قبل ملايين السنين وقعت طفرة جينية يعتقد علماء أنها كانت وراء ظهور كل أشكال الحياة التي نعرفها اليوم على الكرة الأرضية.

&
إعداد ميسون أبوالحب: يقول هؤلاء الباحثون إنه كان مجرد تحول واحد وقع بالصدفة، ولكنه كان حاسمًا في تأثيره، لأنه نقل كائنات حية وحيدة الخلية، مثل البكتيريا، إلى كائنات متعددة الخلايا، اتخذت أشكالًا مختلفة، لا تعد ولا تحصى، وأحدها هو الإنسان.
&
هذه هي خلاصة دراسة نُشرت نتائجها في مجلة إي لايف العلمية، وهي لا تفسر فصلًا مهمًا من فصول تطور الحياة على الأرض فحسب، بل تقدم أدلة تربك العقل عن انحراف يحدث داخل الخلايا السرطانية، يجعلها تتوقف عن النشاط في إطار مجموعة تشكل هي جزءًا منها، وتبدأ بالتصرف مثل كائنات وحيدة الخلية، حسب قول باحثين. &
&
تعديل جيني واحد
يحمل الحمض النووي شفرات البروتينات، وهي الجزيئات المكلفة أداء كل المهام الرئيسة في خلايا حية. وإذا ما حدثت تبدلات أو تعديلات، فعادة ما تكون مصيرية بالنسبة إلى كائن حي، وربما يؤدي مثل هذا التبدل إلى تزويد الخلية بآلية جديدة يمكن أن تحقق أمورًا مذهلة.
&
يعني هذا الكلام، وحسب قول أصحاب الدراسة، أن تحويرًا حدث داخل كائنات وحيدة الخلية قبل 600 مليون سنة، دفعها لاحقًا إلى الاندماج مع خلايا أخرى، وتكوين تجمعات من الخلايا، وهو ما أفضى في النهاية إلى ظهور أشكال كائنات حية جديدة متعددة الخلايا.&
&
وقال كين بريهودا المتخصص في الكيمياء الحيوية في جامعة أوريغون، والذي أشرف على الدراسة: "توصلنا إلى اكتشاف أن وظائف هذا البروتين الجديد يمكن أن تتطور بحدوث عدد قليل جدًا من التحورات". وأضاف "لكن في البداية، كان المطلوب حدوث تحور واحد فقط". & &
&
أصل الكل
لاكتشاف ماهية هذا التغيّر، درس بريهودا وزملاؤه مجموعة من الكائنات المجهرية الشبيهة بالأسفنج، تحمل اسم تشونوفلاجيللاتس choanoflagellates، وهي تعيش في البحر، ولها ذيل يسمح لها بالسباحة والتحرك، وبإمكانها أن تعيش وحدها أو ضمن مستوطنات ضخمة.&
&
واستخدم الباحثون تقنية تقوم على إعادة تكوين البروتين القديم أو ما معناه العودة إلى الوراء لرصد التغيّرات الجينية التي أفضت بهذه المخلوقات وحيدة الخلية إلى تطوير بروتين مهم للحياة متعددة الخلايا.&
&
وجد المتخصصون أن تحورًا في الجين، الذي يحمل خصوصيات الذيل، سمح له بالتجمع مع خلايا أخرى في شكل مستعمرة. ويعتقد العلماء أن هذه كانت الخطوة الحاسمة التي سمحت لكائنات وحيدة الخلية بالتطور إلى كائنات متعددة الخلايا، وهم يؤكدون أنه في الإمكان رصد أثر هذا التحور لدى جميع الحيوانات.
&
نسيان
ولاحظت صحيفة واشنطن بوست أن هذا التغيّر الجيني "لم يكن الوحيد المسؤول عن الانتقال الكبير من حياة بخلية واحدة إلى حياة بخلايا متعددة، ولكن بدونها ما كنا سنوجد، وما كان أقاربنا من أصحاب الخلايا المتعددة، سيوجدون على الإطلاق".
&
هذا ومن المؤكد أن أحد الجوانب المهمة في نتائج هذا البحث هو أنه يرضي فضول العلماء بشأن معرفة تفاصيل تطور الإنسان، ولكن له أهمية أخرى تتعلق بمرض السرطان.&
&
وقال الباحث بريهودا لواشنطن بوست إن هذه الدراسة أظهرت بأن السرطان مرض يحدث عندما تنسى الخلايا أن تكون جزءًا من فريق عمل متكامل له وظائفه داخل كائن حي متعدد الخلايا، وهو ما يساعدنا على فهم الآلية التي تحدث بها هذه الأمور، وهو ما قد يفضي إلى إيجاد وسائل علاج أفضل مما يتوافر لدينا الآن، حسب رأيه.
&