بيونغ يانغ: اختار حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية خلال اول مؤتمر يعقده منذ 36 عاما الزعيم كيم جونغ اون رئيسا له الاثنين في خطوة من شانها ترسيخ مكانة القائد الاعلى.

وصفق آلاف المندوبين، وعدد كبير منهم يرتدي الزي العسكري، لاعلان رئيس الدولة كيم يونغ نام تعيين كيم في هذا المنصب. يشار الى ان منصب رئيس الدولة في كوريا الشمالية يعتبر فخريا بشكل كبير.

وهي المرة الاولى منذ افتتاح المؤتمر الجمعة يسمح فيها للصحافيين الاجانب بدخول قاعة المؤتمرات التي زينت برايات الحزب الحمراء التي رسم عليها شعاره وهو عبارة عن مطرقة ومنجل وريشة رسم باللون الأصفر.

يعتبر المؤتمر الاستثنائي على نطاق واسع فرصة لترسيخ مكانة كيم وتأكيد استراتيجيته "بيونغجين"، اي التنمية الاقتصادية وتعزيز القدرات النووية جنبا الى جنب. والمؤتمر العام للحزب الذي يمثل عمليا اعلى هيئة للقرار في البلاد، تبنى الاحد مذكرة تنص على المضي قدما في تنمية الاقتصاد و"تعزيز قوة الدفاع الذاتي النووية كما ونوعا على حد سواء".

كما اقر المبدأ السياسي الذي كان كيم اعلن عنه اليوم نفسه والمتعلق بموجبات استخدام السلاح النووي. وينص هذا المبدأ على ان كوريا الشمالية "لن تستخدم السلاح النووي الا اذا انتهكت سيادتها من قبل اي قوة عدوانية لديها السلاح النووي".

وتؤكد المذكرة ان بيونغ يانغ ستمضي في تطوير ترسانتها النووية "طالما ان الامبرياليين مستمرون في تهديدهم النووي". ويأتي اقرار هذه المذكرة في الوقت التي تتزايد فيه مخاوف الاسرة الدولية من اقدام بيونغ يانغ على اجراء تجربة نووية خامسة.

كذلك فان المذكرة تدعو الى العمل في سبيل اعادة توحيد الكوريتين، محذرة في الوقت نفسه من انه "اذا اختارت السلطات في كوريا الجنوبية الحرب... فسنخوض حربا لا هوادة فيها للقضاء على القوى المناهضة للتوحيد".

لكن حكومة كوريا الجنوبية نددت بمقترحات الزعيم الكوري الشمالي وضمنها مسالة الحد من الانتشار النووي العالمي، معتبرة ذلك دعاية لا معنى لها.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع غيون سانغ غيون "ليس هناك ذرة صدق في الحديث عن ضرورة محادثات عسكرية ( ...) بينما يصف نفسه بانه دولة تمتلك اسلحة نووية تطلق استفزازات نووية وصاروخية".

واضاف ان الغاية من المؤتمر كانت تأكيد نية كوريا الشمالية تطوير ترسانتها النووية، موضحا ان سيول ستواصل مواجهة تلك الطموحات بواسطة العقوبات والضغوط. وكانت وزارة التوحيد الكورية الجنوبية اعتبرت تصريحات كيم حول تحسين العلاقات بين الشمال والجنوب "عمل دعائي يخلو من الصدق".

وقد افتتح الزعيم الكوري الشمالي افتتح المؤتمر الجمعة بالاشادة بالتجربة النووية "التاريخية" التي اجرتها بلاده في يناير، وكانت الرابعة، وبرهنت على "القوة غير المحدودة" لبلده. 

وكانت كوريا الشمالية اكدت حينذاك انها تجربة لقنبلة هيدروجينية لكن الخبراء يشككون في صحة ذلك نظرا لكمية الطاقة التي انبعثت من هذا الانفجار.

وقد انسحبت كوريا الشمالية من معاهدة حظر الانتشار النووي الذي يجبر الدول على ان "تجري بحسن نية مفاوضات حول اجراءات متعلقة بالحد من السلاح النووي".

والعقيدة الكورية الشمالية في ما يتعلق باللجوء الى الترسانة النووية كانت دائما متقلبة. فعندما اجرت اول اختبار لها العام 2006، اكدت كوريا الشمالية انها لن تستخدم ابدا اسلحتها النووية. ومع ذلك تطلق التهديدات باستمرار بشن هجمات ذرية وقائية ضد واشنطن او سيول.

في السنوات الاخيرة شددت بيونغ يانغ على تطوير اسلحة تكتيكية وضاعفت تجاربها التي باتت تشمل اكثر فاكثر انظمة اطلاق من غواصات. لكن الصين اعتبرت ان اعلان كيم حول عدم استخدام بلاده السلاح النووي الا اذا تعرضت لهجوم تشنه دولة نووية، "لا يشكل تغييرا جوهريا".

والصين هي الشريك التجاري الاول لكوريا الشمالية وتقدم لها مساعدات انسانية، الا ان العلاقات بين البلدين تشهد توترا متزايدا بسبب طموحات الشمال النووية كما ان كيم لم يقم بزيارة الصين حتى الان.

وتطالب الاسرة الدولية والامم المتحدة كوريا الشمالية منذ سنوات بوضع حد لبرامجها من اجل تطوير اسلحة نووية.

واوردت صحيفة "تشاينا غلوبال تايمز" القريبة من الحزب الشيوعي الحاكم ان تصريح كيم "تم من منطلق ان كوريا الشمالية دولة نووية... وعليه فان موقف كوريا الشمالية لا يشكل تغييرا جوهريا ولم يتم حل (السبب الرئيسي) لخلافها مع العالم الخارجي".

وتابعت الصحيفة ان "الدول الكبرى لن تغير موقفها ولن تعترف بكوريا الشمالية كدولة تملك سلاحا نوويا". واضافت "طالما لم تتخل بيونغ يانغ عن اسلحتها النووية فان تطبيع علاقاتها مع العالم الخارجي سيظل مستبعدا".

وفي اشارة الى الفتور في العلاقات بين الصين وكوريا الشمالية، لم تتم دعوة اي وفد صيني للمشاركة في مؤتمر الحزب الحاكم.