إيلاف من لندن: قال الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي العلامة السيد محمد علي الحسيني في حوار مع "إيلاف"، إن وقوف حزب الله إلى جانب بشار الأسد يتناقض مع تعاليم الإسلام وينسف كل تعاليم المذهب الشيعي الداعية إلى نصرة الحق ونبذ الظلم، منوهًا الى ان المجلس إلاسلامي العربي يمثل شيعة العرب لكن حزب الله لا يمثل الشيعة اللبنانيين فهو تابع كلياً للولي الفقيه الإيراني، فهو مصدر رزقه ووجوده، وهو يشكل رأس حربة إيرانية في الجسد العربي.. وفي ما يلي ما جاء في الحوار :
الشغور الرئاسي في لبنان
* بعد عدة اعوام على الشغور الرئاسي، وفي ظل الوضع الأمني المتوتر.. كيف تنظرون إلى الوضع اللبناني الآن؟
- لا شك في أن الوضع خطير للغاية، نظراً إلى تراكم الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وما يعرفه اللبنانيون اليوم، أن ثمة جهة واحدة تقف خلف مأساة لبنان حالياً، وهي "حزب الله"، المعطل الحقيقي للانتخابات الرئاسية ولكل الحياة السياسية في لبنان. وبطبيعة الحال، فإن الفراغ الرئاسي أدى إلى كل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.
أما على الصعيد الأمني، فإن التوتر معروف الأسباب أيضاً، وهو تورط "حزب الله" في الحرب السورية والعراق واليمن، وقد سبق أن حضر أعداء الحزب إلى لبنان بسياراتهم المفخخة، وهم اليوم يصدون هجماته على الحدود السورية ويهددون بنقل الحرب إلى لبنان.
حزب الله وادعاءاته بحماية لبنان
* يقول حزب الله إنه يدافع عن لبنان كي لا يجتاحه مسلحو النصرة وداعش.. ما رأيكم؟
- لا أحد يعرف بالتأكيد ما إذا كانت لتلك الجماعات مخططات لاجتياح لبنان. ما نعرفه أنها تقاتل النظام السوري داخل أراضيه، ولم تحضر إلى لبنان، إلا عندما أرسل "حزب الله" مقاتليه إلى القصير والزبداني والقلمون وحلب وغيرها. وكان الأجدى بـ "حزب الله" أن يدعم جهود الدولة اللبنانية لتسليح الجيش وتعزيز قواه، ليتمكن من الذود عن الحدود، إذا قرر المسلحون مهاجمتها. وفي أسوأ الأحوال، يمكن "حزب الله" المشاركة في القتال داخل لبنان، إذا حصل هذا الهجوم، عندها نصدق أنه يدافع عن لبنان.
شرعية تدخل حزب الله في سوريا
* ما هو الموقف الشرعي والأخلاقي من تدخل حزب الله في سوريا؟
- اولاً أشير إلى قضية مهمة وهي أن القدس براء من الولي الفقيه واتباعه الذين يرون أن طريق القدس يمر في سوريا من هنا، هذا التدخل مرفوض شرعاً وأخلاقياً، أولاً لأن الإسلام علمنا نصرة المظلوم، أي الشعب السوري، وليس مساعدة الحاكم الظالم. وما يجري في سوريا هو ثورة المظلومين ضد دكتاتور متوحش. ووقوف "حزب الله" إلى جانب هذا الديكتاتور يتناقض مع تعاليم الإسلام وينسف كل تعاليم المذهب الشيعي، الداعية إلى نصرة الحق ونبذ الظلم. أما على المستوى الأخلاقي، فلا يمكن أياً كان أن يبرر مساعدة نظام يقصف شعبه بالأسلحة الكيميائية وبالبراميل المتفجرة وبأكثر أنواع الأسلحة فتكاً.
تابع للولي الفقيه
* لماذا يقاتل حزب الله إلى جانب النظام السوري، وهو الذي يدعي تمثيل الشيعة؟
- نحن كمجلس إسلامي عربي نمثل شيعة العرب و"حزب الله" ليس عربيًا، ولا يمثل الشيعة اللبنانيين، إنه تابع كلياً للولي الفقيه الإيراني، فهو مصدر رزقه ووجوده، كما أكد وصرح بذلك السيد نصرالله. إنه يقاتل في سوريا دفاعاً عن نظام وجوده وهو يشكل رأس حربة إيرانية في الجسد العربي، كما أن العراق وسوريا ولبنان واليمن والكويت والبحرين والسعودية والامارات في المخطط التوسعي الإمبراطوري لمشروع ولاية الفقيه.
