يومبي: اثر رحلة نزوح تخللتها مآزق وكمائن، وصل نازحون من مدينة ياي في جنوب السودان أخيرا الى شمال اوغندا حيث أدلوا بشهادات مروعة حول أعمال قتل لدوافع اتنية وتجنيد اجباري في صفوف المتمردين.

وباتت مدينة ياي الواقعة في ولاية وسط الاستوائية الجنوبية منذ اسابيع، احد المراكز الرئيسة للحرب التي لا تزال كامنة بين حكومة الرئيس سلفا كير وقوات نائبه السابق رياك مشار الموجود في المنفى حاليا.

وقال العديد من سكان المدينة الذين قابلتهم وكالة فرانس برس في شمال أوغندا حيث يصل نحو 2400 لاجئ يوميا لتنضم الى 330 الفا وصلوا في العام الحالي، ان جنودا من الجيش الحكومي يقتلون بالساطور كل من يعتبرون انه متمرد من ياي.

وقال ابراهيم الورو، وهو شاب في العشرينات كان يعمل في مزرعة للتبغ على مشارف المدينة، "قبل حوالى اسبوعين، وصل الجنود ليلا الى منزل شقيقي ايمانويل طالبين منه فتح الباب. اتهموه بالانضمام الى صفوف التمرد، هذا ليس صحيحا لكنهم ضربوه بالسواطير حتى الموت". واضاف ابراهيم الذي دفعه مقتل شقيقه الى الهرب "قمنا بدفن جثته صباح اليوم التالي، كان عمره 24 عاما".

وتابع "هربت مع خمسة اصدقاء. كنا خائفين. كان علينا ان نسلك طرقا مختصرة، فهناك جنود الحكومة على الطرق الرئيسية في حين ينتشر المتمردون في الادغال". وتبعد ياي نحو 50 كلم عن الحدود مع اوغندا. وقال ابراهيم "كانت المسيرة صعبة للغاية بسبب كثافة الغطاء النباتي. لقد انغرزت اشواك في قدمي".

وتابع "في وقت ما، وجدنا انفسنا وسط قطعة ارض لاحدهم فاخذته الشفقة وقدم لنا الفول السوداني". استعاد الهاربون قواهم الخائرة للوصول الى الحدود ومخيم كولوبا المؤقت على مسافة سبعة كلم داخل اوغندا. ومن المتوقع ان ينتقل ابراهيم قريبا الى مخيم للاجئين في بيديبيدي في شمال اوغندا حيث سيتلقى ما يعنيه على زراعة قطعة ارض وبناء مأوى.

يذبحونك اذا رفضت
وأكدت اللاجئة سارة كاكوني أجواء الرعب التي دفعتها الى الهرب أخيرا مع شقيقتيها الاصغر سنا الى نيومبوي في ضواحي ياي.

وقالت الشابة، وهي من اتنية بوجولو، بينما كانت جالسة على حصيرة من التي توزعها مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، "خلال الليل، يمكن سماع اطلاق نار في المدينة، وعندما يتوقف ذلك، فلانهم يقتلون الناس بالسكاكين والسواطير". وروت ان "الدينكا الذين يفتحون باب منزلك ويقتلونك اذا كنت لا تحمل على جبينك علامتهم التقليدية".

وقال المستشار الخاص للامم المتحدة حول منع الابادة اداما دينغ من جوبا الجمعة انه يخشى اندلاع اعمال عنف عرقية في البلاد التي استقلت عام 2011، لكنها تخوض حربا اهلية مدمرة منذ اواخر عام 2013.

واضاف ان الوضع في ياي يقلقه، مشيرا الى فظائع مماثلة لتلك التي ذكرها لاجئون من "قتل واعتداء وبتر وتشويه وعمليات اغتصاب يرتكبها في بعض الحالات رجال يرتدون الزي العسكري". وتحدث ايضا عن "استخدام السواطير بشكل همجي".

لكن العنف في الجنوب ليس حكرا على جنود الحكومة. ووفقا لسارة والعديد من اللاجئين الآخرين الذين قابلتهم فرانس برس، فان المتمردين ايضا يهددون المدنيين الذين يجدون انفسهم بين نارين. وروى لينو روزا (26 عاما) من موروبو على الحدود بين جنوب السودان واوغندا، كيف انه اضطر للانضمام الى صفوف التمرد، حيث تلقى تدريبات على القتال طوال ثلاثة اسابيع.

وأضاف "اذا رفضت ذلك، فانهم يذبحونك"، ممررا إبهامه تحت ذقنه حول عنقه لتوضيح ما يقصد. وتابع الرجل، وهو أب لثلاثة اطفال "يوم 28 ايلول/سبتمبر، توجهنا للمشاركة في هجوم ليلي. تمكنت من الهرب. رميت بندقيتي وركضت حتى موروبو. غادرت مع زوجتي واطفالي الى الكونغو المجاورة"(جمهورية الكونغو الديمقراطية).

وبعد ان ترك عائلته في الكونغو، قرر لينو التوجه الى شمال اوغندا في محاولة لكسب بعض المال، والانضمام الى حوالى 530 الفا من جنوب السودان يقيمون حاليا في اوغندا.