&في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، أصدر الرئيس المصري السابق محمد مرسي، إعلاناً دستورياً حصن فيه قراراته من الطعن عليها أمام القضاء، كما حصن مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لوضع الدستور من الحل. ويبدو أن الرئيس الفتاح عبدالفتاح السيسي يوشك على السقوط في الخطأ نفسه، لاسيما بعد تقدم الحكومة بمشروع قانون يحصن البرلمان المقبل من الحل، في ظل عدم إعداد مشروع قانون الإنتخابات البرلمانية بما يتوافق مع الدستور الحالي.
&
القاهرة: تسبب إصدار الرئيس السابق محمد مرسي، الإعلان الدستوري في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، في إثارة غضب القوى السياسية والشعبية، وخرجت في مظاهرات مليونية، ما أدى في النهاية إلى اسقاط نظام حكمه، والقضاء على جماعة الإخوان، ونص الإعلان الدستوري على تحصين قرارات الرئيس من الطعن عليها أمام القضاء، وتحصين مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لوضع الدستور من الحل، وإعادة محاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير/ كانون الأول 2011.&
وأثار الإعلان الدستوري موجة من الغضب والسخط، وخرج الملايين في مظاهرات حاشدة، واستمرت موجة الغضب حتى سقط نظام حكم جماعة الإخوان في 3 يوليو/ تموز 2013، بعد أن تدخل الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي، وأعتقل مرسي، ووضع خارطة المستقبل، التي تضمنت اجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية ووضع دستور جديد، خلال ستة أشهر، إلا أنه رغم مرور أكثر من سنتين، إلا أن البرلمان مازال في علم الغيب.
&
تسببت الحكومة في تأجيل الإنتخابات البرلمانية التي كان مقرراً أن تبدأ في 21 مارس/ آذار الماضي، وذلك بعد أن وضعت قانوناً قضت المحكمة الدستورية بأنه غير دستوري، ورغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وعد بالإنتهاء من إعداد القوانين الجديدة خلال شهر، إلا أن ثلاثة أشهر أخرى أنقضت دون أن تخرج القوانين للنور. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أصدرت الحكومة مشروع قانون يبيح تحصين البرلمان المقبل من الحل، وهو ما أثار غضب لدى غالبية القوى السياسية، بينما أيده بعض الأحزاب السياسية.
&
قانون غير مرحب فيه
ووفقاً للدكتور نبيل زكي، القيادي بحزب التجمع اليساري، فإن هذا القانون "غير مرحب به". وأضاف ل"إيلاف" أن ما أنقذ المصريين من حكم جماعة الإخوان المسلمون، هو لجوء الرئيس السابق محمد مرسي إلى إصدار ما سماها "إعلان دستوري" لتحصين قراراته ومجلس الشورى من الحل في ذلك الوقت، مشيراً إلى أن هذا التحصين أشعل ثورة الغضب ضد الجماعة.
&
وتابع: "يجب ألا نفعل ما سبق أن رفضناه وأدناه، ولن نقبل به الآن".
&
واقترح توجيه مناشدة إلى جميع القوى السياسية، إلى أن يكفوا عما سماه "الإسراف في الطعون على القوانين"، مشيراً إلى أن الطعن إذا كان بلا وازع سياسي وأخلاقي سيؤدي إلى تعطيل تشكيل البرلمان المقبل تماماً. شدد على ضرورة أن تتراجع الحكومة عن مشروع قانون تحصين البرلمان، وقال: التحصين لا يكون بقوانين، ولكن يجب أن تكون هناك نداءات عاقلة تجمع عليها الأحزاب والقوى الوطنية، لترشيد الطعون على القوانين".
&
تحصين البرلمان مرفوض
ولفت إلى أن تحصين البرلمان المقبل بالقوانين "مرفوض تماماً، ولن نوافق عليه، ويجب أن يعلم جميع من في الحكومة، أن هذا الخطأ هو ما تسبب في الثورة ضد الإخوان".
&
ازدواجية معايير
وأعتبر رئيس حزب المستقبل المهندس ياسر قورة، أن الاتجاه نحو تحصين البرلمان القادم هو "ازدواجية معايير ملحوظة، مشيراً إلى أن المصريين رفضوا تحصين الرئيس المعزول محمد مرسي قراراته وكان الإعلان الدستوري الذي أصدره في نوفمبر من العام 2012 مثارًا للجدل واللغط بالساحة السياسية"، وشدد على أنه لا يمكن الاعتماد على تلك الآلية نفسها التي تم رفضها من قبل.
وأضاف في تصريح أرسله ل"إيلاف" أن الحل الوحيد لحماية البرلمان القادم من الحل بعيدًا عن فكرة التحصين هو طرح قوانين انتخابات دستورية تتفادى شبهات عدم الدستورية وتتوافق مع ما يأمله الشارع المصري والقوى السياسية والأحزاب وبما يدعم الحياة السياسية في مصر إيجابًا، مشيرًا إلى أن "تحصين البرلمان هو محاولة للتغطية على عجز الدولة عن وضع قوانين انتخابات دستورية تتوافق مع رؤى الأحزاب".
