يطلب المؤتمر الوطني العام إقالة خليفة حفتر قبل تشكيل أي حكومة وحدة وطنية، إذ يرون أنه ما عاد رجلًا توافقيًا، بينما تتحضر الأطراف الليبية لعقد جولة جديدة من المفاوضات في جنيف الاثنين.


إيلاف - متابعة: يسيطر المؤتمر الوطني العام، أو البرلمان الليبي غير المعترف به دوليًا، على العاصمة الليبية طرابلس.

ونسبت صحيفة "الشرق الأوسط" للناطق الرسمي باسم المؤتمر المنتهية ولايته في ليبيا، عمر حميدان، اشتراطه إقالة الفريق خليفة حفتر، قائد الجيش الموالي للسلطات الشرعية، من منصبه لتشكيل حكومة وفاق وطني، والتوقيع على اتفاق سلام ترعاه الأمم المتحدة، مؤكدًا أن إطاحة حفتر كانت مدار بحث بين نوري أبو سهمين، رئيس البرلمان السابق، والمبعوث الأممي برناردينو ليون في لقائهما الأسبوع الماضي بالجزائر، "وقد طلبنا هذا من ليون رسميًا في جولات الحوار الماضية، وكان رده بالإيجاب شفويًا، لكن رسميًا وفعليًا نرى غير ذلك".

تابع حميدان: "لدينا مبررات كثيرة أهمها أن حفتر أول من انقلب على الثورة وأعلن تجميد الإعلان الدستوري، وأن قواته ستدخل طرابلس قبل انتخاب البرلمان، بمعنى أنه يريد أن يقوض النظام الديمقراطي، وبالتالي لا يمكن أن يكون رجلًا توافقيًا يقود مسيرة بناء، بل ستشهد ليبيا في وجوده حروبًا أهلية وتصفيات واغتيالات".

الرد مؤجل

أضاف حميدان أن البرلمان السابق لم يقرر بعد كيفية الرد على دعوة ليون، لعقد أحدث جولات مباحثات يوم الاثنين المقبل مدينة جنيف. وقال: "لم نقرر الرد بعد، ولدينا جلسة الأحد المقبل".

لكن مصادر ليبية أخرى تحدثت للصحيفة نفسها عن انقسام بين أعضاء برلمان طرابلس بشأن العودة إلى طاولة المفاوضات التي ترعاها البعثة الأممية، لافتةً إلى أن المحادثات التي عقدها أبوسهمين في الجزائر مع ليون لم تسفر عن أي نتيجة للاتجاه المتشدد في المؤتمر، بينما ظل الداعمون للحوار على موقفهم الأول من الدعم، على حد قولها.

وكان قد أعلن أن تحديد الاثنين لاستئناف الحوار يأتي في أعقاب مشاورات مكثفة مع الأطراف الليبية المعنية والشركاء الدوليين، في مسعى جديد على ما يبدو لإقناع الأطراف المتحاربة بالاتفاق على حكومة وحدة وإنهاء العنف الذي يعصف بالبلد المنتج للنفط.

وحث ليون الأطراف الرئيسية على مضاعفة جهودها والاستمرار في سوية لتضييق فجوة الخلافات، والتوصل إلى أرضية مشتركة يمكن أن تشكّل الأساس لتسوية سلمية للنزاع السياسي والعسكري في ليبيا.

اتفاق برعاية أممية

عقدت عدة جولات حوار أسفرت عن توقيع اتفاق مبدئي لتشكيل حكومة وفاق وطني، لكن المؤتمر الوطني العام رفض التوقيع على مسودة الاتفاق، وانسحب من آخر جولات الحوار في المغرب، بانتظار مناقشة تعديلات يطالب بإدخالها عليه، بينما طالبت ميليشيات "فجر ليبيا" المسلحة، التي تسيطر على العاصمة منذ عام، بحوار داخل ليبيا من دون وساطة أجنبية.

وينص الاتفاق الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة على إدخال البلاد في مرحلة انتقالية لعامين، تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية وتنتهي بانتخابات جديدة.

إلى ذلك، واصل الجيش الليبي قصف مواقع تابعة لمتطرفين في درنة، معقل الجماعات المتطرفة في شرق البلاد، بينما تواجه حملته العسكرية لإعلان تحرير بنغازي وتخليصها من قبضة المتطرفين صعوبات جمة.

