غواتيمالا: احتفلت حشود في غواتيمالا الثلاثاء برفع الحصانة عن الرئيس اوتو بيريز، الذي اصبح ملاحقا بتهمة الفساد، فيما تشهد البلاد اجواء غير مسبوقة من الاحتجاج الشعبي.

وما ان اعلنت موافقة البرلمان على القرار التاريخي بتجريد الرئيس المحافظ من الحماية القضائية التي يتمتع بها باجماع 132 نائبا حضورا الجلسة من اصل 158 اعضاء البرلمان عند الساعة 16,30 (22,30 تغ)، حتى هرع مئات ليتجمعوا امام المبنى.

وعلى عزف الابواق ووقع المفرقعات، توجه المتظاهرون، الذين بدا عليهم السرور الى الساحة المركزية في مدينة غواتيمالا، على الرغم من الامطار الاستوائية الغزيرة. وقال موريل فياتوريو الموظف المتقاعد، الذي كان وسط حشد يرفع اعلام البلاد "انه انتصار لشعب غواتيمالا في مواجهة الفوضى التي تسود البلاد". وهي المرة الاولى في تاريخ غواتيمالا التي يفقد فيها الرئيس حصانته القضائية، مما يمهد لملاحقات ضده. وخلال تلك الفترة يمكنه البقاء في منصبه ما لم يقرر قاض توقيفه موقتا.

وبعد رفع الحصانة عنه، قرر القضاء مساء الثلاثاء منعه من مغادرة البلاد. وقالت النيابة العامة في تغريدة على تويتر انها "طلبت منع الرئيس اوتو بيريز مولينا من مغادرة البلاد وقد وافق القاضي ميغيل انخيل غالفيز على ذلك". واكدت النائبة العامة تيلما الدانا لمحطة تلفزيون محلية انه "ما زالت هناك امكانية ان يغادر البلاد"، مشيرة الى ان بيريز اصبح "مواطنا عاديا في النظام القضائي، وان كان يواصل ممارسة مهامه الرئاسية".

جاء هذا القرار بينما تشهد غواتيمالا الدولة الواقعة في اميركا الوسطى تعبئة شعبية غير مسبوقة قبل ايام فقط من انتخابات عامة مقررة الاحد، ولم يترشح الرئيس الذي تنتهي ولايته في 14 كانون الثاني/يناير 2016 فيها، لان الدستور لا يسمح له باكثر من ولاية واحدة. وتنظم تظاهرات سلمية كل اسبوع منذ كشف فضيحة الفساد في نيسان/ابريل الماضي.

وقالت النائب الاشتراكي الديموقراطي ماريو تاراسينا ان "شعب غواتيمالا وبعد اربعة اشهر من النضال يستعيد الامل ويرى البرلمان يتحرك اخيرا ويفتح الطريق امام اجراءات ضد الرئيس الذي لم يصغ للشعب".

وبيريز (64 عاما) جنرال متقاعد يحكم البلاد منذ 2012. وهو متهم من قبل النيابة العامة ولجنة تابعة للامم المتحدة لمكافحة الافلات من العقاب، بقيادة نظام فساد داخل جهاز الجمارك كان يسمح للموظفين باعفاء بعض الواردات من الرسوم مقابل حصولهم على رشاوى. وما زالت النائبة السابقة للرئيس روكسانا بالديتي قيد التوقيف الموقت في اطار هذه القضية.

واكد اوتو بيريز الاثنين "يمكنني ان اؤكد، لكم انني لم اتلق سنتيما واحدا من هذه البنية الاحتيالية"، مشددا على ان "هناك امرا مهما هو فرضية البراءة". وكان طلب سابق برفع الحصانة عن الرئيس قبل اعلان اتهامات النيابة واللجنة اخفق في منتصف آب/اغسطس، لانه لم يحصل على العدد اللازم من الاصوات. لكن في مواجهة الغضب المتصاعد، دعم عدد من النواب المرشحين في الانتخابات التي ستجرى الاحد، الاجراء هذه المرة.

وتقدم الرئيس الاثنين بطعن امام المحكمة الدستورية لوقف الاجراءات ضده. ويفترض ان تصدر قرارها بحلول الخميس. ونفى خورغي اورتيغا الناطق باسم الرئيس الثلاثاء امكانية استقالته على الرغم من الدعوات العديدة التي اطلقتها مؤسسات حكومية عدة بينهم محطمة التفتيش المالي وكذلك هيئة ارباب العمل. وقال اورتيغا ان "الرئيس كان واضحا جدا (...) عندما قال انه سيواجه الاجراءات" القضائية بدون ان يغادر منصبه.

واكد خافيير اورتيز الذي يدرس الهندسة، الثلاثاء "عليه الاستقالة الآن باسم الكرامة والشعب يقوم باخراجه من السلطة". ويطالب المتظاهرون ايضا بارجاء الانتخابات على امل اصلاح النظام السياسي بكامله للقضاء على الفساد المستشري فيه. وقال المدرس خورخي سالغيرو "نحن في فترة ازمة، لكن بمعزل عن ذلك انه تحذير للحكومة المقبلة لنقول لها اننا لسنا نائمين، واننا مستعدون دائما".

ودعت الناشطة التي تنتمي للسكان الاصليين ريغوبيرتا مينشو الثلاثاء الى الهدوء "لتجنب اي فلتان" خصوصا في يوم الاقتراع. وهيمنت فضيحة الفساد هذه على الحملة الانتخابية في هذا البلد الواقع في اميركا الوسطى، خلافا للحملات السابقة التي تركزت على العنف الذي يؤدي الى سقوط ستة آلاف قتيل كل سنة في اطار الجريمة المنظمة في بلد يعاني من تهريب المخدرات والفقر.
&