ترفض غالبية المسلمين الشباب المولودين في بريطانيا الرأي القائل إن المرأة تبقى في البيت والزوج يخرج للعمل، في موقف يختلف جذريًا عن موقف الأجيال الأكبر سنًا من المسلمين البريطانيين.

إعداد عبد الاله مجيد: يتبدى الاختلاف في وجهات النظر بين مسلمي بريطانيا الشباب والأكبر سنًا بشأن دور المرأة والرجل في المجتمع على نحو صارخ، في دراسة أجرتها مؤسسة ديموس للأبحاث ونشرت نتائجها صحيفة غارديان.

وأظهرت الدراسة أن أكثر من نصف الشباب المسلمين من 16 إلى 24 سنة لا يتفقون مع الرأي القائل بأن "مهمة الزوج كسب الرزق ومهمة الزوجة تولي شؤون المنزل". وتقل نسبة الذين يتفقون مع هذا الرأي عن 24 في المئة. وعلى النقيض من ذلك، قال 50 في المئة من المسلمين في سن 55 أو أكبر انهم يتفقون مع هذا الرأي، فيما كانت نسبة الذين لا يتفقون معه أقل من 17 في المئة.

نتائج مشجعة

تشكل نتائج الدراسة التي أُجريت باستطلاع 38952 مسلمًا ومسلمة من عائلات مختلفة امتدادًا لتحليل احصائي أخير يبين أن بين سكان بريطانيا اليوم شريحة من الشباب المسلمين ذوي المستويات التعليمية المرتفعة باستمرار.

وبحسب ارقام الاحصاء السكاني الأخير، هناك نحو 330 الف طالب مسلم بريطاني متفرغين للدراسة تشكل الفتيات 43 في المئة منهم. وكان احصاء 2011 اظهر أن 18 في المئة من المسلمات من 16 إلى 74 عاما يهتممن بشؤون البيت والعائلة، بالمقارنة مع 6 في المئة من مجموع السكان البريطانيين.

وقال دانكان اوليري، مدير الأبحاث في مؤسسة ديموس، أن نتائج الدراسة الجديدة مشجعة. واضاف أن ضمان تمثيل مكونات المجتمع البريطاني تمثيلًا اوسع في سوق العمل سيكون خطوة لصالح الأجيال الصاعدة بتقديم نماذج يقتدى بها للشباب. وأكد اوليري أن ما يدفع عجلة النمو الاقتصادي هو أن يجد الموهوبون طريقهم إلى الوظائف المناسبة.

ورأى أن دورا يقع على عاتق الحكومة في رفع مستوى التعليم وانهاء التمييز في سوق العمل، "لكن كما اظهرت الدراسة، فإن تغير المواقف والنظرة بين الأجيال قد يكون أكبر العوامل على الاطلاق"، بحسب اوليري.

تراجع مشاركة المرأة

وقالت الدكتورة سندس علي، استاذة السياسة والسوسيولوجيا السياسية في جامعة اوكسفورد، أن نتائج الدراسة تساعد في فهم بعض العوامل "الناعمة" التي تقف وراء تدني مستوى مشاركة المرأة المسلمة البريطانية في الاقتصاد، مثل المواقف بشأن انخراطها في معترك الحياة المهنية، لكنها لا تأخذ في الحسبان عوامل مثل عدم توفر دور حضانة والتمييز ضدها في اماكن العمل.

ومن النتائج الأخرى التي اظهرتها الدراسة أن نحو 11 في المئة ممن ليس لديهم ديانة يتفقون مع الرأي القائل بأن على الزوج أن يعمل، والزوجة أن تبقى في البيت، مقابل زهاء 63 في المئة قالوا إنهم لا يتفقون مع هذا الرأي. وبين المسيحيين اتفق 18 في المئة مع بقاء الزوجة في البيت مقابل قرابة 52 في المئة رفضوا هذا الرأي.

وتوصل تحليل أُجري أخيرًا للقوى العاملة في بريطانيا إلى أن احتمالات البطالة بين المسلمات البريطانيات تزيد بنسبة 71 في المئة على احتمالاتها بين المسيحيات حتى عندما يكون لديهن المستوى نفسه من التعليم والمهارات اللغوية، مع كون التمييز ضد المسلمة عاملًا اساسيًا في هذا الفارق، بحسب الدكتور نبيل خطاب، استاذ السوسيولوجيا في جامعة بريستول.

لا تعكس الواقع

ونقلت صحيفة غارديان عن الكاتبة المسلمة البريطانية شلينا جان محمد: "ان طريقة صوغ السؤال في الحقيقة لا تعكس الواقع، رغم أن بقاء المرأة في البيت لا يعني انها ليست نشيطة اقتصاديًا".

واشارت إلى أن الكثير من النساء فوق سن 55 سنة كن يعملن في السابق والكثير من الشابات يكتسبن مهارات مهنية ومهارات تتيح لهن ايجاد فرص عمل ويرغبن في استخدام هذه المهارات. أضافت: "لدى المسلمين في الغالب قيمًا عائلية قوية وبالتالي فان كثيرا من المسلمات الشابات يرغبن في العمل ولكنهن يعتقدن بأنهن لن يتمتعن بالمرونة المناسبة".

وتبين الدراسة وجود فوارق في مواقف الجنسين بين سائر المسلمين الذين شاركوا في الاستطلاع، إذ اتفق زهاء 42 في المئة من الرجال المسلمين مع الرأي القائل إن على الزوج أن يعمل والزوجة أن تبقى في البيت في حين قال 26 في المئة انهم لا يتفقون مع هذا الرأي. وبين المسلمات، اتفقت 35 في المئة من النساء مع هذا الرأي مقابل زهاء 38 في المئة رفضن هذا الرأي.

خيارات تعليمية أوسع

وقالت حليمة خانم (25 عامًا)، منسقة مشروع في متحف الحرب الامبراطوري، انها كانت اول شخص في عائلتها دخل الجامعة، فامها كانت مع بقاء المرأة في البيت وكذلك غالبية اقرانها. واضافت خانم أن امها كافحت من اجل توفير بيت يلم العائلة، "ويجب الاعتراف بذلك كإنجاز بحد ذاته".

وقالت خانم، التي تعتبر نفسها بريطانية تنتمي إلى الجيل الثاني من المهاجرين البنغلاديشيين: "لدى المسلمة في بريطانيا اليوم خيارات تعليمية أوسع، ومع توفر المزيد من الفرص اخذت بعض النساء كبيرات السن في عائلتها يفكرن في العودة إلى الدراسة".

وتبين الدراسة ايضًا وجود اختلافات كبيرة بين مواقف المسلمات المولودات في بريطانيا والمسلمات المولودات في الخارج، إذ قال أقل من 24 في المئة من المسلمات المولودات في بريطانيا إن على الزوجة أن تبقى في البيت مقارنة بزهاء 45 في المئة من المسلمات المولودات خارج بريطانيا.