حسم صعب

وقال ناصر الحاسي، المتحدث باسم سلاح الجو الليبي، إن طائرات تابعة للجيش هاجمت سفينة صغيرة كانت تحاول الرسو في ميناء درنة. أضاف: "لا نسمح لأي سفينة بالاقتراب من ميناء درنة من دون إذن من الجيش.. وكنا أصدرنا تحذيرات بهذا الشأن".

ونقلت تقارير عن مصدر عسكري قوله: "تم اعتراض السفينة بعرض البحر، وعندما لم تستجب للإنذارات تم قصفها، وكانت تحمل على متنها مقاتلين وأسلحة".

وبعد مرور 16 شهرا على عملية "الكرامة" التي أطلقها الجيش الليبي الفريق خليفة حفتر في بنغازي ضد المتطرفين، ما زال الحظر الدولي على تسليح الجيش عقبة رئيسية لمساعيه من أجل حسم الصراع، وما زالت قوات الجيش عرضة لرصاص قناصة مختبئين في مناطق سكنية يصعب ضربها بالأسلحة الثقيلة.

ويفتح مقاتلون من تحالف «مجلس الشورى» النار من مبان محاولين استدراج الجنود إلى شوارع ضيقة أو إقناع القادة بإرسال طائرات هليكوبتر أو ميج.

وتجد الطائرات القديمة التي تفتقر لأجهزة التصويب الدقيق صعوبة في ضرب المسلحين من دون إلحاق الضرر بمبان كاملة. وحين يدخل الجنود منازل يشتبهون بأن المسلحين مختبئون بها فيجدون الكمائن قد نصبت لهم. وقال خبير المتفجرات طارق السعيطي إن المجموعات الإرهابية تستخدم أحدث الطرق في تفخيخ المنازل والشوارع والسيارات.

نريد سلاحًا

وبينما يقول الجيش إنه يسيطر على 90 في المائة من المدينة، يتحصن مجلس الشورى في المنطقة المركزية حول الميناء وفي عدد من المناطق الأخرى. وميناء بنغازي ومطاره مغلقان.

وقال محمد الحجازي، الناطق باسم الجيش لوكالة "رويترز": "قرار حظر تسليح الجيش الليبي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي خلال الانتفاضة على القذافي في العام 2011 هو السبب الأول في تأخير تقدم الجيش. هذا قرار فرض في ثورة 17 فبراير بحجة أنه لا يوجد جيش والآن يوجد جيش منظم وقيادة واحدة ونتحرك بأوامر عسكرية".

لكن القوى الكبرى رفضت رفع الحظر، إذ إن جيش الشرق عبارة عن مزيج غير منظم من معارضين سابقين للقذافي ووحدات انشقت عن الجيش خلال الثورة ومدنيين غير مدربين ورجال عشائر.

وقال الحجازي: "نحتاج إلى أسلحة متطورة، نحتاجها في حربنا، وما يعيق جنودنا في الميدان هو كثرة المفخخات في المنازل والشوارع، ونحن نواجه مجموعات إرهابية مدربة تدريبا على أعلى مستوى".

استنزاف في أجدابيا

تملك قوات حفتر طائرات وحوامات ودبابات سوفياتية الصنع، لكنها تعتمد في الأساس مثل جماعات المعارضة السابقة الأخرى على شاحنات بيك أب وضعت عليها أسلحة مضادة للطائرات.

لكن كثيرًا من السكان تعبوا من الصراع، وهم يجدون أنفسهم مضطرين للاصطفاف عند المخابز ومحطات البنزين بعد أن أغلق القتال الميناء وحال دون قدوم واردات القمح والوقود، بخسب "الشرق الأوسط". أما الكهرباء فنادرة.

وتعاني مستشفيات بنغازي نقصًا في الأدوية الطبية والأطقم الطبية، بينما يلوح في أفق الحكومة المزيد من المشكلات. فقد فتح المقاتلون المتشددون جبهة جديدة إلى الجنوب الغربي من بنغازي في أجدابيا قرب ميناء البريقة النفطي.

ويرى مسؤولون عسكريون أن أجدابيا تكرار لما حدث في بنغازي، إذ يغتال مسلحون ضباط الجيش ويعملون على استدراج الجنود إلى حرب شوارع ليسوا مؤهلين جيدًا للفوز بها.