بدأت شركة لوفتهانزا منذ العام 1999 تزويد طائراتها بما يلزم للتعويض عن صالة طوارئ طبية أثناء رحلاتها الجوية الطويلة، وبدأت منذ مطلع حزيران (يونيو) الجاري تزويد طائراتها الكبيرة بصالة اسعاف فوري متكاملة.
ماجد الخطيب: لا يجد آلاف المرضى المحرومين من العلاج المناسب لحالاتهم في مستشفيات بلدانهم، وسيلة للسفر جوًا إلى البلدان المتقدمة طبيًا، بسبب حالاتهم الصحية المتدهورة التي يتعذر معها نقلهم دون رعاية طبية دائمة.
ولا يخلو تاريخ الطيران من حالات طارئة تتطلب التدخل الطبي السريع، أو ربما الجراحة العاجلة، أو الاسعاف الفوري، بين الولادات المتعسرة وجلطات القلب المفاجئة، وتتطلب وجود التجهيزات اللازمة لاسعاف المرضى وانعاشهم، وبالتالي انقاذ حياتهم.
معدات وخبراء
بعد تحوير بعض طائرات ايرباص 320، التي تستخدمها خطوط لوفتهانزا، إلى صالات حجر مغلقة لنقل وعزل ومعالجة المصابين بمرض ايبولا، عملت لوفتهانزا الآن على تزويد طائراتها الكبيرة بغرف عناية فائقة مجهزة أفضل تجهيز تحسبًا للطوارىء. وسبق للشركة أن زودت طائراتها الكبيرة، على خطوط الطيران البعيدة بمراحيض خاصة داخل كابينة القيادة لضمان عدم خروج الطيار أو مساعده.
كانت "اجراءات" الاسعاف الأولى تقتصر على المعدات الطبية&والخبراء لمعالجة المريض وهو على مقعده أو داخل "خيمة" صغيرة تنصب حول مقعده، لكن وحدة الاسعاف الفوري صارت تحمل الآن اسم غرفة نقل المرضى (PTC, Patient Transport Compartment)، وتم تجهيزها على الطائرات الكبيرة من طراز ايرباص 330 و340، وأيضًا داخل طائرات بوينغ الاميركية، التي تستخدمها لوفتهانزا، من طراز 707-400.
وتضع لوفتهانزا في عين الاعتبار أن كلفة هذه الغرفة الخاصة الاضافية ستعوض الكثير من الحالات التي تكلف مالًا أكثر، وتتطلب الهبوط الفوري في مطارات غير المطارات المحددة للنزول، كما ستقتصد بالكثير من الوقت والاعصاب والتعويضات.
طبيب ومسعف متخصص
سيتطور القسم الطبي المرافق أيضًا مع تطور غرفة نقل المرضى بهدف التصدي لكل حالات الطوارىء المحتملة. وعلى هذا الأساس، سيكون هناك طبيب مختص للعمل في الغرفة، وخصوصًا خلال الرحلات البعيدة المدى، يساعده ممرض اسعاف مختص سيجري اعداده كفرد من طاقم الطيران الذي يضم الطيارين والمضيفات.
وذكرت مصادر شركة لوفتهانزا أن إدخال غرفة نقل المريض على طائراتها سيعني أيضًا توسيع القسم الطبي الملحق بلوفتهانزا، علمًا أن لوفتهانزا تحتفظ بطاقم طبي خاص بها يهتم بصحة الطيارين والمضيفات، في حين تستخدم خطوط الطيران العالمية الأخرى أطباء مختصين من خارج شركاتها لرعاية طواقم الطيران.
لا تزيد مساحة غرفة نقل المرضى عن 210X 320 سم، ولا تتسع بالتالي سوى للمريض، لكنها مجهزة لاستقبال المرضى على مختلف أمراضهم واحتياجاتهم الطبية. وتم تزويد الطائرة بكافة ما يحتاجه الطبيب لمواجهة كافة الاحتمالات، لكن الأجهزة الأهم تم اختيارها لمعالجة أكثر الحالات الطارئة شيوعًا التي تسجلها منظمات الرقابة على الطيران في سجلاتها، وهي أمراض القلب والسكتات الدماغية وحالات الولادة الطارئة وأمراض الجهازين التنفسي والهضمي.
ولأن نسبة الحالة الطبية الطارئة تحدث في الرحلات الجوية بنسبة تقل عن 1%، فقد تم إنتاج هذه الغرفة كغرفة ثابتة في الطائرات الكبيرة، وكغرفة متحركة في الطائرات الصغيرة. وواضح أن مثل هذا الترتيب يفيد في معالجة الحالات الطارئة التي تحدث أثناء الطيران في الأعالي، كما تستجيب لحاجة نقل مريض في حالة طارئ من مطار دولة إلى مطار دولة أو مدينة أخرى.
غرفة ثابتة وأخرى متحركة
يستطيع الطبيب ومساعده واثنتان من المضيفات بناء الغرفة وتنظيمها وترتيب أجهزتها خلال أقل من ساعة، يتم قبلها اسعاف المسافر على كرسيه. وزود التقنيون مؤخرة الطائرة بصفين من المقاعد يمكن إزالتهما بسهولة، كي يفسح&المجال لبناء جدران غرفة نقل المرضى المتحركة.