تداعيات خطيرة
* وما تداعيات ذلك على لبنان وعلى الشيعة خصوصاً؟
- التداعيات سلبية وخطيرة على لبنان، لأن "حزب الله" يعرض هذا البلد لخطر الجماعات المسلحة، خصوصاً "داعش" و"النصرة". والشيعة الذين هم جزء من الشعب اللبناني، سيدفعون ثمن المغامرات العسكرية خارج الحدود، فحتى قبل أن تنتهي المعركة، تسبب "حزب الله" بخسائر فادحة للبنان وللطائفة الشيعية في الأرواح والأموال والمصالح.
أصيب لبنان نتيجة تورط "حزب الله" في سوريا واليمن والعراق وتهجمه على الإخوة العرب، بتعطيل مؤسساته الدستورية وتوقف الحياة السياسية فيه، وكذلك بشلل مرافقه الاقتصادية، وبات الناس يبحثون عمّا يسد رمقهم، بدلاً من التفكير بمستقبل مزدهر.
نصر الله واعلان التعبئة العامة
* يُقال إن حزب الله بدأ يشعر بالوهن بعد أربع سنوات من القتال في سوريا.. كيف قرأت الخطابين الأخيرين للسيد حسن نصرالله وتلويحه بإعلان التعبئة العامة؟
- من المؤكد أن "حزب الله" خسر الكثير من قدراته البشرية والعسكرية في هذه الحرب، فقد بدأ تورطه بأعداد غير كبيرة من المقاتلين في عدد محدود من المناطق السورية. ولكنه اليوم موجود على امتداد مساحة سورية وبأعداد هائلة من المقاتلين، ورغم ذلك لم يمنع انهزام النظام السوري في الكثير من المحافظات السورية، بحيث بات وجوده ينحصر في ربع مساحة سوريا فقط. كان "حزب الله" يتلقى هذه الهزائم بصمت، ولكن عندما انهزم في حلب مؤخرًا وبات الخطر قريباً من الحدود اللبنانية، بدأت التساؤلات الجدية داخل "حزب الله" نفسه، عن جدوى القتال إلى جانب نظام ينهار، وأصيبت الأوساط الداخلية في الحزب بالإحباط وبهبوط المعنويات، ونصرالله حين تحدث عن خطر وجودي يداهم الحزب، ورفض أن يصاب أحد من جماعته بالإحباط، مستخدماً كل وسائل التحفيز الديني والمذهبي من خلال التشبه بأهل البيت، داعياً إلى القتال حتى النهاية حتى "لو أدى إلى مقتل ثلاثة أرباعنا"، وهو كلام أثار الذعر في قلوب أنصاره، بدل الطمأنينة، لذلك سارع إلى تغيير لهجته بعد أيام قليلة من عملية القاع، حيث كان لافتاً توجهه إلى المسيحيين والسنة خصوصاً بالتهويل والتخويف من خطر التكفيريين، ولم يركز على الشيعة كما في الخطاب الأول، كأنه يحاول أن ينقل الخوف من طائفته إلى الطوائف الأخرى.
الخلاصة أن الخطابين تعبويان، يهدفان إلى رص الصفوف وشد الهمم، بعد أن وصل تورط "حزب الله" في الحرب السورية نقطة حرجة باتت تهدد فعلياً وجوده.
نصر الله والسعودية
* كيف تنظرون إلى مواقف نصرالله من أحداث اليمن.. وما سبب هجومه على المملكة العربية السعودية؟
&- ما يجري في اليمن لا يختلف عمّا يجري في العراق وسوريا ولبنان، إنها حرب إيرانية على الدول العربية للاستيلاء عليها وضمها إلى امبراطورية الولي الفقيه الحديثة. في اليمن وجدت طهران في الحوثيين خير سند لمخططاتها، فدعمتهم ومولتهم للانقلاب على الرئيس الشرعي الذي حملته ثورة شعبية سلمية إلى سدة السلطة. والهدف الإيراني ليس اليمن بحد ذاته، وإنما أرادوا لهذا البلد أن يتحول رأس حربة إيرانية في الجسد الخليجي، وتهديد أمن منطقة الخليج كلها، خصوصاً من خلال استهداف الكويت والإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية.
