حين اكتشف العلماء موجات الجاذبية، التي توقعها آينشتاين قبل 100 عام، تساءل كثيرون ماذا يمكن أن يفوق حجم هذا الإنجاز. لكن العلماء أكدوا أنه مجرد خطوة أخرى، وإن كانت كبيرة، نحو معرفة المزيد من ألغاز الكون.

&
إعداد عبدالاله مجيد: أعلن عالم الكونيات كارلوس فرينك في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لتقدم العلم أن اكتشاف المادة الداكنة سيكون أهم من اكتشاف موجات الجاذبية.&
&
وساطة زينون
ويجري فريق من العلماء تجربة بأجهزة بالغة الحساسية على عمق نحو 1600 متر في جوف منجم ذهب سابق في ولاية ساوث داكوتا، مستخدمين برميلًا من عنصر زينون، على أمل اكتشاف المادة الداكنة، التي يقدر العلماء أنها تشكل ربع الكون.&
&
أوضح رئيس فريق العلماء أليكس مرفي أن الأجهزة شهدت تحديثًا في الآونة الأخيرة، لتكون أدق، مشيرًا إلى تبريد برميل يحوي ثلث طن من عنصر زينون إلى 65.5 درجة مئوية تحت الصفر، بهدف اكتشاف الحدث النادر حين تصطدم ذرة زينون بجسيم من المادة الداكنة وإحداث وميض في منتهى الصغر، يأمل العلماء بأن تلتقطه الأجهزة المحدَّثة. &
&
ونقلت صحيفة الغارديان عن مرفي قوله إنه "من الجائز تمامًا أن نعثر على إشارة في وقت قريب جدًا جدًا. لكن من الجائز أيضًا أن ذلك سيحتاج وقتًا طويلًا".
&
عبور.. لا نهاية
يعتقد علماء الفيزياء أن المادة الداكنة موجودة، لأن الفلكيين يستطيعون التقاط الجاذبية التي تمارسها على النجوم والمجرات. لكن المادة الداكنة غير مرئية، ولم تُكتشف بوسائل أخرى مباشرة أو غير مباشرة سوى ما يرصده الفلكيون. واقترح علماء أن المادة الداكنة تتألف من جسيمات ضخمة خلفتها المادة من الانفجار الكبير، تخترق المادة الاعتيادية، ولا تترك أثرًا لها إلا في الجاذبية.&
&
وقال مرفي المنتدب لمختبر ساوث داكوتا من جامعة ادنبرة البريطانية إن "البحث عنها أكبر من مجرد السعي إلى العثور عليها. فحين نجدها لا يكون ذلك نهاية الطريق، بل مفتاح لحل ما تعنيه نظرية الفيزياء الأعمق، ولا شك في أن هذا البحث سيكون طويلًا". &
&
لكن علماء ساوث داكوتا، الذين أُطلق على مختبرهم اسم "زينون الكبير تحت الأرض"، ليسوا وحدهم الذين يبحثون عن المادة الداكنة. ففي أستراليا يعمل فريق على بناء أحدث جهاز في العالم لاكتشاف المادة الداكنة في باطن منجم ذهب آخر، لأن المناجم تساعد على عزل الأجهزة عن الأشعة الكونية، التي يمكن أن تعطي انطباعًا كاذبًا بتحقيق الاكتشاف. &
&
لا نتائج قبل 2018
وفي الفضاء الخارجي تحمل المحطة الفضائية الدولية جهازًا على متنها أملًا في التقاط إشارة غير مباشرة إلى وجود المادة الداكنة. ومن المتوقع تسجيل نتائج من تجارب وصوادم جسيمات أخرى في عام 2017.
& &
وقال الفيزيائي ألكيس مرفي إن هناك سباقًا بين العلماء "ولكن إذا تمكن أحد المختبرات المتنافسة من التقاط إشارة واضحة ومتميزة جدًا إلى وجود المادة الداكنة، فإننا جميعًا سنكون سعداء".&
&
سيخضع مختبر زينون تحت الأرض في ولاية ساوث داكوتا إلى عملية تحديث أخرى، ويحصل على نحو 10 أطنان من عنصر زينون، ولكن التحديات التقنية تعني أنه من المستبعد تحقيق نتائج قبل عام 2018.
&
أزمة وجودية
في هذه الأثناء يبحث العلماء في الجمعية الأميركية لتقدم العلم عن نوع رابع من النيوترينو يحمل شحنة حتى أضعف من نظرائه الثلاثة. وقالت عالمة الكونيات أولغا مينا ريكويجو إن اكتشاف هذا الجسيم يمكّن العلماء من معرفة المزيد عن العلاقة بين المادة والمادة المضادة.
&
لكن العمل لن يتوقف حتى بعد عثور العلماء على ما يبحثون عنه منذ عشرات السنين. ونقلت صحيفة الغارديان عن العالم تيم آندين، الذي أسهم في اكتشاف جسيم هيغز عام 2012، قوله إننا "بطريقة معيّنة ما زلنا نمر بأزمة وجودية. فنحن لم نعد نبحث عن جسيم هيغز، ولكننا نعرف أن جسيم هيغز ليس نهاية القصة".
&
أضاف آندين، الذي يعمل الآن في جامعة تكساس في مدينة أوستن، إن العمل على تحقيق اكتشافات جديدة مستمر، رغم أن لدى الباحثين الآن مجالًا أوسع للبحث، يتضمن اكتشاف أبعاد إضافية والمادة الداكنة والتناظر الفائق، من بين تحديات أخرى يطرحها الكون في وجه العلماء.&