&
تحايل
ووصف الاتجاه لتحصين البرلمان بأنه "تحايل سخيف" على الأزمة التي تعيشها الحكومة، معتبراً أنه يكشف ضعف الحكومة وعدم قدرتها على أن تصدر قوانين دون عوار دستوري أو ضعف تشريعي، ومن ثم تحاول اللجوء إلى حلول "ديكتاتورية" تفرض بقاء البرلمان بقوة القانون على غرار ما حاول فعله الرئيس الأسبق محمد مرسي، بازدواجية شديدة.
&
وطالب الحكومة بالشفافية في التعاطي مع مسألة قوانين الانتخابات، وأن تصارح الشعب بالتحديات والمشكلات التي تواجه طرح قوانين الانتخابات بصورة دستورية دون عوار قانوني، لاسيما في ظل الاتهامات التي تلاحق الدولة بمحاولة التلكؤ في إجراء الانتخابات التشريعية، التي تعتبر ثالث وآخر استحقاقات خارطة الطريق المصرية.
&
"همجية دستورية"
وبلهجة غاضبة، قال أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، الدكتور حسام فودة، إن ما يحصل "همجية دستورية"، وأضاف ل"إيلاف" &ساخراً، أن تحصين البرلمان من الحل بقانون "لم نسمع به من قبل في كليات الحقوق، ممكن يكون حصل في كليات الآداب في قسم الجغرافيا، أو يحصل في كليات العلوم في قسم البحار والمحيطات".
&
وتابع قائلاً بلجهة غاضبة أيضاً: "هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي &لا يحتاج برلمان أصلاً، وليه يجيب برلمان ويحصنه ويفتح جبهات على نفسه، ما يعيش الثماني سنوات بتوعه (فترتي الرئاسة) أو حتى عشرين تانية وخلاص، الأمور ماشية معاه زي الفل".
&
ترحيب بالمقترح
على الجانب الآخر، ترحب بعض الأحزاب بالمقترح الجديد، وقال سيد عيد القيادي بحزب الوفد، إن قانون تحصين البرلمان الذى وافق عليه مجلس الدولة مطبق في العديد من الدول، وقد ينص هذا القانون على منع حل البرلمان في حاله الحكم بعدم دستوريته. وأوضح فى تصريح أرسله ل"إيلاف" أن تطبيق هذا القانون يعتبر من الديمقراطية، مشيراً إلي أن تطبيق هذا القانون يعمل على استقرار البلاد خاصة السلطات التشريعية، ويعمل على سيادة الشعب في اختياره في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
&
وحسب وجهة نظر حزب المؤتمر، فإن التحصين هو الحل لإستمرار البرلمان المقبل، وقال الدكتور مجدى مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر، إن طلب مجلس الوزراء من قسم التشريع بمجلس الدولة، تحصين البرلمان القادم من الحل، إجراء مطلوب فى المرحلة المقبلة حتى لو لدورة واحدة وإن كان غير صحيح، مضيفًا أن هذا الإجراء كان مطلب القوى السياسية والأحزاب التى وقعت على وثيقة المشروع الموحد للانتخابات البرلمانية.
&
وأضاف، "اختلف حول هذا الإجراء عدد من الخبراء السياسيين والحزبيين ومنهم من قال إن هذا غير منطقى، ولا يمكن تطبيقه، لأنه يعنى تجميد جميع نصوص الدستور المتعلقة بالبرلمان، حتى إذا أرادت الحكومة تطبيقه لمدة انتقالية واحدة ومنهم من يقول إنه فى ظل حالة اللغط الموجودة والاختلافات فى وجهات النظر أصبح هذا التحصين مطلوبًا حتى لايحل البرلمان".
&ولفت إلى أن حزب المؤتمر والأحزاب الأخرى طالبت بأن تُجيز المحكمة الدستورية قوانين الانتخابات مسبقًا قبل الانتخابات لغلق الأبواب أمام أى عوار دستورى يهدد البرلمان القادم ولا يعطيه فرصة القيام بمهامه ولكن لم يستجب لهم أحد.
ووافق قسم التشريع بمجلس الدولة على مشروع قانون تحرير الدستورية من التقيد بمواعيد للفصل في الطعون الانتخابية، بما يتيح إجراء الانتخابات قبل الفصل فى الطعون، وأرسل المشروع إلى مجلس الوزراء، لاستكمال إجراءات استصداره بعرضه على رئاسة الجمهورية والتصديق عليه، بعد موافقة الجمعية العمومية لقضاة ومستشاري المحكمة الدستورية العليا عليه باعتباره من القوانين المنظمة لعملها.
ويلغي مشروع القانون الجديد القرار الجمهورى بقانون رقم 26 لسنة 2014 الذى أصدره الرئيس السابق عدلى منصور قبيل الانتخابات الرئاسية العام الماضي، بقصد إنهاء المنازعات القضائية الخاصة بقوانين الانتخابات قبل إجرائها.
ويعيد المقترح بقانون للمحكمة الدستورية العمل وفقاً للقواعد السابقة، وأن يتم نظر الطعون على قوانين الانتخابات النيابية الثلاثة، وهي: "مباشرة الحقوق السياسية"، و"مجلس النواب"، و"تقسيم الدوائر"، دون التقيد بإصدار حكم فيها قبل إجراء الإنتخابات.
&
التعليقات