لندن: شددت الرئاسات العراقية الثلاث على تصميمها العمل لتأطير وتسليح وتدريب أبناء المناطق التي يحتلها تنظيم "داعش"، وشكلت لجنة لإعداد ورقة عمل لتحقيق المصالحة الوطنية، وإطلاق حملة لإعادة النازحين إلى مناطقهم والبدء بإعمارها.
&
وتم الإعلان عن هذه القرارات في ختام اجتماع في بغداد للرئاسات الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة، بمشاركة الرئيس فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ورئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود، ونواب رئيس الجمهورية نوري كامل المالكي واياد علاوي واسامة النجيفي، ونائبي رئيس الوزراء بهاء الأعرجي وصالح المطلك، ونائبي رئيس مجلس النواب همام حمودي وآرام شيخ محمد.
وتم خلال الإجتماع إستعراض شامل "لمجمل التطورات السياسية والأمنية وبحث خطط الحكومة لإعادة الاستقرار والتقدم في البلاد عبر دحر تنظيم داعش الإرهابي، واعادة النازحين إلى ديارهم الأصلية واعمار كل مناطق العراق بموازاة إنجاز المصالحة الوطنية الفعلية والقريبة والشاملة، وحماية وتطوير النظام الاتحادي الديمقراطي القائم على المبادئ الوطنية والشرعية الدستورية"، كما قال بيان رئاسي الخميس اطلعت على نصه "إيلاف".
&
واشاد المجتمعون بتضحيات "القوات المسلحة من الجيش والشرطة الإتحادية وسلاحنا الجوي وقوات الحشد الشعبي والبيشمركة، وابناء العشائر كما حيّا نجاحها مؤخرا في تحرير مركز قضاء بيجي شمالي صلاح الدين، وتحرير ناحية جبة، غربي الرمادي وتكبيد الارهابيين خسائر كبيرة في عدة مناطق، فضلاً عن جهودها الكبيرة في تطهير المنازل والمباني الحكومية والطرق من العبوات والكمائن الناسفة".&
وقد أكدت الرئاسات على ضرورة تعزيز هذه الانتصارات وإسنادها بوحدة الموقف السياسي والخطاب الإعلامي وبالعمل المشترك، مع التأكيد على ضرورة مواصلة تطوير جهد الدولة العسكري والأمني والاستخباري، وتسريع تأطير وتدريب وتسليح مقاتلي المناطق المحتلة وخاصة من ابناء محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى.
&
وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، قد حصل على وعود من الولايات المتحدة الأميركية خلال مباحثات أجراها هناك مع المسؤولين فيها منتصف الشهر الماضي، بتسليح العشائر وفق آلية تم الإتفاق عليها مع رئيس الحكومة حيدر العبادي.
&
فقد وعد الجانب الأميركي بتسليم العشائر السنّية، أسلحة الحديثة وعلى وجه السرعة وفق اتفاق بين الجبوري والعبادي على آلية لتسلم العشائر التي تواجه داعش هذا السلاح، وسط اهتمام اميركي بفتح معسكرات للسنّة ولا سيما في الرمادي عاصمة محافظة الانبار الغربية. ويؤكد الجبوري أن واشنطن حريصة على نجاح تجربة معسكر التقدم في الانبار وإعمامها على بقية مدن المكوّن .

المصالحة الوطنية وإعادة النازحين لمناطقهم
ورحب الاجتماع بإعادة النازحين إلى تكريت وباقي مناطق صلاح الدين وحزام بغداد وتسهيل عودتهم إلى باقي المناطق المحررة، وتوفير الخدمات الاساسية لهم. وبشأن المصالحة الوطنية الشاملة قررت السلطات الثلاث تشكيل لجنة للاشراف على الخطوات العملية لتحقيق المصالحة وإعداد ورقة بتوصياتها لتقديمها إلى الإجتماع المقبل.
وأكد الإجتماع على أهمية مساعدة النازحين معرباً عن العزم على الإهتمام بتوفير مستلزمات الحياة الأساسية لهم، واعتبر أن على المجتمع الدولي مواصلة ومضاعفة تقديم المساعدة للعراق في هذا الشأن، وفي وضع خطط لعودة بعض النازحين إلى القرى المحررة من مناطقهم الأصلية كي يساهموا في تحسين أمنها.&
وكانت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة قد أعلنت في 23 من الشهر الماضي أن أعداد النازحين في العراق تجاوز الثلاثة ملايين نازح. وأشارت المنظمة الدولية في تقرير لها إلى أن النازحين البالغ عددهم ( ثلاثة ملايين و87 ألفًا و 372 نازحًا) يتوزعون في كل المحافظات العراقية الثماني عشرة. واوضحت المنظمة أنه وفقًا لتلك الأرقام الجديدة المتاحة لأعداد النازحين في العراق، فإن فريق الأمم المتحدة الإنساني هناك يعمل على تنقيح خطط الإستجابة الإنسانية للأمم المتحدة، لكي يتلاءم مع 3.1 ملايين نازح. &
&
وتم الاتفاق خلال اجتماعات الرئاسات الثلاث ايضًا، على أن من الإجراءات المطلوب التركيز عليها خلال الأسابيع القادمة، تحديد مناطق مناسبة في محافظتي ديإلى وصلاح الدين لإطلاق حملة عودة نازحين منظمة تسهم في تعزيز الثقة بجهود الحكومة لهذا الغرض.
