المكان الحلم صار حقيقة؛ متجر مجانيّ تمامًا وسط أكثر العواصم العالمية غلاءً، باريس. "أحضروا ما تشاؤون، وخذوا ما تريدون". بهذه العبارات البسيطة تلخّص إحدى العاملات في المتجر الباريسي فكرة المكان.
خاص إيلاف من باريس: في خضمّ أزمات معيشية تجتاح العالم بأسره، بدأت تظهر مبادرات، ذكيّة لافتة، كمتجر "سيغا-سيغا" في العاصمة الفرنسية باريس.
مؤسسة "متجر بلا مال" افتتحت في حزيران/يونيو الماضي أوّل محلّ من نوعه، حيث يمكنك أن "تعطي أغراضك فرصة أخرى".
الفكرة سهلة: تدخل المحل وتأخذ ما تريد على ألّا تتعدّى الأغراض الخمسة، وبامكانك أيضًا لو أردت أن تضع في المحل ما لم تعد تحتاج إليه أو تعتقد أنه يمكن آخر أن يفيد غيرك.
تدخل فيستقبلك العاملون بابتسامات عريضة، "تفضّل، اختر ما تريد". الأغراض لا تخضع لأي فرز إجمالًا، ولكن من يعلم، فقد تكون مفيدة لأحدهم. إلى اليسار طاولات واسعة تتكدّس عليها كتب عتيقة بأوراق صفراء، دواوين شعر، كتب أطفال، مجلات قديمة وغيرها.
وفي الناحية الأخرى، كل ما يمكن أن يخطر ببالك من ملابس إلى أدوات منزلية وديكورات ولوحات وثياب داخلية وألعاب وأقراص مبرمجة، وحتّى بعض الأدوات الكهربائية.
"الكَرَم يُعدي" تقول المسؤولة عن المتجر لـ"إيلاف"، "وعلى هذا الأساس افتُتح هذا المكان". ثم تضيف: "عند الافتتاح توقّعنا أن يستفيد 5000 شخصٍ من المتجر في الأشهر الستة الأولى، لكن ما فاجأنا أن أكثر من 21 ألفًا دخلوا المحل في هذه المدّة".
ليس شرطًا أن تعطي شيئًا لتأخذ ما تشاء، فالمتجر يحصل على كميات كبيرة من الأغراض يوميًا، ويلقى الموظفون صعوبة أحيانًا لترتيبها لضيق المساحة. وهم ثلاثة يعملون بدوام جزئي وموظّفة واحدة بدوام كامل. التمويل الأساسي من البلدية والاتكال الأكبر على التبرعات ومردود فناجين القهوة والشاي لقاء المبلغ الذي يريد دفعه الزبون.
يصرّ العاملون في "سيغا-سيغا" على أن المتجر يتوجّه للجميع ولا استثناء، كما أنه ليس مكانًا لمساعدة الفقراء أو الأكثر حاجة، بل مساحة لتبادل أغراض يمكن أي شخص الافادة منها. ويوم السبت يكتظّ المكان، فيضطر الموظفون إلى تحديد عشرين دقيقة لكّل زبون كي يختار ما يريد أن يأخذ ويخرج.
هنا، تلتفت إلى غرض معيّن، ولا إراديًا تبحث عن البطاقة حيث يكتب السعر فلا تجد شيئًا. كلّ شيء "ببلاش". الفكرة ليست الأولى من نوعها فهي بدأت بسلسلة متاجر في مناطق عدّة من ألمانيا وقد تجد في بعض البلدان أسواقًا خيرية تعنى بتأمين حاجات من ضاقت بهم الأيام بلا مقابل. لكنّ هذا المتجر هو الأوّل من نوعه في باريس، عاصمة الماركات والمعيشة المكلفة والسياحة الفاخرة.
إميلي تأتي كلّ يوم سبت إلى "سيغا-سيغا"، وفي يدها كيس تفرغه في الداخل وتملأه بأغراض أخرى. تخبر "إيلاف": هذا قميص أخذته الأسبوع الماضي لكنه ضيّق، غسلته وأعيده اليوم، ربّما يأخذه شخص آخر".
أمّا يوان السبعيني فيرى في المكان أملًا في الإنسانية: "آتي فارغ الجيبين، وآخذ ما أحتاج إليه. غريب أن تزور متجرًا من دون صندوق للدفع ولا آلات لبطاقات مصرفية أو الشيكات. العالم أجمل وأفضل هكذا."
التعليقات