فيما يترأس رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في باريس اليوم الثلاثاء وفد بلاده لاجتماع دول التحالف ضد تنظيم "داعش"، التي يلتقي ممثلوها لبحث التطورات الامنية على الارض، فقد عبّر عن عدم رضاه عن أداء التحالف في مواجهة التنظيم وفشله في وقف تدفق الإرهابيين الاجانب الى بلده، وحيث سيدعو دوله الى زيادة دعمها العسكري لقوات بلاده والانساني لنازحيها، اضافة الى بحث خطط تحرير الموصل والرمادي.

لندن: وصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى باريس الليلة الماضية، يرافقه وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد علي ورئيس صندوق اعادة اعمار المناطق، التي تضررت نتيجة الإرهاب، ومسؤولين آخرين، حيث من المقرر أن يطرح ملفات مهمة خلال هذا الاجتماع الذي يشارك فيه وزراء خارجية 24 دولة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش تتعلق بأداء التحالف ومستوى الدعم العسكري الذي يقدمه للعراق من خلال توفيره الغطاء الجوي للقوات العراقية في معاركها ضد التنظيم.

ومن المنتظر أن يأخذ موضع تحرير مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية حيزًا كبيرًا في نقاشات الاجتماع، حيث سيشرح العبادي الخطة التي تعتزم حكومته تنفيذها لاستعادة السيطرة على هذه المدينة وكيف يمكن للتحالف الدولي أن يساعدها في ذلك.

قلق لاستمرار تدفق الإرهابيين الاجانب

وقبيل توجهه الى باريس، وجه العبادي في محاضرة القاها في مركز الرافدين للدراسات العسكرية في بغداد انتقادات لأداء التحالف الدولي ضد داعش، مشيرًا الى ان تدفق الإرهابيين الاجانب لم يتوقف او يقل حتى الان.. واصفًا هذا الوضع بالخطير ويعني ان الجهد الدولي قد فشل، ولم تؤدِ جهوده الى وقف قدوم هؤلاء الإرهابيين.. اضافة الى استمرار داعش في تهريب النفط لتمويل ماكينة الإرهاب التي يقودها.

وحذر العبادي من تمكن داعش&من السيطرة على أجزاء من الأرض العراقية، والعبور لدول الجوار، فإن تلك الدول لن تكون في مأمن من خطره.

واوضح العبادي أن مشاركته في مؤتمر باريس تهدف الى حث دول التحالف الدولي للوقوف مع العراق في مواجهته للإرهاب. واكد ان الوحدة الوطنية مسألة اساسية في الأمن الوطني وفي مواجهة داعش والانتصار عليه.. وشدد على ضرورة أن لايؤثر التنافس بين الكتل على الوحدة بين العراقيين.. وقال: "لذلك سعينا الى ايجاد حلول ومعالجات لتجاوز الكثير من الخلافات والأزمات المتوارثة واجرينا اصلاحات مهمة في مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية على وجه الخصوص".

وقال العبادي في محاضرته هذه حول ادارة الدولة واثرها على الأمن الوطني، إن الأمن لا يتحقق بالعدد وانما بالنوع والأداء.. مشيرًا الى أن هناك ترابطًا بين الأمن الوطني وادارة الدولة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

واستعرض التحديات التي يواجهها العراق والتطورات الميدانية لصالح قواته المسلحة في مختلف قواطع العمليات، مشيراً الى أن تنظيم داعش الإرهابي لم يعد قادرًا على تجنيد مقاتلين من المناطق التي يحتلها، ولذلك لجأ الى استقدام مقاتلين اجانب لمواجهة النقص الكبير في اعداد المنتمين والمقاتلين معه. وشدد على أن هزيمة داعش حتمية امام الاستعداد العالي للقوات العراقية والحشد الشعبي للتضحية على طريق الانتصار.

ولذل فمن المنتظر أن يعرض العبادي على اجتماع باريس رؤية بلاده حول استراتيجية مواجهة تنظيم داعش ومتطلبات المعركة المقبلة لتحرير الموصل من سيطرة التنظيم والاسراع في تقديم الاسلحة والعتاد للقوات العراقية.. كما سيدعو الى توسيع المساعدات الدولية الانسانية الى نازحي بلاده الذين يقترب عددهم من الثلاثة ملايين نسمة. وسيؤكد العبادي في كلمة له على ضرورة دعم العراق تسليحاً وتدريبًا وبالاستشارات عسكرية بشكل جدي وعاجل، اضافة الى التعاون الاستخباري لوقف تدفق المقاتلين الاجانب الى بلاده للقتال الى جانب داعش.

