدفاع عنه، فنحن نتحدث عن حرمة المكان".
&
وفي نفس السياق، يتذكر قطان أن الملك الراحل فهد كان مشاركًا في قمة تونس، وكان حينها بعدُ وليًا للعهد، "فجاءه صدام حسين إلى مجلسه وقال له عليك أن تقضي عليهم كلهم، وهنا الفارق في القيادات، فلا ينال العقاب إلا من يرتكب الأخطاء".
&
وقد بدأت علاقته بالملك الراحل فهد خلال زيارته إلى واشنطن في العام 1985، "واستمرت العلاقة على الهاتف، فكان كلما اتصل ولم يجد الأمير بندر طلبني شخصيًا، ثم جاء الملك الراحل عبدالله، وكذلك بدأت العلاقة حين زار واشنطن وكان بعد وليًا للعهد، وقد وقف بجانبي في مواقف صعبة، وحماني، واصر على تعييني مندوبًا للمملكة في القاهرة في العام 2005، وقدم لي النصح بقلب حنون، والموقف الذي لا أنساه ما حييت هو عندما امر بتعييني سفيرًا للعودية في مصر". &
&
ملحمة تاريخية
&
اقترب قطان من الملك سلمان بن عبدالعزيز كثيرًا، فهو يعرفه منذ أكثر من 20 عامًا، "ويقول لي أنه يعتبرني واحدًا من أبنائه، والعلاقة مستمرة حتى يومنا هذا، وهو رجل مثقف من الطراز الأول، وقارئ نهم بعناية فائقة".
&
ويصف قطان انتقال السلطة أخيرًا في السعودية، بعد وفاة الملك عبدالله، بالملحمة التاريخية، "فقد خرج الناس في جميع انحاء المملكة يعزون بالملك عبدالله ويبايعون الملك سلمان، بشكل غير مسبوق، فلأول مرة يأتي في الواجهة أحد أحفاد الملك عبدالعزيز، أي من الجيل الجديد، لكن أبناء الشعب السعودي يعرفون جيدًا الملك سلمان، وكان هناك اطمئنان للقيادة الجديدة، وهو يعرف الأحفاد جميعًا، ويعرف من هو الشخص الذي يمكن أن يكون معه"، نافيًا ما قيل في الصحافة الغربية عن انقلاب في القصر الملكي السعودي.

&