واشنطن: أعرب الجمهوريون في الكونغرس الاميركي عن قلقهم إزاء الاتفاق - الاطار الذي تم التوصل اليه في لوزان بين الدول الكبرى وايران حول برنامجها النووي، مؤكدين تمسكهم بحقهم في أن تكون لهم كلمة في أي اتفاق نهائي يتم التوصل اليه بهذا الشأن.

وقال رئيس مجلس النواب الاميركي الجمهوري جون باينر في بيان ان "معايير اتفاق نهائي تمثل فارقا مقلقا بالمقارنة مع الاهداف الاساسية التي حددها البيت الابيض"، معربا خصوصا عن قلقه ازاء امكان رفع العقوبة عن طهران في المدى القصير.

وأضاف انه "يجب ان يكون للكونغرس الحق في ان ينظر بالكامل في تفاصيل اي اتفاق قبل ان ترفع العقوبات".

ومن المقرر ان تصوت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ في 14 الجاري على اقتراح قانون قدمه سناتوران ويفرض على الرئيس باراك اوباما الرجوع الى الكونغرس في اي اتفاق يتم التوصل اليه مع ايران حول برنامجها النووي.

واعلن السناتوران الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، والديموقراطي روبرت ميننديز، ان اقتراح القانون الذي يحمل اسميهما سيعرض على التصويت داخل اللجنة في 14 نيسان/ابريل. وبعد تبنيه في اللجنة، سيصوت عليه مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب.

ويرغم& اقتراح قانون كوركر-ميننديز باراك اوباما على الرجوع للكونغرس في اي اتفاق يتم التفاوض بشأنه من قبل مجموعة 5+1 (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) مع طهران، ويعطي 60 يوما للبرلمانيين كي ينظروا فيه ويصوتوا عليه، ما يعطيهم بالتالي حق عرقلة تطبيقه.

ولكن البيت الابيض يرفض رفضا تاما هذا الامر، مؤكدا ان ابرام مثل هذا الاتفاق هو من صلاحية السلطة التنفيذية حصرا وان تدخل الكونغرس في هذه المسألة سيخلق سابقة. ولكن الجمهوريين المصرين على موقفهم نجحوا في اقناع عدد من البرلمانيين الديموقراطيين بالانضمام اليهم في دعم المقترح التشريعي.

والخميس جدد السناتور كوركر التأكيد على انه لن يرجئ التصويت المقرر في 14 الجاري. وقال "من المهم الانتظار لمعرفة التفاصيل المحددة للاعلان الذي تم اليوم"، لكنه اضاف "انا واثق من ان التصويت سيكون بغالبية كبرى لصالح" اقتراح القانون. اما شريكه الديموقراطي في اقتراح القانون روبرت ميننديز فجدد بدوره دعمه للاقتراح ولكن بلهجة اقل حدة.

بالمقابل فان برلمانيين جمهوريين مناهضين بشدة لاي اتفاق مع طهران رفضوا الخميس اتفاق لوزان بدعوى انه يبقي لايران قدرة على تخصيب اليورانيوم وعلى البحث والتطوير ويبقي كذلك على منشأة فوردو النووية الواقعة اسفل جبل مما يجعل تدميرها بغارة جوية مهمة شبه مستحيلة.

ومن هؤلاء السناتور ماركو روبيو المرشح المحتمل للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الى الانتخابات الرئاسية في 2016 والذي وصف اتفاق لوزان بـ "الخطأ الهائل". اما المنافسان المحتملان لروبيو في السباق لنيل بطاقة الترشيح الجمهورية جيب بوش وسكوت ووكر فنددا بما اعتبراه تنازلات مفرطة قدمتها الولايات المتحدة لايران في اتفاق لوزان.

وقال جيب بوش "ايران ليست مجبرة على الكشف عن انشطتها العسكرية السابقة وغالبية بنود الاتفاق ينتهي مفعولها في مستقبل قريب".

اما السناتور مارك كيرك الذي شارك في اعداد العديد من القوانين التي فرضت عقوبات على ايران فاعتبر ان "نيفيل تشامبرلين وقع اتفاقا افضل مع ادولف هتلر"، في اشارة الى اتفاقات ميونيخ في 1938. ودعا اوباما الكونغرس الى عدم وأد هذا الاتفاق.