وتكون الغرفة مبنية وجاهزة عند نقل مريض ما جوًا، وينبغي أن يكون الطاقم على علم مسبق بحالة المسافر المرضية كي يعد الأجهزة اللازمة لرعايته. ويجري اركاب المريض أولًا عند الاقلاع، ويكون الأخير عند الهبوط، ويتم رفعه داخل السرير إلى الطائرة بواسطة رافعة خاصة اعدت لهذا الغرض.
وتحسبًا لأية مشكلة في الأجهزة، سيتولى مختصون فحص الأجهزة الطبية في غرفة نقل المسافرين، كما هي الحال مع فحص الطائرة الاعتيادي قبل الاقلاع. وزيادة في الاحتياط، ورغم صغر مساحة الغرفة، عملت لوفتهانزا على تجهيزها بأجهزة احتياطية للأجهزة الاساسية، ويسري ذلك بشكل خاص على أنظمة تخطيط القلب وقياس التنفس وجهاز إزالة رجفان القلب وشاشات عرض نتائج الفحوصات. وهناك اسطوانتا اوكسجين تحت سرير المريض من سعة 1300 لتر، إضافة إلى عدد كبير من مختلف الأدوية.
وتتوقع ادارة لوفتهانزا أن يجري استخدام غرفة نقل المرضى في الرحلات من الخارج إلى ألمانيا، وفي الغالب، من قبل مرضى يرغبون في العلاج في المستشفيات والمصحات الألمانية. وتشترط لوفتهانزا أن يحمل المريض تقريرًا طبيًا يكشف بأنه قادر على السفر، كما ينبغي أن تكون حالته الصحية مستقرة أثناء فترة الرحلة التي قد تستمر 6-12 ساعة (سنغافورة - فرانكفورت مثلًا).
68 ألف يورو لحجز الغرفة
بالنسبة للمرضى الألمان الذين يتعرضون لحوادث خطيرة أثناء التزلج أو الاستحمام، أو لجلطات قلبية أو دماغية وهم في مناطق العالم البعيدة، ويرغبون في العلاج في ألمانيا، يمكنهم تحسبًا دفع مبلغ معين لشركات التأمين قبل السفر كي يشمل التأمين الصحي نقلهم في غرفة المرضى. اما بالنسبة للألمان غير المشمولين بالتأمين الصحي خارج ألمانيا، وبالنسبة للأجانب، فان استعمال الغرفة لنقل مريض سيكلف بين 43 و68 ألف يورو. ولوفتهانزا لا تعتقد بأن هذه الكلفة كبيرة إذا ما قورنت بكلفة استئجار طائرة طبية مختصة.
وتعتمد الكلفة بالطبع على طول الرحلة وحالة المريض ومتطلباته، مع ملاحظة أن معظم رحلات لوفتهانزا البعيدة المدى تجري دون توقف، وهذا يعني الاقتصاد بالكثير من الزمن المهم لحياة المريض. كما يشمل المبلغ أعلاه تذكرة طيران أحد أقارب المرضى الذي يفترض أن يرافقه، ويتسع أيضًا إلى تذكرة طبيب مرافق غير طبيب لوفتهانزا بحسب رغبة المريض.
وتتوقع لوفتهانزا، بناء على احصائياتها السابقة حول حالات الطوارىء، أن تستخدم غرفة نقل المرضى نحو 100 مرة في العام، مع وجود إمكانية لاستيعاب أضعاف هذا الرقم استجابة لرغبة الأجانب في العلاج في ألمانيا.
حالة طوارىء لكل 604 رحلات جوية
تقلع الطائرات وتهبط بين مطارات العالم 2,75 مليار مرة في السنة، بحسب إحصائية نشرتها مجلة "نيو انغلاند جورنال أوف ميديسن". لكن نسبة عدد حالات الطوارئ أثناء الطيران، إزاء هذا الرقم الهائل، لا تزيد عن حالة واحدة لكل 604 رحلات جوية على الطائرات التجارية. ويرتفع هذا العدد إلى 44 ألف حادثة في السنة على المستوى العالمي، وحالة كل 50 يومًا في الولايات المتحدة.
تنتهي فقط 0,33 % من الحالات الخطرة، التي تحصل على ارتفاع 30 ألف قدم، بموت المريض أو المسافر، إلا أنه عدد ليس بالقليل مقارنة بـ 750 مليون مسافر على الطائرات سنويًا في الولايات المتحدة فقط.
وتشكل أمراض القلب معظم هذه الحالات، ربما بسبب تغيّر ضغط الجو على هذا الارتفاع. كانت 11 حالة من 11920 حالة طوارىء في الجو على المستوى العالمي حالات تتعلق بنساء في أواخر أسابيع الحمل، وأدت هذه الحالات إلى هبوط اضطراري في 3 حالات فقط.
يتم نقل مسافر من كل أربعة مسافرين، يتعرضون لحالات طبية طارئة، إلى المستشفيات بعد الهبوط، بغض النظر عن طول الرحلة. وأدت 7% من الحالات الطارئة في الجو إلى تغيير مطار الهبوط أو إلى الهبوط الاضطراري على المستوى عالمي.
التعليقات