في وقت قالت حكومة الوفاق الليبية إتها تمكنت من السيطرة على ميناء سرت وأحياء في شرق المدينة رحبت واشنطن بهذا التقدم المحرز، معتبرة إياه مشجعًا، رغم أن الأوضاع فيها لا تزال متقلبة وغير مستقرة.
طرابلس: اعلنت قوات حكومة الوفاق الليبية السبت انها سيطرت بالكامل على ميناء سرت واحياء سكنية تقع في شرق المدينة بعد اشتباكات مع تنظيم الدولة الاسلامية قتل فيها 11 من عناصرها.
وقال رضا عيسى العضو في المركز الاعلامي الخاص بالعملية العسكرية الهادفة الى استعادة سرت (450 كلم شرق طرابلس) من ايدي التنظيم المتطرف لوكالة فرانس برس ان "السيطرة على الميناء (...) تمت بعدما اقتحمت قوة الميناء وتمركزت فيه". اضاف ان قوات حكومة الوفاق خاضت اشتباكات مع تنظيم الدولة الاسلامية قبل ان تتمكن مساء الجمعة من السيطرة بشكل تام على الميناء الواقع في شمال المدينة.
وذكر عيسى ان القوات الحكومية نجحت ايضا في طرد عناصر التنظيم المتطرف من منطقة السواوة، التي تضم مجموعة من الاحياء السكنية في شرق سرت. واشار الى ان 11 عنصرا من قوات الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي قتلوا في المعارك التي شهدتها سرت الجمعة، بينما اصيب 45 عنصرا آخر بجروح، موضحا ان "معظم الاصابات كانت من نيران القناصة".
واستخدمت القوات الحكومية في هذه المعارك الدبابات التي اطلقت قذائفها باتجاه مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في وسط المدينة وشمالها، والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، بحسب مصور لفرانس برس. وقال مقاتل تابع للقوات الحكومية مفضلا عدم كشف اسمه ان "الحرب كانت في البداية بالطائرات والمدفعية، والآن اصبحت حرب شوارع. نقاتلهم بين المنازل، ولن نتراجع حتى نقضي عليهم".&
وبعد نحو شهر من انطلاق عملية "البنيان المرصوص" في 12 مايو الماضي التي قتل فيها 125 عنصرا على الاقل من قوات حكومة الوفاق بحسب مصادر طبية، تمكنت القوات الحكومية الخميس من دخول المدينة قادمة من الغرب بعدما حققت تقدما سريعا على الارض في الايام الماضية. وقال عيسى ان تنظيم الدولة الاسلامية بات "محاصرا في منطقة لا تتعدى مساحتها الخمسة كيلومترات مربعة" تمتد بين وسط سرت وشمالها.
وتتشكل القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني من مجموعات مسلحة تنتمي الى مدن عدة في غرب ليبيا، ابرزها مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) التي تضم المجموعات الاكثر تسليحا في البلاد وتملك طائرات حربية من نوع "ميغ" ومروحيات قتالية. كما تضم هذه القوات جهاز حرس المنشآت النفطية ووحدات من الجيش المنقسم بين سلطتي حكومة الوفاق والحكومة الموازية غير المعترف بها في شرق ليبيا والتي يقود قواتها الفريق اول ركن خليفة حفتر.
ويسيطر تنظيم الدولة الاسلامية منذ يونيو 2015 على سرت التي تبعد نحو 300 كلم عن الساحل الاوروبي. وستشكل خسارة سرت نكسة كبيرة للتنظيم المتطرف، اذ ان المدينة، مسقط رأس معمر القذافي، كانت على مدى نحو عام القاعدة الرئيسة للجهاديين في ليبيا.
الاعتراف قبل التعاون
من جهته اعتبر مسؤول اميركي كبير الجمعة ان قوات الحكومة الليبية المدعومة من المجتمع الدولي تحرز تقدما "مشجعا" ضد مقاتلي الدولة الاسلامية في معقل التنظيم الجهادي في سرت.
&وقال بريت ماكغورك الموفد الخاص للرئيس باراك اوباما لدى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية "لا اريد ان اتكهن، لان الوضع لا يزال متقلبا، ولكننا نعتبر التقدم الذي تم احرازه مشجعا".
واوضح المسؤول الاميركي ان الجهاديين "تمكنوا من السيطرة على سرت بالقوة. ولكن حالما تكون هناك في الميدان قوة اخرى، قادرة على شن هجوم ضدهم يمكن عندها ان ينهاروا سريعا"، مشددا في الوقت نفسه على انه لا يعتبر "اننا بلغنا هذه المرحلة بعد".
وبالنسبة الى حفتر قال المسؤول الاميركي ان الولايات المتحدة "هي حتما مستعدة للعمل مع الجنرال حفتر تحت رعاية حكومة وحدة وطنية"، لكنه استدرك قائلا ان "موقفنا واضح جدا: اي فريق مسلح موجود على الاراضي الليبية يجب ان يعترف بسلطة هذه الحكومة المدنية".
&وتخوض قوات حفتر معارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس).واستغل التنظيم "الجهادي" الفوضى التي سادت ليبيا خلال السنوات الاخيرة والتنازع على السلطة لتاسيس قاعدة خلفية له في هذا البلد الغني بالنفط يدرب فيها المقاتلين الاجانب.
من يقاتل داعش في سرت؟
تمكنت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا من السيطرة الجمعة على ميناء سرت لتواصل تقدمها السريع لاستعادة هذه المدينة الساحلية من ايدي تنظيم الدولة الاسلامية.&
- ما هي القوات الرئيسة المشتركة في العملية؟
تتشكل القوات التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في سرت (450 كلم شرق طرابلس) من جماعات مسلحة تنتمي الى مدن عدة في غرب ليبيا، ابرزها مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) التي تضم المجموعات الاكثر تسليحا في البلاد، اذ تملك طائرات حربية من نوع "ميغ" ومروحيات قتالية.