وقال "اذا قتل الكونغرس هذا الاتفاق، من دون الاستناد الى تحليلات خبراء ومن دون اقتراح حل آخر معقول، عندها سيتم اتهام الولايات المتحدة بافشال الحل الدبلوماسي". ومن المفترض ان تبدأ ادارة اوباما حملة في الكونغرس لاقناع البرلمانيين بصوابية الاتفاق.

تعزيز موقف أوباما

ويشكل الاتفاق الاطار الذي تم التوصل اليه في لوزان اختراقا يعزز موقف أوباما الذي راهن الى حد كبير على هذا الملف لتأكيد صوابية سياسته القائمة على اعطاء فرصة للحوار حتى مع اعداء واشنطن.

في حال نجح هذا الاختبار بابرام اتفاق نهائي بحلول نهاية حزيران/يونيو، اي قبل اقل من سنتين على انتهاء ولايته، سيكون الرئيس الرابع والاربعون للولايات المتحدة قد سجل نقاطا في مواجهة خصومه الذين يتهمونه بالتردد -- وحتى بالسذاجة -- وبعدم تحقيق اي نتائج عملية على الساحة الدولية.
&
وفي عالم يشهد "فوضى كبيرة" على حد تعبيره من على منبر الامم المتحدة، يبدو اوباما مضطرا لرؤية الانحراف والتعطيل والنكسات في ملفات كانت ادارته تعول عليها آمالا حقيقية من العراق الى اليمن، مرورا بعملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين المتوقفة تماما.
&
لكن ما زال بامكانه ان يأمل في التوصل خلال ثلاثة اشهر الى اتفاق دولي غير مسبوق يهدف الى منع ايران من امتلاك قنبلة ذرية. وسيشكل مثل هذا الاتفاق بداية فصل جديد بعد 35 عاما على قطع العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وطهران.
&
وفي رد مسبق على الانتقادات استعاد اوباما في تصريح القاه في حديقة البيت الابيض جملة شهيرة للرئيس الاسبق جون كينيدي، قائلا "علينا الا نفاوض ابدا تحت تأثير الخوف لكن علينا الا نخاف من التفاوض".
وقد طبق هذا المبدأ بشكل مدهش -- وغير متوقع -- مع كوبا باعلانه في منتصف كانون الاول/ديسمبر عن تقارب مع هافانا بعدما لاحظ فشل نصف قرن من عزل النظام الشيوعي.
&
وفي تموز/يوليو 2007 في بداية حملته الرئاسية الاولى وسعيا الى التميز عن جورج بوش، اكد المرشح الديموقراطي الشاب انه مستعد لبدء حوار مباشر مع كل من ايران وفنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية على الرغم من الخلافات العميقة مع هذه الدول وخصوصا بشأن حقوق الانسان.
&
وقال ان "فكرة ان امتناعنا عن التحدث الى بعض الدول عقوبة تثير الضحك". وبعد ذلك بعامين، قال اوباما خلال تسلمه جائزة نوبل للسلام في 10 كانون الاول/ديسمبر 2009 في اوسلو ان "العقوبات بدون يد ممدودة والادانات بلا مناقشات" مصيرها الفشل.
&
وبشأن ايران، ذهب اوباما بعيدا في هذا المنطق. ففي 27 ايلول/سبتمبر 2013 قام بخطوة ما كان من الممكن التفكير بها وهي محادثة هاتفية مع نظيره الايراني حسن روحاني، في سابقة من نوعها منذ الثورة الاسلامية في 1979.
&
وهذا بالتحديد ما يأخذه عليه خصومه بشأن ايران وملفات اخرى. فبتأكيده على تمسكه بسياسة اليد الممدودة يضع الرئيس بحكم الامر الواقع الولايات المتحدة في موقف ضعف، كما يرون.
&
ومن هؤلاء جون بولتون سفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة في عهد الرئيس جورج بوش، الذي ندد بقوة بـ "انبهار" اوباما بالاتفاق حول النووي الايراني وبـ "التنازلات الكبيرة" التي قدمتها واشنطن لطهران، بحسب قوله.