واكدت الرئاسات الثلاث شجب التفجيرات والاعتداءات الارهابية التي استهدفت مواطنين ابرياء في الكويت وتونس وفرنسا ومصر وادانة القائمين بها .. وقالت إن خطر الارهاب بات يهدد المجتمعات المدنية كافة، ما يتطلب تعزيز دعم المجتمع الدولي للعراق في حربه ضد الارهاب وفي مساعدة النازحين.
وشددت الرئاسات على ضرورة الإسراع في اصدار القوانين والاجراءات الضرورية، في تعزيز التماسك المجتمعي واستيعاب الشباب وفي مقدمتها التشريعات التي تضع اسس نجاح مصالحة وطنية حقيقية وشاملة وتقترن بحوارات مجتمعية على مستوى المحافظات تسمح بتطوير علاقات تفاهم وتعاون لحل المشاكل والخلافات وتلبية الاحتياجات المشتركة. وقد تم الإتفاق على عقد اجتماع قريب لمتابعة ما إتفق عليه واستكمال مناقشة القضايا الملحة.
&
النجيفي ينتقد عدم إستجابة الحكومة للتطوع في نينوى
ومن جهته، أكد نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي خلال الإجتماع، &ضرورة حماية المدنيين في مدن الأنبار وبخاصة الفلوجة والرمادي، والعمل على ايجاد أماكن لإيوائهم قبل المعركة الفاصلة مع التأكيد على اشراك أبناء المناطق في المعركة لأخذ دورهم الوطني والأخلاقي ومسك الأرض بعد التحرير .
وفي ما يتعلق بمحافظة نينوى، اكد النجيفي ايضا" ضرورة اطلاق رواتب الشرطة والحشد الوطني وتسليحهم وتجهيزهم والاعتماد عليهم كقوة أساسية في عمليات التحرير ومراجعة موقف الحكومة لأنه لم يكن كافيًا للاستجابة لتطوع أبناء نينوى والاهتمام بهم بما يتناسب مع أهمية دورهم وحاجة المعركة إليه.
ودعا ايضا" إلى اعادة النظر بالتوازن داخل هيئة الحشد الشعبي من ناحية المكونات والمحافظات لتحقيق صورة وطنية تلبي حاجة العراق.
&
وبشأن الالتزام بفقرات الاتفاق السياسي، باعتباره قاعدة أساسية، اشار النجيفي بحسب بيان لمكتبه "إلى تلكؤ في التنفيذ يترافق مع عدم الاهتمام الكافي، الأمر الذي يقتضي مراجعة سريعة، مضيفًا أن المصالحة الوطنية تقتضي وجود اجراءات معبرة عنها، وقرارات شجاعة تعبر عن حاجة المواطن، وتستجيب لتطلعاته. ودعا في حديثه مع رئيس الوزراء حيدر العبادي "إلى الإسراع بعودة النازحين والمهجرين إلى مدنهم ودورهم، فوعد العبادي بوجود إجراءات قريبة لعدد من المدن تتضمن ترتيبات ضرورية لعودة النازحين .
وتم الاتفاق بعد مناقشة للموضوع" على تشكيل لجنة من الرئاسات الثلاث، تضم ممثلين عن الشخصيات المشاركة في الاجتماع ، لمتابعة موضوع المصالحة والاجراءات والمقترحات المتعلقة بتحقيقها .كما اتفق المجتمعون على التواصل المستمر لبحث القضايا والأمور ذات الأهمية والوصول إلى معالجات مناسبة بشأنها.
يذكر أن العراق يخوض حربًا شرسة ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" منذ سيطرته على مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية في العاشر من حزيران (يونيو) عام 2014 وتمد سيطرته إلى مناطق شاسعة من محافظات ديإلى (شرق) وكركوك (شمال) والانبار (غرب) وصلاح الدين (شمال غرب)، ما ادى إلى نزوح اكثر من ثلاثة ملايين عراقي وتدمير البنى التحتية في المناطق التي يحتلها. وعلى الرغم من تحقيق القوات الامنية العراقية والمتطوعين في الحشد الشعبي معها انتصارات ضد التنظيم في مناطق عدة خاصة في محافظات ديإلى وصلاح الدين وكركوك، الا انه ما زال يحتل اجزاء واسعة من محافظة الانبار التي تشكل مساحتها ثلث مجموع مساحة العراق، وخاصة قضاء الفلوجة الذي يسيطر عليه منذ اواخر العام الحالي، ما يضع امام حكومة العبادي تحديات عسكرية وسياسية واقتصادية خطيرة في تحقيق نصر ناجز على التنظيم وتخليص البلاد منه بشكل نهائي.
&