تخطّط هيئات حكومية إيرانية لتحويل كنيسة آشورية إيرانية إلى حسينية شيعية، ما أثار حفيظة ممثل الأقليات في البرلمان الإيراني، فسأل: "ما فائدة وجودنا في برلمان يعتبرنا كفارًا؟".
دبي: في الثاني من كانون الثاني (يناير) الجاري، أورد الموقع الالكتروني الخاص بـ "المجلس الوطني للمقاومة في إيران" نبأ تخطيط سلطات نظام الملالي في طهران لتحويل أرض كنيسة مصادرة، خاصة بالآشوريين الإيرانيين من أتباع الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، بشكل غير قانوني إلى مركز صلاة إسلامي، أو ما يعرف في إيران بالحسينية.
وتقع الكنيسة المصادرة موضوع المقالة في شارع باتريس لومومبا غرب طهران، وقد صادرت الحكومة الإيرانية أرضها بشكل غير قانوني قبل عامين، وفشلت محاولات عدة لاسترجاعها قانونيًا، في دليل إضافي على ما تعانيه الأقليات غير المسلمة في ظل حكم الحرس الثوري الإيراني.
بطريقة غير مشروعة
ونقلت تقارير صحافية عن يوناتن بيت-كليا، النائب عن الطائفة المسيحية في البرلمان الإيراني، قوله في تصريح إنّ جماعة دينية استولت على أرض تابعة للمسيحيين في طهران بحجة بناء حسينية للشيعة، وتم الاستيلاء على هذه الأرض غصبًا عن هذه الجماعة الإسلامية.
وأضاف: "منذ ما يقرب من عامين، قامت جماعة أو هيئة دينية شيعية، بحجة تأسيس وبناء موقع ديني، بالاستيلاء على قطعة أرض تملكها الكنيسة الآشورية الكلدانية الكاثوليكية في طهران بطريقة غير مشروعة، وعلى الرغم من المباحثات المتكررة والمتعددة مع المسؤولين والسلطات القضائية، إلا أنّ هذه الجماعة قامت بالاستيلاء على الأرض، وقد تحدثت مع نائب الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات الدينية علي يونسي، لكن الأخير أخبرني أنه لا يستطيع فعل شيء في هذه القضية".
وتابع بيت-كليا في حديثه لصحيفة "شرق" الإيرانية: "ما يثير الاستغراب أنه بالرغم من كل المتابعات، ما زال هؤلاء الأفراد يستمرون في تصرفات غير قانونية وغير شرعية باسم الهيئات الدينية، يسيئون للجهات الدينية وللأجهزة الرسمية والحكومية وللأقلية المسيحية".
كفار!
وتساءل بيت-كليا: "ما فائدة وجودنا في برلمان يعتبرنا كفارًا؟ الجهة الدينية ترفض مغادرة المكان. كما أن احتجاج الأقلية لدى كبار المسؤولين لم يسفر عن أي نتائج، ووفقًا للنصوص الفقهية الصريحة، العبادة في الأرض المغتصبة باطلة".
وفي خطاب أمام البرلمان، انتقد بيت-كليا الرئيس الإيراني حسن روحاني على خلفية التمييز والقيود في توظيف مواطني الأقليات الدينية في الأجهزة الحكومية وإقصائهم عن المناصب العسكرية والأمنية والجهاز الدبلوماسي، والتمييز في القصاص والوراثة في المادة 881 من الدستور التي تنص على أن "الكافر لا يرث من المسلم، وإذا كان بين ورثة الكافر مسلم فإنه يرث أموال الكافر".
وقال: "منذ سنوات، نشاهد في بعض الأسر من الأقليات الدينية أحد الأبناء قد أعلن إسلامه ليسيطر على كامل الإرث فيحرم إخوته منه متسلحًا بالمادة 881، في الوقت الذي لا يؤمن فيه أكثر هؤلاء بالإسلام، ويستغلون المادة فقط من أجل السيطرة على الميراث".
بانتظار الفتوى
وقال بيت-كليا إن ممثلي الأقليات يطالبون دائمًا بإعادة النظر في المادة الدستورية الإيرانية التي تنتهك حقوقهم، مشيرًا إلى أن البرلمان يتجاهل مشروع قرار رفعه ممثلو الأقليات منذ 12 عامًا لتغيير هذه المادة على الرغم من دعمها من قبل 198 برلمانيًا في المرة الأولى.
اضاف بيت-كليا: "إلتقى ممثلو الأقليات الدينية عددًا من مراجع قم، لكن لم يتلقوا ردًا على مطالبهم، إلا أن جواد الشهرستانی، ممثل المرجع الشيعي علي السيستاني في إيران، شدد على وجوب إعفاء الأقليات المعترف بها رسميًا من المادة 881، ووعد السيستاني بإصدار فتوى بهذا الخصوص، لكنه لم يفعل ذلك حتى اللحظة".
والجدير بالذكر أن الكنيسة الأرمينية هي أكبر الطوائف المسيحية في إيران، ويراوح عدد الأرمن الإيرانيين اليوم بين 130 و150 ألفًا، موزعين على ثلاث أبرشيات: أصفهان وأذربيجان وطهران. تضم العاصمة طهران نحو ثمانين ألف أرمني أرثوذكسي، يشكلون الأكثرية الساحقة من المسيحيين فيها.
وللأرمن عضوان في البرلمان الإيراني، أحدهما عن أرمن طهران والشمال، والآخر عن أرمن أصفهان وجنوب إيران. والأرمن تجار أغنياء، يؤدون دورًا بارزًا في تطوير الصناعات الفنية الدقيقة الخاصة بالمجوهرات والآلات الدقيقة، ويساهمون في الصناعات البترولية.
هدموا المصلى السني
لكن ثمة من يسأل...&كيف تشتكي الأقليات غير الاسلامية من هذه المعاملة إن كان السنة، وهم مسلمون، يلقون المعاملة السيئة نفسها؟ كيف لا وفي 29 تموز (يوليو) الماضي، دمّر النظام الإيراني قاعةً للصلاة تابعة للطائفة السنية في طهران.
فقد هاجم مسؤولون من بلدية طهران، مدعومين بقوات الباسيج، مصلى "بوناك" السني، وفتشوا تفتيشًا&دقيقًا بيت إمام المصلى الشيخ عبدالله موسى زادة، وصادروا هاتفه الجوال. ثم صدر أمر من بلدية طهران بإزالة المصلى، لمنع المسلمين السنة من الصلاة في رحابه.
في حينه، وصفت مريم رجوي، رئيسة المقاومة الإيرانية، هذا الفعل بأنه مناف للاسلام وعلماني وإجرامي، ودعت كل المدافعين عن حقوق الانسان وعن حرية العبادة والاعتقاد الديني والمجتمع الدولي، خصوصًا الدول الاسلامية، إلى الاحتجاج على ذلك.
وأدان مولوي عبدالحميد، الامام السني في مدينة زهدان في جنوب شرق إيران، هذا الفعل في رسالة احتجاج رفعها إلى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وإلى الرئيس حسن روحاني.
وفي رسالته إلى روحاني، كتب: "إن غياب التسامح إزاء وجود مصلى سني في مدينة يمنع على السنة فيها أن يبنوا مسجدًا لهم... لا يؤذي مشاعر المجتمع السني في إيران فحسب، بل مشاعر كل المسلمين في الأرض".
التعليقات