عمان: تسعى "المدرسة الصيفية: الدراما في سياق تعلمي" التي ينظمها مركز القطان للبحث والتطوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطان، في مدينة جرش الأردنية إلى "مساءلة" حالة التعليم، عبر فتح آفاق نحو تعليم يثير السؤال لا الجواب، سؤال الحرية والعدالة لكل الناس، عبر تكوين المعلمين، وخلق الممكنات واستثمارها لفهم عالمهم بشكل خاص، والنظر الى التعليم في سياقه الإنساني والاجتماعي، بشكل شامل. وجاء ذلك في بيان صحافي نشره مركز القطان، اليوم في انطلاق فعاليات "المدرسة الصيفية: الدراما في سياق تعلمي"طوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطان، للسنة التاسعة على التوالي في مدينة جرش الأردنية، بمشاركة 109 معلمين ومعلمات من فلسطين، والأردن، ومصر، وسوريا، وتونس، والمغرب، وعُمان، وموريتانيا، ولبنان.
&
وأوضح البيان الذي وصل "إيلاف" نسخة منه، أن "المدرسة الصيفية في سياقها التعليمي والتعلمي، تمنحنا هذه الإمكانية لسؤال أنفسنا ومساءلة التعليم، عبر فحصها الدوافع والمسببات والنظر في النماذج والأنماط المجتمعية على اختلافها؛ بغية إنتاج معنى جديد للتعليم، وممارسة نوعية تفضي إلى تحقيق حياة أفضل للبشر".
&
يهدف برنامج المدرسة الصيفية بجميع مكوناته إلى التكوّن الشامل لجميع المشاركين في مجال فهم (الدراما في التعليم)، وكيفيات التخطيط لها، وتوظيفها منهاجياً وفنياً، وذلك عبر تمكين المعلمين من تعليم الشكل الفني وتوظيفه في تعليم القضايا الحياتية والمنهاجية كسياق فعّال وشكل ملهم. &
&
وقال وسيم الكردي، المدير الأكاديمي للمدرسة الصيفية: "إن المدرسة الصيفية تجتهد في تمكين معلمين انخرطوا فيها سابقاً ليصبحوا أساتذة يعملون مع زملائهم المعلمين، وهذا يتيح لنا إمكانية توسيع دائرة الفعل مع قطاع أوسع من المعلمين".&
&
واضاف: "كما يمكننا هذا التجريب التعليمي من تقديم مقترح في المحتوى التعليمي للمنظومة المدرسية في فلسطين، وفي منهجيات التكون المهني للمعلمين. &إننا نتطلع إلى تجربة غنية ومكثفة نعود منها إلى بلادنا بطاقة إيجابية وبروح مليئة بالتحدي، فهذا ما يحتاجه التعليم في بلادنا".
&
وأكد الكردي بأن المدرسة الصيفية ستؤسس إلى كتابات بحثية تأملية في مجال توظيف الدراما في السياق التعليمي المدرسي، ويمكن أن تشكل نواة مؤتمر عالمي في الدراما في التعليم، يكون فيه لفلسطين والعالم العربي تجربة نوعية يمكن عرضها فيه".
&
يستمر برنامج المدرسة حتى 2 آب المقبل، الذي يتضمن ستة مساقات تراكمية صيفية موزعة على ثلاثة مستويات تعليمية على مدار ثلاث سنوات (مساقان للسنة الأولى، ومساقان للثانية، ومساق للثالثة)، بحيث يتيح البرنامج الانتقال من مستوى إلى مستوى أعلى بعد إنجاز كافة متطلبات المستوى السابق، إضافة إلى مساق مساند متقدم في مجال "الكتابة المسرحية"، بإشراف الكاتب المسرحي البريطاني بريان وولاند والباحث في مركز القطان كفاح فني، يتمحور حول القصة والدراما، والكتابة المسرحية، والشخصية في الدور، والمعنى ما وراء الظاهر، ويشارك فيه 12 معلماً ومعلمة من خريجي المدرسة الصيفية".
