ترجح السلطات التركية الفرضية "الجهادية" في ما خص اعتداء أمس الانتحاري، الذي ضرب شارع استقلال في إسطنبول وأودى بحياة أربعة سيّاح أجانب، بينهم 3 إسرائيليين، وللغاية حذرت تل أبيب مواطنيها من السفر إلى تركيا في هذه الأثناء، ونصحت بتأجيله حتى استتباب الأمن.
إسطنبول: صباح السبت، فجّر انتحاري نفسه في شارع استقلال التجاري المخصص للمشاة على الضفة الاوروبية في كبرى مدن البلاد، والذي يسلكه كل يوم مئات الاف الاشخاص. وتفيد آخر حصيلة تركية أن ثلاثة اسرائيليين، يحمل اثنان منهم الجنسية الاميركية، وايرانيًا واحدًا، قتلوا، فيما اصيب 39 آخرون بجروح، 24 منهم اجانب، بفعل الانفجار.
وأعلن وزير الداخلية التركي، افكان آلا، الاحد، أن منفذ الاعتداء الانتحاري تركي مولود في 1992 ويدعى محمد اوزتورك، وهو مرتبط بتنظيم داعش. وقال الوزير التركي في تصريح صحافي "تم التعرف رسميًا الى المنفذ. لديه علاقات مع تنظيم داعش الارهابي".
لداعش صلة
ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن التفجير، لكن شكوك المحققين تحوم حول تركي في الثالثة والثلاثين من العمر، يدعى سافاس يلديز، قدم على انه ينتمي الى خلية تركية تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية "الجهادي"، كما ذكرت الصحف المقربة من الحكومة الاسلامية المحافظة التركية.
لم تؤكد السلطات، كما لم تنفِ، هذه المعلومات. وصرح حاكم اسطنبول، فاسيب شاهين، مساء السبت، أن "تحقيقاتنا مستمرة حول هذه المسألة". واضاف "سنتقاسم النتائج معكم فور انتهائها". وتجري فحوص جينية للتأكد من هوية المشتبه فيه بشكل نهائي، كما ذكرت وكالة الانباء دوغان.
واوضحت الصحف التركية الاحد أن هذا الرجل يشتبه فيه ايضًا في تفجيرين استهدفا في ايار/مايو 2015 المقر الرئيس لحزب الشعوب الديموقراطي المناصر للاكراد في تركيا في اضنة ومرسين (جنوب). وفي الساعات الاولى التي تلت الاعتداء، اتجهت السلطات في البداية نحو الفرضية الكردية، مشيرة الى ان الانتحاري نفذ الاعتداء امام مبنى رسمي. والاحد الماضي، اوقع هجوم انتحاري بسيارة مفخخة 35 قتيلاً واكثر من 120 جريحًا في وسط العاصمة التركية انقرة.
تبنت ذلك الهجوم مجموعة متطرفة، ومنشقة عن حزب العمال الكردستاني، واعلنت ان عمليات أخرى ستنفذ ضد الدولة التركية انتقامًا لمقتل عشرات المدنيين اثناء عمليات لقوات الامن جارية ضد المتمردين في مدن في جنوب شرق البلاد المأهول بغالبية من الاكراد.
حالة انذار دائم
واستهداف الانتحاري لجادة استقلال وسياح اجانب اعاد بسرعة الى الاذهان سيناريو هجوم "جهادي". وتعليقًا على ذلك، قال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس "إن كل الفرضيات مفتوحة".
وبحسب وزارة الصحة، ما زال 19 جريحًا صباح الاحد في مستشفيات مختلفة في اسطنبول، خمسة منهم في العناية المركزة. واعلن جهاز الاسعاف الاسرائيلي الاحد انه اعاد خمسة رعايا اسرائيليين مصابين بجروح طفيفة الى اسرائيل على متن طائرتين. وتعيش تركيا في حالة انذار دائم منذ الصيف الماضي، فيما ضربت سلسلة اعتداءات دامية غير مسبوقة مدينتيها الكبريين اسطنبول وانقرة.
وفي تشرين الاول/اكتوبر، فجر انتحاريان نفسيهما وسط حشد من انصار القضية الكردية امام محطة القطارات المركزية، ما ادى الى سقوط 103 قتلى في انقرة. ثم في كانون الثاني/يناير فجر آخر نفسه، ما اسفر عن مقتل 12 سائحًا المانيًا قرب المسجد الازرق في اسطنبول. وقد اثار الهجوم في شارع استقلال صدمة جديدة في البلاد.
خوف مزمن
فجادة استقلال الشهيرة المزدحمة عادة كانت شبه مقفرة في الصباح على غرار ساحة تقسيم القريبة جدًا. وقال اسماعيل، وهو طاهٍ في احد المطاعم القريبة السبت بعد الهجوم، "لا نعلم مطلقًا متى يمكن ان يحصل ذلك، اننا نعيش في خوف"، مضيفًا "انه امر مروع".
ومساء السبت، وعد رئيس الوزراء احمد داود اوغلو، الذي لم يدل حتى تلك الساعة بأي تصريح علني، بـ"الاستمرار في محاربة كل اشكال الارهاب". وفي صدى لذلك، عنونت صحيفة صباح المقربة من الحكومة الاحد "أن الارهاب لن ينتصر"، فيما كتبت صحيفة ملييت المعتدلة "اليوم هو يوم الوحدة"، مشددة على أن الاتراك "لن يستسلموا للارهاب".
ودانت وزارة الخارجية الاميركية "بشدة" اعتداء اسطنبول، واكدت "تضامنها". فيما اكد الاتحاد الاوروبي لانقرة "دعمه" في مواجهة "الخطر الارهابي". ومنذ ايام عدة، يواجه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان انتقادات خصومه، الذين يأخذون عليه عجز اجهزة الامن في مواجهة موجة الاعتداءات. واتهم اردوغان المربك بدوره الجمعة الاوروبيين بالتعاطف مع التمرد الكردي.
إسرائيل تحذر مواطنيها
واوصت اسرائيل، الاحد، رعاياها بعدم السفر الى تركيا غداة اعتداء انتحاري اسفر عن مقتل ثلاثة من مواطنيها في اسطنبول.
وجاء في بيان لمكتب مكافحة "الارهاب" أن هذه الهيئة التابعة لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو "رفعت مستوى تحذيراتها المتعلقة بالسفر، واوصت بتجنب الزيارات الى تركيا" تخوفًا من وقوع اعتداءات جديدة.
التعليقات