في خطوة غير مسبوقة، ناشدت صحيفة عراقية المرجعية الشيعية لانقاذ الصحافة الورقية من المستقبل المجهول الذي ينتظرها، وهي تعيش أزمة مالية خطيرة.

بغداد: ناشدت جريدة (البينة الجديدة) المرجعية الشيعية العليا، ممثلة بالمرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني وبمقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وعمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي لإنقاذها وعدد من الصحف العراقية الاخرى من الغلق والاحتجاب الذي تتعرض له بسبب الازمات المالية التي تتعرض لها، بعد ان كان للتقشف الذي فرضته الحكومة اثر كبير في عدم الحصول على اعلانات لتمويل الصحف وإدامتها واستمراريتها.

صحف تحتضر&
&
&فقد كتب محرر الشؤون المحليّة في جريدة البينة الجديدة: "مرت الذكرى (146) لعيد الصحافة العراقية لهذه السنة كئيبة لسبب بسيط هو ان معظم الصحف الورقية الوطنية والمستقلة على وجه الخصوص والتحديد تعيش على وقع ازمة مالية خطيرة جراء شح الاعلانات الرسمية التي تشكل ايراداتها موردًا مهمًا لتمشية احوالها وبسبب هذه الازمة التي تضرب خاصرة الصحافة الورقية بالصميم، ما قد يؤدي لـ (موت) محقق للبعض منها".
&
&واضاف: "ان ما يدمي القلب حقًا ويشعرك بالحزن والخجل أن الجهات الحكومية اوصدت ابوابها وادارت ظهورها بطريقة يندى لها الجبين وعندها ادركنا صراحة ان من يشعر بالالم هو صاحب الجرح وحده، اما الاخرون فليس لهم من دور سوى التطمينات او التفرج عليك وانت تحتضر ..تحتضر وان جثتك برسم الدفن !! لقد كان حريًا بالحكومة ان تنصت لعشرات المقالات والبيانات، لكن هناك من تعامل معها باذن من طين واخرى من عجين وذهب كل «صراخنا» إدراج الرياح".
&
وتابع: "اننا ومن منطلق الحفاظ على الصحافة العراقية من الضياع والاندثار نناشد المرجعية الدينية العليا ممثلة بسماحة المرجع الديني الاعلى السيد علي الحسيني السيستاني والسيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري والسيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي بأن يولوا هذا الموضوع اهمية استثنائية والضغط على الحكومة لانقاذ الصحافة الورقية من المستقبل المجهول وذلك من خلال حثها على اتباع وسائل وآليات واتخاذ اجراءات عملية وايجاد حلول جذرية ونحن على ثقة اكيدة بأن ابواب من نستغيث بهم مفتوحة لسماع صوتنا والاستجابة لمطالبنا".
&
عراق بلا صحف&
&
أكد الصحافي زيد الحلي ان العديد من الصحف معرضة للغلق، وقال: "شجرة بعد أخرى تموت في بستان الصحافة العراقية، بسبب إهمال البستاني، ممثلاً بالدولة التي جعلت الصحف تتأرجح في أتون اللامبالاة وعدم الرعاية، حيث أخذت تعامل الصحف كعدو لها، وليس كشريك في البناء وتأصيل الديمقراطي، &صحف عديدة ودّعت قراءها مؤخراً، بصمت، وآثرت الانسحاب حين أدركت ان مناشداتها تحفر في هواء فاسد، وتذهب إدراج الرياح، وستكر "مسبحة" وأد مجموعة أخرى من الصحف والمجلات، في اجواء صمت رهيب من الدولة، بل أجد أنها مرحبة بتقليص أصوات الصحافة، دراً لوجع الرأس الذي تسببه اصوات الحق من كتاب المقالات والتعليقات والتحقيقات الصحفية".
&
واضاف: "المرحلة المقبلة ستشهد وجود اعداد وفيرة من الصحافيين بلا عمل، في وقت تضخ فيه كلياتنا وجامعاتنا الرسمية والاهلية، مئات من الخريجين بإختصاصات اعلامية متنوعة ... معادلة تبعث على الأسى!".
&
وتابع: "أتساءل مع نفسي عن مبررات عدم اهتمام المسؤولين عن الثقافة والاعلام في رئاستي مجلس الوزراء والنواب، بقطاع الصحافة، لاسيما الصحف الرصينة، وهو القطاع الأهم في دول العالم المتحضر، فالصحافة هي جسر البناء والحرية الذي تمشي عليه المجتمعات بيسر وانسيابية ... لم اجد جوابًا مقنعًا، اللهم إلا انها عقوبة للصحافة لأنها سلكت الطريق الصواب في محاربة المفسدين والفاسدين، وأشرت نقاط الضعف في رؤية المسؤولين في ادارة بلد شاسع المدى، عميق التاريخ مثل العراق".
&
&وختم بالقول: "إن استقراءً سريعاً لواقع الصحافة العراقية اليوم، يبين ببساطة ان الأغلبية الساحقة من المؤسسات الصحافية على أبواب الإفلاس ومعرضة للغلق، دون وجود بارقة أمل في اتخاذ خطوات سريعة لإنقاذها، لذا اقترح القيام بعقد ندوات دراسية، لمناقشة واقع حال الصحف العراقية، قبل ان ننهض صباحًا، فلا نجد سوى صحيفتين او ثلاث، ترضع من ثدي الدولة.... فقط !".
&
اوضاع اقتصادية صعبة
&
اما الصحافي أحمد جبار غرب، فلم يستغرب ما يحدث للصحف من انطفاء، وقال: "شيء متوقع في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها البلد أن تضعف المطبوعات الورقية والصحف على وجه التحديد كونها يرتبط وجودها بالموارد المالية التي تأتيها عن طريق الاعلانات وهذه الاعلانات خاضعة تحت سيطرة لوبي قوي يوزعها على (الحبايب والجيران)".
&
&واضاف: "المطبوع الورقي او الجريدة لم يعد يشكل له حضورًا او تأثيرًا بفعل وجود وسائل جديدة للنشر والطبع والتسويق، ومناشدة المرجعية شيء مدهش ما علاقة المرجعية بهذا الامر هل اصبحت واسطة لكل شيء".
&
ثقة القراء
&
أما الصحافي صالح الشيباني فقد اكد أن التضامن مع هموم الناس ينال ثقتهم في استمرار صحيفته، وقال: لو تضامنت الصحف مع قرائها وساندتهم في محنهم المستمرة بلا انحياز الى طروحات واجندات الجهة الممولة لها لاختلف الامر قطعًا.
&
وأضاف: "انتشار الجريدة في اوساط الجمهور المتهافت عليها سيجعل مؤسسات صناعة الاعلانات تغازل تلك الصحف بهدف نيل الرضا.. الاعلانات هي منفذ التمويل غير المتحزب او المنحاز وهي قطعًا من سيديم نعمة الصدور المنتظم، اما من اسند ظهره الى كرسي وثير وانتظر معونة ودعم اول الشهر من حزبه او كتلته السياسية فلن يستطيع ابداً بعد سياسة التقشف ان يضمن ديمومة تلك الاموال وهنا يكمن خطر توقف المطبوع. وختم بالقول : من تضامن مع هموم الناس ونال ثقتهم حصل على امتياز استمرار صحيفته، والعكس بالعكس".