نصر المجالي:&يعتبر قرار المحكمة العليا البريطانية بضرورة تصويت مجلس العموم على إطلاق عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي من أكثر القرارت القضائية الدستورية إثارة للجدل لعقود خلت في تاريخ المملكة المتحدة.&
ويعني قرار المحكمة العليا يوم الخميس، أن الحكومة ليست مخولة بتفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة والبدء بمفاوضات الخروج الرسمية مع الاتحاد الاوروبي دون الرجوع لنواب الشعب في مجلس العموم.
وفور صدور القرار القضائي، أعلنت حكومة تيريزا ماي التي قال مراقبون إنها تلقت صفعة قوية غير مسبوقة، انها ستطعن في الحكم أمام محكمة الاستئناف، متعهدة باحترام قرار الانسحاب الذي أفرزه الاستفتاء.&
وبمقتضى قرار المحكمة العليا، فإنه يجب أن يصوت البرلمان البريطاني على قرار تفعيل المادة 50، وهو ما ينذر بمزيد من التأخير، خصوصا وان رئيسة الحكومة كانت وعدت بأن تبدأ عملية بريكست بنهاية آذار (مارس).
ميلر مع زوجها الن |
&
عرقلة الاستفتاء&
وبحسب مراقبين فإن قرار محكمة لندن العليا قد يعرقل نتيجة الاستفتاء وقد تؤدي تداعيات القضية إلى تأخير عملية (بريكست) في حال نجاحها وتشكل مواجهة دستورية لا سابق لها بين المحاكم والحكومة.
وتشكل القضية تحديا لتأكيد رئيسة الوزراء أن لها الحق في تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة لبدء سنتين من المفاوضات حول انفصال بريطانيا عن الكتلة الأوروبية.
وتقول الحكومة إنها تتمتع "بصلاحيات ملكية" وهي صلاحيات تنفيذية تتيح لها التفاوض بشأن بريكست دونما الحاجة إلى العودة إلى البرلمان.&
تصريح قائدة الحملة
وفور صدور القرار، صرحت جينا ميلر التي قادت حملة التوجه الى المحكمة العليا، بأن هذا القرار يصب في مصلحة جميع البريطانيين وأن على الحكومة التحلي بالحكمة اللازمة بعدم استئناف القرار.
وقالت ميلر (51 عاماً) المولودة في غيانا البريطانية والمشاركة في تأسيس صندوق (إس سي إم برايفت ـSCM) العام 1999، إن "القرار الذي اصدرته المحكمة اليوم يمسنا جميعا، وليس متعلقا بي وبفريقي فقط وانما يمس المملكة المتحدة ومستقبلنا جميعا".
المواجهة بين تيريزا ماي وجينا ميلر |
&
&رفع الدعوى
وكانت محكمة لندن العليا، بدأت يوم الخميس 13 &أكتوبر 2016، النظر في قضية رفعتها ميلر من خلال مكتب "ميشكون دو ريا" للمحاماة، تتعلق بحق رئيسة الوزراء تيريزا ماي بدء عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون تصويت في البرلمان.&
وتم رفع الدعوى القضائية بعد استفتاء 23 يونيو الذي اختار فيه 52% من البريطانيين الانفصال عن الاتحاد الاوروبي في نتيجة صادمة أدت الى انخفاض سعر الجنيه الاسترليني وزيادة المخاوف الاقتصادية على المستوى العالمي.
يذكر أن السيدة ميلر، قائدة حملة "تحدي الشعب ضد بريكست"، نشأت وترعرت في بريطانيا، وكات درست التسويق وإدارة الموارد البشرية في جامعة لندن. وبدأت حياتها المهنية بعد تخرجها في إدارة تسويق سيارات (BMW).
وتقود هي وزوجها ألن وهو أيضا مؤسس ورئيس مجلس إدارة مشروع ميلر للعمل الخيري، والذي يقدم خدمات مجانية للجمهور، حيث قدما مساهمات كبيرة في مستوصف مارغريت تاتشر في مستشفى تشيلسي الملكي وعدد آخر من الجمعيات الخيرية الصغيرة في المملكة المتحدة.
خوف
ويشار إلى أنه حين رفعها القضية إلى المحكمة العليا، في الشهر الماضي، قالت ميلر التي شاركت في حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي إن سبب عدم انضمام رجال أعمال آخرين إلى قضيتها هو أن الناس "يخشون قول رأيهم صراحة. وأنا نفسي تلقيت تهديدات بالقتل. ويبدو أن رأسي معلق&على بوابة الخونة" مشيرة إلى القوس الذي كان يقاد إليه السجناء في برج لندن في القرن السادس عشر.
وأضافت ميلر: "تعرضت شركتي للمقاطعة. هناك لؤم وقسوة. ولكني لن أرضخ للتخويف لأنني مقتنعة بأن الاحتكام إلى القانون في مصلحة الجميع".&
وذكرت ميلر أن معركتها لا تتعلق بشركتها وإنما بحقوق البرلمان من حيث المبدأ، وإذا تجاوزناه أو سجلنا سابقة بأن رئيس الحكومة يمكن أن يقرر بشأن الحقوق التي نملكها والحقوق التي لا نملكها، فسنعود بالتالي إلى كوننا دكتاتورية ونعود بالديمقراطية 400 سنة إلى الوراء.
جينا ميلر قائدة حملة مواجهة بريكست |
&
مسائل قانونية
ومن جانبه، كان المحامي ديفيد بانيك- مكتب "ميشكون دو ريا" للمحاماة وهو ممثل رافعي الدعوة امام المحكمة، قال إن "المسألة ليست في ما اذا كانت البلاد ستبقى ضمن الاتحاد الاوروبي او تنفصل عنه، القضية تتعلق بمسائل قانونية حول حدود السلطات التنفيذية".
واضاف ان المسألة "تكمن في معرفة ما اذا كان ممكنا للحكومة ان تتصرف بشكل احادي، او ان كانت تحتاج لموافقة البرلمان للقيام بذلك".
واعتبر المحامي بانيك استخدام الحكومة للصلاحيات الملكية مخالفًا للقانون لانه وبموجب قانون المجتمعات الاوروبية لعام 1972، فان الامر يعود الى البرلمان ان يقرر الابقاء او التخلي عن الحقوق الممنوحة له ضمنه. وقال ان "الابلاغ من نتيجته حرمان الافراد من الحقوق التي يتمتعون بها بموجب قانون 1972".
مناقشة الخطة
وإلى ذلك، فإنه رغم أن رئيسة الحكومة كانت اتهمت رافعي القضية إلى المحكمة العليا بالسعي إلى "تقويض" نتيجة الاستفتاء، فقد ذكرت أنها ستطلب من البرلمان مناقشة خطتها لـ(بريكست) قبل البدء رسميا بعملية الانفصال، لكنها لم توافق على أن يصوت البرلمانيون على خطتها قبل تفعيل المادة 50.
وردا على سؤال في جلسة سابقة لمجلس العموم إن كان سيتم التصويت، اكتفت ماي بالقول إن الفكرة القائلة إن البرلمان ليس قادرا على مناقشة وطرح أسئلة بشأن قضايا متعلقة ببريكست كانت بصراحة خاطئة تماما.
وأكدت ماي أن مناقشة البرلمان للخطة لن تغير نتيجة الاستفتاء بقولها للنواب إن المملكة المتحدة ستنفصل عن الاتحاد الأوروبي، ونحن لا نتساءل بأي جزء من العضوية سنحتفظ.
التعليقات