الكلمة السارية الآن في أروقة الاتحاد الأوروبي أن التفاهم صعب مع الحكومة اليونانية الحالية، خصوصًا إذا تخلفت اثينا عن دفعة مستحقة عليها للبنك المركزي الأوروبي في 20 من الجاري. فهل جنى أليكسيس تسيبراس على نفسه باستفتاء الأحد؟

دبي: تتصدر المسألة اليونانية اليوم الصحف الغربية، خصوصًا بعدما ظهرت نتائج الاستفتاء اليوناني مؤكدةً اختيار 62 في المئة من الشعب عدم الرضوخ لمتطلبات الدائنين الأوروبيين القاسية، وبالتالي فتح أبواب الأزمة بين اليونان والاتحاد الأوروبي على مصراعيها، رغم تأكيد رئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس أن نتائج الاستفتاء لا تعني الطلاق مع أوروبا.
&
المخاطر كبيرة
في هذا الاطار، تقول "غارديان" البريطانية إن سلسلة اجتماعات ستعقد في منطقة اليورو، وتحديدًا في أثينا وبروكسل وباريس وفرانكفورت ولندن، لمناقشة الأزمة من كل جوانبها، ووضع خطط طوارئ لمعالجة تداعيات خروج اليونان من منطقة اليورو، إن تم اتخاذ القرار في هذا الاتجاه.
وعقد وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس اجتماعًا طارئًا مع رؤساء البنوك المحلية ليل الأحد، مصرحًا أنه يرى نفسه اليوم في "حالة حرب". وحضر الاجتماع محافظ البنك المركزي في اليونان، يانيس ستورناراس، وسط مخاوف من أن تنفذ السيولة النقدية من البنوك. فبعضها قال إن في أرصدته نحو 500 مليون يورو نقدًا، أي ما يوازي 45 يورو لكل يوناني، علمًا أن عدد سكان اليونان 11 مليون نسمة.&
&
ورغم الاستفتاء والنبرة اليونانية العالية، عيّنت أثينا فريقًا للتفاوض، يسافر إلى بروكسل محاولًا إقناع زعماء منطقة اليورو بالعودة إلى طاولة المفاوضات لحل مسألة الديون المترتبة على بلاده، والمستحقة في نهاية حزيران (يونيو) الماضي، ولم تُدفع. وفي الوقت نفسه، تنتقل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى باريس مساء الاثنين للقاء نظيرها الفرنسي فرانسوا هولاند، في خطوة توحي بأن لا اتفاق فوريًا سيعقد مع الجانب اليوناني.&
بحسب "غارديان"، المخاطر كبيرة. فقبل صدور نتيجة الاستفتاء، قال مارتن شولتز، رئيس البرلمان الأوروبي، لصحيفة ديلي تلغراف: "من دون أموال إضافية لا رواتب ستدفع، والنظام الصحي سيتوقف عن العمل، وشبكة الكهرباء ووسائل النقل العام ستنهار، وسيعجز اليونانيون عن استيراد السلع الضرورية للحياة، لأن لا أحد يمكنه أن يدفع".
&
مسألة السيولة
السؤال الفوري هنا: هل يقطع البنك المركزي الأوروبي السيولة عن اليونان؟ ففي يد البنك المركزي الأوروبي مفتاح المسألة، وسيجتمع أركانه برئاسة ماريو دراجي صباح اليوم الاثنين ليقرر إذا كان سيمدد "المساعدة النقدية الطارئة" للبنوك اليونانية. وحتى الساعة، المقرر رفد المصارف اليونانية بنحو 89 مليار يورو، وكان قرار البنك المركزي الأوروبي في الأسبوع الماضي بعدم تقديم المزيد، ما أدى إلى تقرير ضوابط لرأس المال. لكن اليونان ستطلب المساعدة مرة أخرى، علمًا أن وقف هذه الاعانة النقدية السائلة سيقود فورًا إلى خروج اليونان من منطقة اليورو.
وبحسب "غارديان"، قال محللون في بنك سوسيتيه جنرال: "سبق أن أشارت الحكومة اليونانية بوضوح إلى أنها لا تسعى لإخراج البلاد من منطقة اليورو، وقد قلنا منذ فترة طويلة إن اليوم الذي يتخذ فيه البنك المركزي الأوروبي قراره بتخفيض الاعانة النقدية الطارئة للمصارف اليونانية هو اليوم الذي يترك فيه اليونان منطقة اليورو".&
لكنّ هؤلاء المحللين يستبعدون صدور هذا القرار من جانب البنك المركزي الأوروبي.
وينتظر المستثمرون الاثنين رد فعل الأسواق الآسيوية على نتيجة الاستفتاء اليوناني الصادمة. وكان بنك باركليز رصد فرقًا من خبرائه في تجارة العملات الأجنبية في مكاتبهم منذ مساء الأحد، استعدادًا لأي تحركات غير محسوبة في الأسواق المالية، على أن يكون التركيز منصبًا على اليورو، إضافة إلى السندات الحكومية وأسواق الأسهم. وتوقع مصرف غولدمان ساكس إلغاء مبدئيًا لنحو 10٪ من الأسهم الأوروبية.
&
غريكزيت؟
رغم أن تسيبراس يقول إن نتائج الاستفتاء إلا تقوية لموقعه التفاوضي مع دائنيه الأوروبيين، إلا أن محللي دويتشه بنك الألمان يشككون في ذلك. وفقًا لتحليل المصرف، ثمة سيناريو واحد محتمل، هو استبدال حكومة تسيبراس بحكومة وحدة وطنية تستطيع عقد صفقة جديدة مع الدائنين. كما يعتقد محللو دويتشه بنك أيضًا أنه من الممكن خروج اليونان من منطقة اليورو بعد غلبة الـ "لا" في الاستفتاء.
في المملكة المتحدة، يعقد المستشار جورج أوزبورن اجتماعات "أزمة" مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، ومحافظ بنك إنجلترا مارك كارني. وكارني كان حاضرًا في اجتماعات عقدت وراء الكواليس على أعلى مستوى في الحكومة، مع تفاقم أزمة اليونان في خلال الأسبوع الماضي، وقال: "يتم وضع خطط طوارئ للتعامل مع تداعيات خروج اليونان مخارج من منطقة اليورو".
&
لكن، ماذا بعد؟ وما هو الاستحقاق اليوناني القادم؟ فقد تخلفت أثينا عن سداد دفعة مستحقة لحساب صندوق النقد الدولي في الأسبوع الماضي، والوقت يداهم الحكومة اليونانية إذ تستحق عليها دفعة أخرى في 20 تموز (يوليو) وقدرها 3,5 مليارات يورو للبنك المركزي الأوروبي، وفقًا لبنك أوف أميركا ميريل لينش.
إذا تخلف اليونانيون عن هذه الدفعة أيضًا، سيكون صعبًا إصلاح العلاقة بين أثينا والاتحاد الأوروبي، على الأقل في ظل الحكومة اليونانية الحالية.&
&