أثار مشروع قرار يدين جرائم تنظيم داعش ضد اطفال العراق، مشفوعًا بصيغ طائفية، قدمته الحكومة العراقية الى مجلس النواب، استغرابًا واستياءً بين صفوف المواطنين، الذين اكدوا انه يمثل أسوأ مؤامرة يتعرض لها العراق.
عبد الجبار العتابي من بغداد: أعرب عدد من المواطنين العراقيين عن استغرابهم من مشروع القرار الذي قدمته الحكومة العراقية الى البرلمان يدين جرائم داعش ضد اطفال العراق، والذي تحدث عن هؤلاء الاطفال بصيغ طائفية مثل (اطفال عرب سنّة واطفال عرب شيعة واطفال كرد)، مؤكدين أن من المفترض أن لا تصل مثل هذه الصيغ الى البرلمان لاقرارها.
وأشاروا الى أنه من المؤسف أن يجري تقسيم أطفال العراق الذين يتعرضون لجرائم داعش في قرار للسلطة التشريعية، ومن ثم يتم تأجيله لعدم قناعة البعض بأبعاد شبح الطائفية والمحاصصة عن اطفال العراق.
ودعت لجنة حقوق الانسان في البرلمان الى عدم التفرقة الطائفية والقومية بين أطفال العراق، في مشروع قرار لمجلس النواب عن جرائم داعش الإرهابية ضد الأطفال العراقيين.
اعتراض على التصويت
واوضحت عضو لجنة حقوق الانسان النائبة أشواق الجاف أن التصويت على قرار مجلس النواب عن جرائم داعش ضد الاطفال العراقيين، تم تأجيله، لان احدى فقراته تذكر الأطفال بانتمائهم القومي والمذهبي.
وقالت : إن لجنة حقوق الانسان واللجان المعنية بالقرار (اللجنة القانونية، لجنة المرأة والأسرة)، ترى أن يستخدم بمشروع القرار، مصطلح اطفال العراق، دون ذكر انتمائهم القومي أو الطائفي.
واضافت: يصعب التكهن بما سيحصل تحت قبة البرلمان، وعلى اللجان المعنية أن تطالب باستخدام مصطلح اطفال العراق، دون استخدام اطفال العرب الشيعة والعرب السنة والكرد وغيرهم، ونحن كلجنة لم نطلع على محتوى القرار، ولهذا السبب نعترض على التصويت عليه.
مخالف لإتفاقية حقوق الطفل
يؤكد المحامي كريم سعد الساعدي أن القرار مخالف لإتفاقية حقوق الطفل.
يقول: اعتقد أن الامر تم تمريره من قبل نواب طائفيين، وما اكثرهم في البرلمان العراقي ، وانا استغرب حقيقة ان يدخل مثل هذا المشروع قبة البرلمان وهناك اشخاص على استعداد للتصويت على الرغم من خطورته، ولا اعفيهم من اتهامي لهم بأنهم طائفيون حد العظم.
يضيف: يمكنني أن اؤكد أن النواب لم يقرأوا اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 44/25 المؤرخ في 20 تشرين الثاني / نوفمبر لعام 1989، والتي بدأ العمل بها في 2 أيلول / سبتمبر 1990 وبموجب المادة 49 التي نصّت في جزئها الاول بمادتها الثانية في فقرتها الاولى على أن "تحترم الدول الاطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من انواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الأثني أو الأجتماعي، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر" ، علمًا أن هذه الاتفاقية صادق عليها العراق بتاريخ 15 / 6/ 1994.
وتابع : من المؤسف ان تصل المحاصصة الطائفية الى هذا الحد الذي تصل الأحزاب المهيمنة به الى محاصصة الطفولة، واعتقد انها اسوأ مؤامرة يتعرض لها العراق .
خطاب اعلامي منافق
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عامر القيسي أن هناك نوابًا يسوقون لهذه الطائفية.
يوضح: يقول العراقي حين يغضب من شيء خارج المألوف أو تجاوز ما هو طبيعي ومنطقي بأشواط "صارت بدون ملح" تعبيراً عن أن الحالة اصبحت مثل وجبة الأكل بدون ملح، والتي لا يمكن اكلها الا بمضض !
واضاف : وصلت حدود الاختلاف في البرلمان الى الاطفال وفرزهم الى طوائفهم وافسادهم، يعني فقط نريد أن نسأل ، عن الشخصية أو اللجنة التي صاغت مفردات القانون، والتي ذكرت الاطفال باسماء الطوائف والقوميات، ونريد ان نسأل اي مجلس وزراء صوت بالاجماع أو بالاغلبية على مشروع القرار وقرر ارساله الى مجلس النواب للتصويت عليه؟
وتابع : هل علينا أن نعتب على مروجي الطائفية في المناصب الرسمية وعلى أكثر الفضائيات، على الاصوات التي تنفخ في الفكر الطائفي وتسويقاته الى الشارع، هل نعتب حقاً اذا كانت حكومتنا ترسل قانوناً يصنّف الاطفال طائفيًا، ومجلسا للنواب يختلف على هذه الفقرة، بما معناه، أن نوابًا يدافعون عن وضع صيغة واضحة بهذا المعنى ، وهؤلاء النواب ، بما لايقبل الجدل ، ليسوا من المستقلين ، والاكيد انهم من احزاب المؤتلفة قلوبهم ، وبالتالي يسوّقون لنا اعلاميًا خطابًا نفاقيًا عن المواطنة وروح المواطنة.
مخالف لشرائع الله
يؤكد رجل الدين عبد الحليم العسكري أن هذا المشروع بصيغته هذه جريمة ضد العراق ، وقال : لم اكن اتصور أن تصل الامور بالنواب الطائفيين الى هذه الدرجة ، الى أن يصنفوا الاطفال حسب تصنيفاتهم الطائفية المقيتة ويجرونهم الى النيران التي يشعلونها في ما بينهم.
واضاف: انهم يخالفون شرائع الله والانسانية ، فالله سبحانه وتعالى جعل نزعة التديّن مشتركة بين الناس جميعاً واهتمامهم بالمعنى الإلهي وبما فوق الطبيعة هو إحدى النزعات العالمية الخالدة في تاريخ الإنسان ، كما ساوى بينهم في الخصائص الانسانية لأن الله تعالى خلقهم من مصدر واحد، فلا فرق بينهم ولاتمييز من حيث النشأة والابتداء قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) فلا موجب للتمييز بينهم وهم متساوون في الخلق، كما قال الامام علي عليه السلام : (فانهم صنفان : أما أخ لك في الدين ، وأمّا نظير لك في الخلق)، من هنا لا يمكن التحدث ابدًا عن الاديان والمذاهب وتقسيم الناس عليها.
وختم رجل الدين قائلاً: بعد كل هذا يأتينا برلمانيون طائفيون ليقدموا لنا مشروعًا طائفيًا ضحيته الاطفال الابرياء الذين لا يفهمون معنى هذه التسميات الطائفية ، وكان عليهم أن يكونوا بمستوى المسؤولية الملقاة على عواتقهم، وقد اقسموا انهم سيعملون من اجل الشعب والوطن، ولكن الملوث داخلياً لا يستوعب وجود انقياء ولا نقاء.
التعليقات