كانت "عاصفة الحزم" العربية، نقطة تحول استراتيجية في الصراع في المنطقة، لأنها شكلت شرارة الانطلاق لحملة عربية ناجحة، تتصدى للزحف الإيراني المقنع وتلجمه وتدحره، من هنا جاء الغضب الإيراني الذي عبرت عنه أبواق طهران، ومنها "حزب الله". بالتأكيد لم يهاجم نصرالله المملكة العربية السعودية لأسباب لبنانية، فهي كانت ولا تزال في مقدم الداعمين للبنان، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، باستثناء أن "حزب الله" ، لا يريد للجيش اللبناني أن يقوي ويعزز قدراته بشكل يمكِّنه من تولي الأمن في لبنان داخلياً وعلى الحدود، لأن هذا يضيق على الحزب ويحد من مخططاته العسكرية.
لبنان وصراعات المنطقة
* وما آفاق الصراعات في المنطقة وتأثيراتها على لبنان؟
- رغم مأسوية الأوضاع الراهنة، أميل إلى التفاؤل بالمستقبل، وأعتقد أننا في بداية نهاية المأساة العربية المتمثلة بحروب هنا وهناك، فالنظام السوري يوشك على السقوط وسيسقط معه حليفه الإيراني المتحكم بلبنان. وفي اليمن، فإن الموقف العربي الحازم، لجَمَ التدخل الإيراني، وهو قادر على إعادة الأمور إلى نصابها. أما العراق، فقد شكل دخول فيلق القدس أي التدخل الإيراني المباشر مع أخذ الشرعية من الحكومة العراقية تحولاً خطيراً على العراق ومحيطه لذا نرى اليوم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير صرح بضرورة فك الحشد الشعبي المحرك إيرانيًا، فإذا استمر الموقف العربي على ثباته وأجبر المجتمع الدولي على تكثيف حملته.
بطبيعة الحال، المعركة طويلة وتتطلب جهوداً استثنائية، لكن الشرط الأول لكسبها، توافر القرار العربي الموحد.
بشأن اليمن لا بد أن يستكمل بقرار إنشاء القوة العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب، فإذا استمر هذا الحزم العربي، سيتمكن من فرض إرادته على مجلس الأمن، ليتبنى هذه المعركة وفقاً للشروط والمصالح العربية.
أما لبنان، فيعيش انعكاسات ما يجري في هذه الدول، ورهاننا هو على أن يتمكن العرب من هزيمة المشروع الإيراني في المنطقة، ولكن الاخطر على لبنان هو محاولة إيران تغيير هوية لبنان العربي وإبعاده عن أشقائه العرب وإسقاط اتفاق الطائف واستبداله بمؤتمر وطني تأسيسي تكون لحزب الله فيه حصة الأسد كضمانة لمرحلة ما بعد سقوط النظام السوري.&
وقود الحروب الإيرانية
* تزعم الدعاية الإيرانية أن تدخل طهران في الدول العربية هدفه حماية الشيعة العرب وأنتم تقولون إن النظام العربي قادر على هزيمة المشروع الإيراني.. فما وضع الشيعة؟ وما مصيرهم؟
- بداية، المشروع الإيراني لا يحمي الشيعة العرب، بل يستخدمهم وقوداً لحروبه، وطهران تدعم الأحزاب والجماعات التي تتمرد على دولها العربية من أجل اختراقها وإسقاطها. ومن ناحية ثانية، لا يمكن الحديث عن فئة شيعية عربية ككتلة موحدة تنصاع إلى مشروع ولاية الفقيه ، فالشيعة العرب هم مواطنون في دول عدة، ويشكلون جزءاً من شعوبها ويتبعون أنظمتها ويشاركون في مؤسساتها الدستورية، كما في الكويت والإمارات والبحرين مثلاً، كما أنهم لا يشكلون حالة خاصة استقلالية أو انفصالية. ربما هذا ما تريده طهران منهم، ولكن لم نسمع أي جهة شيعية ذات وزن تسعى لذلك.
ونحن إذ نؤكد عروبة الشيعة في هذه الدول، ونجزم أن أكثريتهم الساحقة تدين بالولاء لأوطانها ولأنظمتها، ندعو المغرر بهم من أبناء الطائفة الشيعية إلى التنبه لمخاطر الانجراف وراء الدعاية الإيرانية الكاذبة، فنظرية الولي الفقيه مجرد بدعة إيرانية، ألبسوها لبوس الإسلام والتشيع لأهداف سياسية تتمثل في مشروع ولاية الفقيه. في الوقت نفسه، نحن نعمل على تنوير جماعتنا المذهبية إلى أن مصلحتها في استقرار دولهم ورخائها وازدهارها، ودليلنا على ذلك أنه حيث تتدخل طهران، إن في العراق أو سوريا أو لبنان اليمن أو البحرين، فإن الشيعة هم الذين يدفعون الثمن غالياً، ولم ينالوا من "الرعاية" الإيرانية، سوى الموت والخراب.
&
التعليقات