تشكلت هذه الجماعات المسلحة في العام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية التي قتل فيها الزعيم السابق معمر القذافي. ورغم اطاحة النظام، احتفظت هذه الجماعات بأسلحتها، واصبحت اللاعب العسكري الابرز في ليبيا والاكثر تأثيرا في أمنها.
وسبق ان شكلت هذه الجماعات المسلحة تحالفا عسكريا صيف 2014 أجبر البرلمان المنتخب على الفرار الى شرق البلاد وأقام حكومة أمر واقع لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي. وتلاشى هذا التحالف الذي عرف باسم "فجر ليبيا" مع دخول حكومة الوفاق الوطني الى طرابلس في نهاية مارس وحصولها على ولاء الغالبية العظمى من الجماعات المسلحة في الغرب الليبي.
تقول اميلي ايستيل الخبيرة في شؤون شمال افريقيا والشرق الاوسط في معهد "اميركان انتربرايز" ان القوات التي تهاجم تنظيم الدولة الاسلامية في سرت من جهتيها الغربية والجنوبية "هي عبارة عن ميليشيات تتحدر من مصراتة تضم نحو الفي عنصر".
- ما هي القوات الاخرى؟
تخوض قوات حرس المنشآت النفطية بقيادة ابراهيم الجدران معارك مع تنظيم الدولة الاسلامية شرق سرت. ونجحت هذه القوات التي تسيطر على موانئ نفطية رئيسة، بينها رأس لانوف والسدرة في استعادة قرى وبلدات من ايدي التنظيم في الايام الماضية. وبحسب متحدث باسمها، تستعد هذه القوات لاقتحام سرت من جهتها الشرقية خلال ساعات.
وقوات حرس المنشآت المعروفة ايضا باسم "قوات برقة" تحالف معاد للاسلاميين من قبائل محلية في شرق ليبيا، يدعو الى الفدرالية ويطالب بحكم ذاتي للمنطقة. وكانت هذه القوات معادية لتحالف "فجر ليبيا" الذي ضم جماعات اسلامية، لكنها اعلنت ولاءها لحكومة الوفاق الوطني فور دخولها الى طرابلس.
وخاضت هذه القوات معارك عنيفة مع تنظيم الدولة الاسلامية في يناير الماضي اثر محاولة عناصر من التنظيم التقدم نحو منطقة الهلال النفطي ودخول السدرة وراس لانوف، وهو ما لم يتمكنوا من تحقيقه.
الى جانب قوات حرس المنشآت، تساهم وحدات من الجيش الليبي في العملية ضد تنظيم الدولة الاسلامية. والجيش منقسم بين سلطتي حكومة الوفاق الوطني في طرابلس والحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا في شرق ليبيا، والتي يقود قواتها الفريق اول ركن خليفة حفتر، الذي ينأى عن العملية العسكرية في سرت.
- هل هناك قيادة موحدة لهذه القوات؟
تتبع القوات التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في سرت غرفة عمليات مشتركة مقرها مدينة مصراتة انشأتها حكومة الوفاق الوطني. لكن طبيعة وجود قيادات منفردة للجماعات المسلحة التي تتكون منها هذه القوات، والمنافسة في ما بينها، تصعب مهمة الغرفة العسكرية في السيطرة عليها. وترى ايستيل ان "القوات المنخرطة في العملية ضد تنظيم الدولة الاسلامية لا تتبع هيكلية قيادية موحدة، ولا تتشارك النظرة نفسها لليبيا في فترة ما بعد تنظيم الدولة الاسلامية".
وتتنافس الجماعات المسلحة في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي على الادوار الامنية في طرابلس والمدن الليبية الاخرى. وغالبا ما تخوض هذه الجماعات التي تعتبر بعضها اسلامية متشددة، مواجهات مسلحة في ما بينها.
- ما سبب التقدم السريع في سرت؟
بعد نحو شهر من انطلاق العملية العسكرية، نجحت القوات الموالية لحكومة الوفاق في دخول سرت من جهتها الغربية، وتقدمت سريعا لتبلغ وسط المدينة الخاضعة لسيطرة التنظيم الجهادي منذ يونيو 2015. ويقول مصدر دبلوماسي ليبي "كان من المتوقع ان تحدث معركة عنيفة، لكن المعركة لم تكن صعبة كما كان يتصورها البعض. ربما بالغنا في احصاء اعدادهم؟"، في اشارة الى تقارير تحدثت عن وجود نحو خمسة آلاف عنصر من التنظيم المتطرف في سرت.
من جهتها تعتبر ايستيل ان "استخدام القوة الجوية والقدرات التقنية الاخرى القادرة على ابطال مفعول متفجرات (...) تنظيم الدولة الاسلامية، السبب الرئيسي لتقدمهم السريع".
- ماذا بعد سرت؟
من المفترض ان يسهم طرد تنظيم الدولة الاسلامية من سرت في تعزيز شرعية حكومة الوفاق الوطني على الصعيدين الخارجي والداخلي، وقد يدفع الدول الكبرى الى التعجيل في تسليحها لمساعدتها على بناء جيش ليبي موحد. لكن التحدي الابرز في مرحلة ما بعد "تحرير سرت" يتمثل في العمل على نزع السلاح من الجماعات التي تتمسك به.
وترى ايستيل ان "كل الاطراف المسلحة الرئيسة (...) تستخدم الهجوم على تنظيم الدولة الاسلامية ذريعة للسيطرة على مزيد من الاراضي. وتواجدها معا في وسط ليبيا قد يهدد بإشعال حرب اهلية".
التعليقات