باكستان جارة لإيران وحليف للسعودية، أغلب سكانها من السنة، لكن الشيعة هم اضخم أقلية فيها، وهي تحتاج إلى ايران بسبب الطاقة، وتحتاجها السعودية بسبب القنبلة النووية. فهل ستحافظ باكستان على توازن صعب؟
&
إعداد ميسون أبو الحب: في اول رحلة لهما الى الخارج في العام الجديد، زار كل من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان باكستان خلال الايام القليلة الماضية، وفصلت عدة ايام فقط بين زيارتي المسؤولَين اللذين التقيا في اسلام آباد قادة البلد المدنيين، وأيضا القادة العسكريين.&
&
جاءت الزيارتان بعد اعدام الشيخ نمر النمر، ثم احراق السفارة السعودية في طهران، ما ادى الى قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية بايران، وقد أرادت السعودية، التي اعلنت تشكيل تحالف اسلامي عسكري في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، اشراك باكستان، التي تمثل ثاني اكبر بلد اسلامي في العالم، والمالك الوحيد للقدرة النووية، في هذا التحالف الذي يضم 34 بلدا.&
&
وقال الباكستانيون إنهم فوجئوا بالاعلان عن التحالف، غير ان ناطقًا باسم وزارة الخارجية أقر لاحقا بمشاركة باكستان فيه، ونقلت صحيفة التايم عن مسؤول باكستاني بارز قوله: "نحن جزء من التحالف، ولكننا سنتصرف وفقا لمصالحنا الوطنية".&
&
بعد اللقاء بين الامير محمد بن سلمان وقادة الجيش الباكستاني يوم الاحد اصدر الاخير بيانا جاء فيه أن اي تهديد لوحدة اراضي السعودية سيستدعي ردا قويا من جانب باكستان، ومن جانبه، استخدم رئيس الوزراء نواز شريف نبرة اقل حدة واقترح التوسط بين ايران والسعودية لحل الخلافات.
&
مخاوف&
&
ولاحظت صحيفة التايم أن باكستان التي تضم ثاني اكبر عدد من السكان السنة والشيعة في العالم تخشى في الواقع من توريد التوتر الطائفي المتأجج في الشرق الاوسط الى منطقة جنوب آسيا، وكانت السلطات الباكستانية قد كشفت الشهر الماضي عن خلية ارهابية تابعة لتنظيم داعش في بلدة سيالكوت الصناعية المهمة، فيما يقوم حرس الثورة الايراني بكسب مقاتلين باكستانيين شيعة لقتال داعش في سوريا. &
&
وفي مدينة كراتشي، وهي اكبر مدن باكستان، سارت احدى اضخم التظاهرات الشيعية في العالم احتجاجا على اعدام الشيخ نمر النمر في الثاني من هذا الشهر، يضاف الى هذه التطورات، المشاكل الامنية التي تعاني منها باكستان اصلا، ومنها توتر طائفي في الداخل بين الاغلبية السنية والاقلية الشيعية الضخمة، والذي حصد ارواح آلاف الشيعة في اقاليم البلاد الاربعة على مدى السنوات الاخيرة.&
&
وبعد الغضب الذي اثاره قتل اكثر من 100 طفل في احدى مدارس بيشاور في كانون الاول (ديسمبر) 2014، كثفت باكستان حربها ضد المسلحين، رغم ان منظمات معنية بحقوق الانسان انتقدتها بسبب لجوئها المتكرر الى المحاكم العسكرية وبسبب عمليات الاغتيال والاعدامات وبضمن ذلك إعدام سجناء ادينوا بارتكاب جرائم وهم أحداث. &
&
وقد حققت باكستان بعض النتائج من حربها ضد المسلحين، حيث انخفض عدد الهجمات الارهابية في عام 2015 بنسبة 48% وفقا لتقرير نشره معهد دراسات السلام الباكستاني. ولكن تقرير المعهد نفسه لاحظ زيادة بنسبة 7% في عدد الهجمات الطائفية.&
&
ولباكستان اهمية كبيرة بالنسبة للسعودية لاسباب واضحة، اولها ان الاغلبية السكانية فيها من السنة، وثانيها انها تمتلك اسلحة نووية، وهو ما يجعلها قادرة على خلق توازن مع ايران من الجهة الشرقية، ولباكستان ايضا تاريخ على صعيد ارسال جنود لحماية المملكة، حيث سبق وأن ارسلت آلافًا من جنودها الى السعودية خلال الثمانينات وخلال حرب الخليج في عام 1991.&
&
البلدان تعاونا ايضا بشكل وثيق خلال الحرب ضد السوفيات في افغانستان، وكما هو معروف عن السعودية انها طالما ساعدت اقتصاد باكستان المتعب، ففي عام &2013 منحتها السعودية مبلغ مليار ونصف المليار دولار على أمل أن ترد باكستان الجميل لاحقًا، كما ويعمل في السعودية مليون ونصف باكستاني، ويرسلون اموالا الى بلدهم.&
&
توازن
&
ومع ذلك، صوّت برلمان باكستان بالاجماع في نيسان (ابريل) الماضي على رفض طلب السعودية للمشاركة في التحالف الذي يشن حملة عسكرية في اليمن. وقال الباكستانيون في ذلك الوقت إن لديهم مشاكل كبيرة في الداخل، وإنهم لا يريدون اتخاذ موقف بين "الاشقاء" في السعودية وايران "الجارة"، وقد ادى هذا الرفض الى توتر العلاقات بين الاثنين لاول مرة.
&
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، زار رئيس اركان الجيش الباكستاني الفريق أول ركن راحيل شريف السعودية للتخفيف من هذا التوتر وغادر بعد الاتفاق، على أن تبقى باكستان ملتزمة بحماية "الحرمين الشريفين في مكة والمدينة"، و"سلامة اراضي" السعودية.&
&
اما مع ايران فتميزت العلاقة بنوع من التقلب منذ الثورة الاسلامية في عام 1979 وتقرب طهران من نيودلهي. ومع ذلك، حاولت باكستان في السنوات الاخيرة التخفيف من عزلتها الاقليمية من خلال تحسين علاقاتها مع جارتها الغربية على امل استيراد 3 آلاف ميغاوات من الطاقة الكهربائية عبر الحدود بين البلدين. وفي نيسان (ابريل) الماضي، وافقت الحكومة الصينية على تمويل إنشاء انبوب لنقل الغاز بين ايران وباكستان. &
&
في المحصلة، من المؤكد انه ليس من السهل بالنسبة لدولة مثل باكستان أن تسير على حبل مشدود بين اثنتين من كبريات دول منطقة الشرق الاوسط وأن تحافظ على التوازن.
&

&