&
بدورها، أشارت المعلمة نتالي حمارنة، سنة ثالثة، في حديث خاص لـ"إيلاف" من الأردن إلى أن المدرسة الصيفية تتيح لدى المعلم حرية بناء أسلوبه في التعليم من منظور السؤال والاستكشاف، بعيداً عن فكرة الصح والخطأ وبعيداً عن فكرة العلامة".&
&
وأضافت: "فالتعليم هنا من أجل الفرد ومن أجل الحياة ومن أجل إنتاج معنى جديد له ولطلابه داخل غرفة الصف".&
&
ويضم فريق الأساتذة: وسيم الكردي، مالك الريماوي، كفاح فني، سوسن مرعي، معتصم الأطرش، يوسف الخواجا، فيفيان طنوس (من فلسطين/مركز القطان)، كوستاس أمويروبولس (من اليونان)، لوك أبووت، ريتشارد كيرن، ماغي هلسون بريان وولاند (من بريطانيا)، والإشراف البحثي د. صبيح صبيح.
&
من جانبه، قال الريماوي: إن الانعقاد السنوي للمدرسة الصيفية للدراما هو بالنسبة لي حدث يقع في قلب مشروعي العملي ووجودي الشخصي، فاللقاء أصبح نوعاً من العود الأبدي للتعلم، فرصة لكي أُعلّم وأتعلم، اللقاء بهذا العدد من الناس والأفكار والأسئلة هو نوع من عودة الذات إلى فضاء التساؤل والبحث وعدم الركون للأجوبة الجاهزة والحلول المكررة، هنا نعيد فحص موقعنا في المجتمع، وموقع المجتمع فينا، نسائل التعليم والتربية وأفكار التنشئة الاجتماعية، نعيد النظر في الأنماط والأحكام التي تُعلِّب الثقافة وتقتل حيويتها.
&
وأضاف: في الدراما نعيد تشكيل الحياة لكي نفحصها ونحن نعايشها ونتعلمها، الدراما تعيد التعليم والحياة لوضعهما الطبيعي والثقافي، نحيا ونتعلم ونجابه العالم، نغيّره ونعيد النظر في قصصه، ونتغير ونبني قصتنا فيه، هنا نبني قصة مختلفة، قصة أمة كاملة، هنا نلتقي من كل الدول العربية، يجمعنا سؤال العيش بحرية وعدالة، نفكر في تعليم أفضل وثقافة حية، نُجمع على حق الإنسان في الحياة والثقافة والفنون، نعيد الاعتبار لكل ما يتم نحره في الوطن العربي: الإنسان، الفن، الثقافة، السؤال، نعيد هنا في جرش الأردن وباسم فلسطين ومع آخرين من العالم العربي والعالم الاعتبار للإنسان أولاً، ولكل القيم التي من خلالها يخلق إنسانيته ويحقق كرامته، وكأننا نحاول أن نعيد ذاكرة الحياة لنواجه حالة الانتحار، ونواجه الخطر بالأدوات التي يدمرها: الفن والثقافة والخيال والحرية والسؤال.
&
أما مستوى السنة الثالثة، فيتناول أبعاداً أساسية في مجال: الدراما في التعليم، تركز الدراما والبحث (المعلم باحثاً)، التخطيط عبر المنهاج-عناصر أساسية، نموذج متكامل في الدراما، تحليله عبر العناصر والمكونات والأعراف.
أما حول طبيعة البرنامج، قالت ديما سقف الحيط، منسقة مسار الفنون في التعليم في مؤسسة عبد المحسن القطان، في حديث خاص لـ "إيلاف": &تتيح المدرسة الصيفية للمعلمين المنخرطين بها الى إعادة بناء مفاهيم التعليم والتعلم، وأدوار الفاعلين فيها، ضمن منظومة بيداغوجية تستند إلى مقاربات اجتماعية ونفسية حداثية، وذلك عبر تمكين المعلمين من مراجعة مواقفهم من العملية التعلُّمية".
&
يشار إلى أن المدرسة الصيفية تستند إلى رؤية تقوم على الربط بين التكوين والتكون، حيث تضم معلمين ومعلمات تخرجوا من برنامجها على مدار ثلاث سنوات، وحملوا رسالتها ورؤيتها واصبحوا جزءاً من نتاجها بشكل عضوي في هيئة التدريس بالمدرسة، ومكونين للطلاب الجدد فيها، وبذلك أصبحوا جزءاً في تكوين المدرسة وتكونهم، وهذا ما تسعى المدرسة إلى تحقيقه منذ التأسيس.

&