حض زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في تسجيل صوتي بث فجر الخميس مقاتليه على التصدي للقوات العراقية التي وصلت إلى مشارف مدينة الموصل، عاصمة دولة الخلافة التي أعلن قيامها قبل عامين.

إيلاف من بغداد: جاءت الدعوة في تسجيل صوتي بثته مؤسسة "الفرقان" التابعة للتنظيم، والتي أكدت في بدايته أنه يعود إلى أبو بكر البغدادي. وقال البغدادي في أول تسجيل له منذ حوالى عام، ومدته نحو 32 دقيقة: "يا أهل نينوى عامة، وأيها المجاهدون خاصة (...) إياكم والضعف عن جهاد عدوكم ودفعه".

وأضاف زعيم التنظيم الجهادي إن "ثمن بقائكم في أرضكم بعزّكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلّكم". وفي يونيو من العام 2014، شهدت الموصل في شمال العراق الظهور العلني الوحيد للبغدادي، والذي أعلن خلاله قيام دولة "الخلافة".

ويتراجع نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية بشكل مطرد منذ العام الماضي، مع وصول القوات العراقية في الأسبوع الحالي إلى مشارف آخر أهم معاقل "الجهاديين" في العراق.

وفي 17 أكتوبر، بدأت القوات العراقية، مدعومة من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، عملية ضخمة لاستعادة السيطرة على الموصل. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من تأكيد صحة التسجيل على الفور، الذي نشر بعنوان "هذا ما وعدنا الله ورسوله"، إلا أن خبراء في التنظيم "الجهادي" لم يشككوا به.

مهاجمة تركيا
وحض البغدادي "الجهاديين" على مهاجمة تركيا. وقال "أيها الموحدون لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم فاستعينوا بالله واغزوها، واجعلوا أمنها فزعًا، ورخاءها هلعًا، ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة"، معتبرًا أن تركيا تسعى إلى "تحقيق مصالحها وأطماعها في شمال العراق وأطراف الشام".

وترغب تركيا في إشراكها بالهجوم ضد مدينة الموصل، ويتمركز مئات من الجنود الأتراك في قاعدة بعشيقة في منطقة الموصل رغم معارضة بغداد التي تعتبرهم "قوة احتلال".

وأعلن مسؤولون عسكريون أتراك الأربعاء أن قافلة عسكرية تركية تضم حوالى ثلاثين آلية تنقل خصوصًا دبابات وقطع مدفعية كانت الثلاثاء في طريقها الى منطقة قريبة من الحدود العراقية. وكانت قوات مكافحة الارهاب تعمل الأربعاء على تنظيف بلدة قوقجلي، المتاخمة للموصل، بعد انسحاب "الجهاديين" منها، وتقوم بعمليات تفتيش داخل المنازل وبين المدنيين، تحسبًا لاحتمال اختباء عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية.

على الجبهات الأخرى لأكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات، تقدمت قوات الجيش أيضًا من المحور الشمالي لتصبح على بعد كيلومترين من الموصل، فيما لا تزال المسافة طويلة أمام قوات الرد السريع والشرطة الاتحادية الآتية من الجنوب.

وتلقى القوات العراقية دعمًا من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، ومن مستشارين إيرانيين. وتعتبر الموصل آخر أكبر معاقل "الجهاديين" في العراق، بعدما خسر تنظيم الدولة الإسلامية مساحات واسعة من الاراضي التي سيطر عليها في يونيو 2014.

ويقدر عدد "الجهاديين" بين أربعة وسبعة آلاف يقاتلون في الموصل ومحيطها، بينما تتألف القوات الاتحادية والكردية والفصائل المنضوية تحت قيادة الحكومة من عشرات آلاف العناصر. ودفع التفوق العددي للقوات الحكومية تنظيم الدولة الإسلامية إلى التركيز في مواجهاته على الانتحاريين وقذائف الهاون والأسلحة الخفيفة.

قلق على المدنيين
تثير المعارك الجارية في الموصل قلق المنظمات الإنسانية على مصير أكثر من مليون مدني داخل المدينة. والأربعاء اعتبر "المجلس النروجي للاجئين"، وهو منظمة غير حكومية، أن العراق يعيش أوقاتًا صعبة مع تقدم القوات في الموصل واقتحام معقل "الجهاديين" المكتظ بالسكان.

وندد مجلس الأمن الدولي الأربعاء باستخدام "الجهاديين" في الموصل المدنيين دروعًا بشرية. وبعد مشاورات استمرت ثماني ساعات، قال أعضاء المجلس الـ 15 إنهم "يدينون استخدام دروع بشرية"، ويطلبون من الأطراف المتحاربة "اتخاذ كل الإجراءات الممكنة للحفاظ على المدنيين".

وتدعو المنظمات الإنسانية إلى فتح ممرات آمنة تتيح لآلاف المدنيين العالقين في الموصل الوصول إلى بر الأمان، في ظل توقعات بنزوح عشرات الآلاف مع احتدام المعارك المرتقب داخل المدينة. وفر أكثر من عشرين ألف شخص من منازلهم تجاه المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منذ بدء العمليات العسكرية في اتجاه الموصل في 17 أكتوبر، بحسب آخر إحصاء للمنظمة الدولية للهجرة.

لكن لا يزال هناك 1.5 مليون شخص عالقين في المنطقة، بينهم أكثر من 600 ألف طفل، بحسب منظمة "سايف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال).
&