موسكو: وصل وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى موسكو الاربعاء في زيارة يسعى خلالها الى الاطلاع على موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومدى استعداده لبحث مسالة بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.

ويعتبر مسؤولون اميركيون ان مسالة مستقبل الأسد اساسية لاعطاء زخم لمحادثات السلام التي يجريها مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا في جنيف مع طرفي النظام والمعارضة بهدف انهاء النزاع السوري.

والرئيس الروسي يصر على ان الشعب السوري وحده من يقرر مصير الأسد. لكن اي انتخابات لن تجري قبل 18 شهرا على الاقل حتى لو حققت مفاوضات جنيف تقدما كما ان المعارضة السورية تريد ضمانات حول رحيل الأسد.

وبالتالي فان كيري وصل الى روسيا على امل الحصول على اشارة من موسكو التي سحبت قسما من قواتها من سوريا، الى انها تبدي مرونة اكبر في هذه المسالة. وبعد ان ضمن بوتين عودته الى طاولة القرار السياسي في العالم وان حليفه النظام السوري لم يعد يواجه خطرا محدقا، امر بانسحاب القسم الاكبر من قواته من سوريا بدون ان تمنى بخسائر كبيرة.

وقال مسؤول اميركي كبير للصحافيين "ما نتطلع اليه منذ فترة طويلة هو معرفة كيف سيتم الانتقال من حكم الأسد". وكيري على اتصال دائم بنظيره الروسي سيرغي لافروف لكنه مدرك ان اي تغيير في الموقف الروسي يجب ان ياتي من الرئيس بوتين شخصيا.

واوضح المسؤول الاميركي الكبير في وزارة الخارجية "من الجانب الروسي، هناك صانع قرار وحيد يجب التحاور معه من اجل تقييم امكانات" الحل. وسيلتقي كيري بوتين ولافروف الخميس في الكرملين. ويجتمع الوزير الاميركي في وقت لاحق الاربعاء في موسكو مع نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير.

والى النزاع السوري، سيبحث كيري مع المسؤولين الروس الازمة في اوكرانيا.

ويرى المراقبون الان ان الانفصاليين الموالين للكرملين في شرق اوكرانيا يزيدون الضغوط على خط وقف اطلاق النار على امل عدم تجديد العقوبات الاوروبية المفروضة على روسيا هذا الصيف قبل الانتخابات التشريعية الروسية في ايلول/سبتمبر.

وفرنسا والمانيا في طليعة الدول الغربية التي تطالب بتطبيق بروتوكول مينسك 2014 الذي ينص على ان تعمل روسيا على تهدئة حلفائها في شرق اوكرانيا بينما تعدل هذه الاخيرة دستورها لاجراء انتخابات جديدة تمنح منطقة دونباس استقلالا ذاتيا فدراليا.

وقارن يورغ فوربريغ الخبير لدى صندوق مارشال الالماني في الولايات المتحدة زيارة كيري الحالية لموسكو باخرى قام بها العام الماضي لمقابلة بوتين في سوتشي بعد ان ساعدت موسكو واشنطن انذاك في التفاوض على الاتفاق النووي الايراني.

ويريد كيري ايضا من موسكو ان تساعد في دفع عملية السلام السورية قدما كما فعلت في السابق عندما التزمت بجانبها من الاتفاق الايراني وشحنت مخزون ايران من اليورانيوم.

الا ان فوربريغ الخبير في شؤون وسط وشرق اوروبا اعرب عن شكوكه لفرانس برس في قدرة كيري على "استغلال هذه اللحظة الايجابية"، مضيفا ان "روسيا حصلت مبدئيا على كل ما كانت تريده من هذا التدخل". وما دامت مصالحها غير مهددة مجددا، فلن يضيرها ان تترك محادثات السلام تطول الى ما لا نهاية.

حافز جديد؟ 

في المقابل، يرى ستيفن بايفر السفير السابق الى اوكرانيا وعضو مجلس الامن القومي الاميركي، ان الكرملين لن يقلص دعمه للمحادثات بعدما احضر النظام السوري الى طاولة المفاوضات.

وقال بايفر الخبير في معهد بروكينغز في واشنطن لفرانس برس "بعد ان اعلن بوتين النصر نوعا ما الاسبوع الماضي، بات لدى روسيا حافز لنجاح المفاوضات".

واضاف "من المؤكد ان الأسد الان في موقع اكثر استقرارا بالمقارنة مع الصيف الماضي، لكن اي تدهور جديد سينعكس سلبا على بوتين لانه سيضطر الى اعادة ارسال قواته".

وبالعودة الى الملف الاوكراني، صرح مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية لصحافيين ان الاسابيع الماضية شهدت زيادة ملحوظة في انتهاكات وقف اطلاق النار، عازيا الامر الى رغبة بوتين في زيادة الضغوط السياسية على كييف.

ومن المتوقع ايضا ان تطغى على محادثات الكرملين قضية قائدة الطائرة الاوكرانية ناديا سافتشنكو التي حكم عليها القضاء الروسي الثلاثاء بالسجن 22 عاما بعد ادانتها بالقتل، الامر الذي اعتبره كيري "استهتارا فاضحا بمبادىء العدالة".

الا ان من المستبعد ان يقبل المسؤولون الروس باي تدخل اميركي في شؤون القضاء مهما كان موقف واشنطن. 

ويبقى السؤال: هل يضيع كيري وقته ام يعطي بوتين مكسبا دعائيا بتوجهه الى الكرملين؟ وعلق فوربريغ "انه يقوم بعمله، فهو دبلوماسي كبير وعمله يقوم على محاولة اجراء محادثات والتفاوض. مع ان الامر يبدو ساذجا بالنسبة الينا ولكن لا بد من المحاولة".