وفي هذا المجال، قال المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء سعد الحديثي إن مؤتمر باريس يشكل فرصة مهمة لطرح رؤية العراق في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب واستعراض جهود الحكومة في تعزيز لحمة الشعب العراقي واستنفار كل طاقات المكونات المجتمعية في الحرب على الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية التي يمر بها العراق.

وأضاف الحديثي في تصريح نقله المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقية الرسمية أن العراق سيطرح في الاجتماع رؤية متكاملة بشان آلية وسبل الدعم التي يقدمها المجتمع الدولي ودول التحالف في هذه المرحلة.. مؤكدًا على ضرورة دعم العراق على المستوى الاغاثي والإنساني والإيوائي في ظل وجود ثلاثة ملايين نازح يحتاجون إلى دعم المجتمع الدولي. وأشار إلى أن الدعم العسكري ينبغي أن يكون مشفوعًا بالدعم الإنساني والمالي حتى الانتصار على الإرهاب.

ممثلو 24 دولة يشاركون في الاجتماع

&وبحسب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان ندال، فإن المشاركين في الاجتماع سيؤكدون الارادة المشتركة لدحر الإرهاب والبحث في اهمية التوصل الى حل سياسي شامل لتحقيق مصالحة وطنية في العراق.

واضاف أن هدف الاجتماع توجيه رسائل صارمة بشأن ضرورة التوصل إلى حلول سياسية دائمة للأزمة العراقية التي تعتبر السبيل الوحيد لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي بفعالية والاصرار على دعم الحكومة العراقية من اجل التنفيذ الفعلي لعمليات الاصلاح الضرورية لتحقيق المصالحة الوطنية.

واوضح ندال أن "تطورات الوضع الامني في العراق على ضوء عمليات "داعش" ستكون محور مباحثات الاجتماع الوزاري المصغر الثاني لوزراء الشؤون الخارجية للتحالف ضد التنظيم بحضور 24 مشاركًا بين دول ومنظمات دولية بهدف تعزيز جهود القضاء عليه". واشار الى ان الاجتماع سيتطرق ايضًا الى الازمة السورية نظرًا لتطورات الوضع على الصعيد الامني هناك.

وقال إن الاجتماع الذي يأتي في إطار اللقاءات المنتظمة لأعضاء التحالف يهدف بشكل رئيسي إلى "تبادل وجهات النظر بخصوص استراتيجية التحالف في وقت يعتبر فيه الوضع الميداني هشًا جدًا وإعادة تأكيد عزمنا المشترك على دحر الإرهابيين المتطرفين التابعين لتنظيم داعش".

رسالة قوية الى الحكومة العراقية

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن اجتماع باريس يهدف ايضا الى تمرير رسالة قوية للحكومة العراقية بضرورة اشراك اوسع للسنة والاكراد في مراكز القرار والقوات الامنية. واضاف في تصريح صحافي "لقد ربطنا الدعم العسكري للتحالف بتعهدات سياسية من قبل الحكومة العراقية الجديدة.. ما نسميه سياسة جمع كافة الاطياف.. يجب أن يحترم هذا العقد بشكل افضل الان".

ويأتي الاجتماع في اعقاب ايام قليلة من تمكن تنظيم داعش السيطرة في 17 من الشهر الماضي على مدينة الرمادي عاصمة محافظة الانبار الغربية السنية.. كما دخل في سوريا يوم 21 من الشهر الماضي الى مدينة تدمر الاثرية وسط البلاد والمدرجة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو.

واثارت انتصارات "داعش" هذه تساؤلات حول استراتيجية التحالف الدولي، الذي شكلته واشنطن، بعد الاختراقات التي حققها التنظيم المتطرف منتصف عام 2014. وبسبب رفضه نشر قوات على الارض يقوم التحالف بشن غارات جوية بلغ عددها حوالى اربعة آلاف غارة خلال 10 اشهر، وتدريب جنود عراقيين للعمليات الميدانية بلغ عددهم لحد الان حوالي 10 آلاف رجل.

وقد شكك وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر الاسبوع الماضي بإرادة الجيش العراقي في القتال، لكن خبراء عزوا ذلك الى قلة الاسلحة والتدريب وضعف الدعم اللوجيستي.
&