&ايدوميني: بعيدا عن حقول دوار الشمس على الجانب الآخر من سكة الحديد عند مدخل قرية ايدوميني اليونانية، تجمع مئات اللاجئين استعدادا للانتقال الى مقدونيا.

كتلتان من الحجارة وحوالى ستة شرطيين: هذا كل ما يمثل مدخل مقدونيا التي يتدفق عليها عشرات الآلاف من الاشخاص الذين يختارونها معبرا للوصول الى شمال اوروبا.
ويتوجه الكثير من المهاجرين بعد وصولهم الى اليونان عبر تركيا برا او بحرا، الى هذه الحدود بدون ان ينتظروا وثائق السفر اللازمة، ليعبروا صربيا ايضا قبل ان تغلق المجر حدودها بالكامل كما اعلنت في منتصف تموز/يوليو.
وقالت ربى مصطفى (29 عاما) مدرسة اللغة الانكليزية السورية "نشعر اننا تائهون جميعا". فبعد ان فرت من الرقة معقل تنظيم الدولة الاسلامية، خسرت كل شيء بين تركيا واليونان عندما اضطرت لالقاء حقيبتها في البحر لتجنب غرق المركب ذي الحمولة الزائدة.
وهي تقف عند مدخل مقدونيا مع اخواتها وزوجاتهم بدون ان تملك اي فكرة عن المكان الذي ستصل اليه. وقالت "نأمل في ان نجد مكانا هادئا حيث يعاملوننا كبشر".
ومعظم الذين يسلكون هذا الطريق يوميا وعددهم بين الف والفين سوريون. لكن هناك ايضا عائلة افغانية وباكستانيون وعراقيون وزوجان ايرانيان قالا انهما مسيحيان فاران من الاضطهاد.
وكل نصف ساعة تسمح الشرطة لمجموعة من خمسين الى مئة شخص بالصعود الى قطار متوجه الى صربيا. واوضح شرطي ان ما تحتاج اليه الشرطة هو مزيد من الوسائل. وقال "هناك عدد كبير من الناس وهذه مشكلة".
ويقلب وولف (27 عاما) الراقص المحترف القادم من حلب شمال سوريا، دفترا صغيرا رسم فيه محطات رحلته من المهربين الذين يشبهون وحوشا ضارية الى اقدام متعبة ووجوه بدا عليها الانهاك. وكتب "صور يائسة، متفائلة، في بعض الاحيان سعيدة وفي بعض الاحيان مليئة بالامل".
&
ومنذ بداية العام وصل اكثر من 160 الف لاجىء ومهاجر الى اليونان التي قال رئيس حكومتها الكسيس تسيبراس ان هذا البلد غير قادر على مواجهة تدفق هؤلاء.
وقد وعد الاتحاد الاوروبي من جديد بتقديم تمويل في ما وصفه "اسوأ ازمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية". لكن المساعدة التي يحصل عليها اللاجئون نادرة وتأتي من السكان خصوصا. وهناك فريق من منظمة اطباء بلا حدود على الحدود.
ويعبر رجل عن دهشته لتلقيه زجاجة مياه. وقال "لا احد ساعدنا منذ ان دخلنا اليونان".
&ويقوم فاسيليس تسارتسانيس (42 عاما) بتنسيق المتطوعين المحليين منذ احد عشر شهرا عندما "كانت المافيا تسيطر على الحدود" والمهاجرون يتعرضون للضرب والنهب.
وهو يعتقد ان اغلاق حدود اوروبا لن يؤدي سوى الى مزيد من تحول هؤلاء المهاجرين الى فرائس. وقال "يجب مواجهة المشكلة. ليس لديهم ما يخسرونه ولا يستطيعون العودة الى ارضهم لذلك سيمرون بطريقة او باخرى".
وبالقرب منه يقوم طبيب نفسي باللعب مع مجموعة من الاطفال على امل منحهم "شعورا بان الوضع طبيعي". &واحدهم سوري يضحك من اعماق قلبه. لكن عند وضوعه على عربة لعبور الحدود يتبين انه لا يستطيع المشي لانه اصيب برصاصة.
وكثير من هؤلاء الوافدين ينتمون الى الطبقة المتوسطة يرتدون ملابس لائقة وويحملون هواتف ذكية. وقال سائق "بعضهم كانوا يبدون سياحا".
وبين هؤلاء عمر عبدي (24 عاما) الذي فر من سوريا حتى لا يقاتل في صفوف الجيش السوري. وقد وصل من تركيا برا ودفع 2500 يورو ونام في الغابات والشوارع.
وبما ان السلطات اليونانية لم تصدر له وثائق سفر لم يسمح له بالصعود الى الحافلة التي تقل المهاجرين من تيسالونيكي ثاني مدن اليونان، الى الحدود. واضطر لقطع المسافة الى الحدود المقدونية وتبلغ 80 كلم سيرا على الاقدام.
لكنه يشعر بالارتياح. ويقول الشاب الحاصل على اجازة في الادب الانكليزي "لا اريد ان اقتل الناس. اريد ان ادرس فقط". ويضيف "معظمنا عشنا معاناة كبيرة ولا نريد سوى حياة افضل".