محمد الغزي:&توصل وزير المالية العراقي هوشيار زيباري وخصومه الى تأجيل سحب الثقة عنه الى ما بعد عيد الأضحى، وفيما لوح الوزير بفتح ملفات خطيرة، مؤكداً إيداعها لدى القضاء العراقي وهيئة النزاهة ومحكمة غسيل الأموال، فإن رئيس الوزراء حيدر العبادي أكد أن التحدي الأكبر الذي يعيشه العراق اليوم هو الصراع القائم بين الخير والشر والفساد ليس في مجتمعنا فقط، بل في مجتمعات كثيرة.

وكشف مصدر سياسي رفيع أن معركة استجواب وزير المالية هوشيار زيباري، هي لضرب الحزب الديمقراطي الكردستاني من قبل إيران، بعد أن ظل رافضًا فتح ممر يمكنها من وصل ما وصف بأنه طريق الحرير او (الكليدور) صوب سوريا وتكون احدى محطاته تلعفر.

وأوضح المصدر الذي تحدث لـ "إيلاف" طالباً عدم نشر اسمه، أن استجواب زيباري يعد ضربًا لأحد اقوى رجاله في بغداد، بيد أن الأخير ابلغ المالكي والذي يقف وراء الدفع باستجواب والاطاحة به بأن المضي بالاستجواب والتصويت على سحب الثقة يعني الكشف عن ملفات مودعة منذ عام لدى الادعاء العام، وهو ما دعا المالكي، وفقًا للمصدر، الى رفع يده عن النائب هيثم الجبوري.

وبحسب المصدر القريب من الطرفين، فإن اتفاقًا افضى الى تأجيل التصويت على سحب الثقة عن زيباري، الى ما بعد عيد الأضحى، وان اجندة البرلمان ستزدحم باستجواب الوزراء الآخرين، وهو المخرج الذي سيلج منه رئيس البرلمان سليم الجبوري ابتداء بالخلاف حول علنية جلسة التصويت على سحب الثقة أو سريتها.

سحب الثقة

من جانب آخر، هاجم النائب هيثم الجبوري، السبت، وزير المالية هوشيار زيباري منتقداً ما جاء في كتاب وزارة المالية، والذي يبين انها اودعت قبل عام محكمة غسيل الأموال والجريمة الاقتصادية وهيئة النزاهة ملف مدير مصرف الهدى وتحويله أموالاً بأكثر من ستة مليارات دولار في يوم واحد الى احد المصارف خارج العراق، لكن زيباري حول معركته متهمًا ائتلاف دولة القانون بالسعي لسحب الثقة منه واسقاط الحكومة، حيث سيتم بعد ذلك استجواب رئيس الوزراء واقالة رئيس البرلمان.

وقال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري في بيان تسلمت "إيلاف " نسخة منه إن "وزارة المالية أبلغت رئاسة الادعاء العام في نفس اليوم الذي تحدثت فيه في البرلمان باسم الشخص الذي قام بتحويل مبلغ مالي الى حساب مصرفي في الخارج وقامت بتزويدهم نسخة من التقرير وجميع اولياته".

واكد بأن التقرير الذي اظهره مع مرفقاته والقرص المدمج (CD) اثناء لقائه في احدى القنوات الفضائية هو "مودع لدى هيئة النزاهة العامة منذ عام 2015، وكذلك لدى محكمة تحقيق غسيل الأموال والجريمة الاقتصادية".

وأشار زيباري الى ان "ما ذكر كان بصدد التطرق الى عدم متابعة السيد النائب هيثم الجبوري لهكذا قضية مهمة صادرة من رئاسة اللجنة المالية التي هو عضو فيها، والتفرغ لارسال طلبات ومذكرات ووثائق مذيلة بتوقيعه تنصب بعضها على أمور مالية ووظيفية ومتابعات شخصية او لإستهداف سياسي عبر استجواب برلماني يحمل في طياته أسئلة شخصية، وتاركًا المتابعة في هكذا تقرير أشير في متنه بأنه موضوع خطير جدًا ومستعجل".

وزير المالية هوشيار زيباري اكد ان وزارة المالية أبلغت رئاسة الادعاء العام في نفس اليوم الذي تحدثت فيه في البرلمان باسم الشيخ الذي قام بتحويل مبلغ مالي الى حساب مصرفي في الخارج، وقامت بتزويدهم نسخة من التقرير وجميع اولياته.

وكان زيباري اكد ان "الهدف من الاستجواب ليس أنا وإنما رئيس البرلمان سليم الجبوري ورئيس الوزراء حيدر العبادي، وهذا هو الهدف، ويبدأون بنا لتجربة تخطيطهم وتكتيكهم لإسقاط الحكومة"، موضحًا "ائتلاف القانون وجبهة الإصلاح تحديدا "يستهدفاني سياسيًا ويحاولان إقالتي من منصبي".

وفيما وصف بأن ما حدث في البرلمان كان معركة سياسية بكل المقاييس ضده، فإنه لفت إلى أن "هناك تحالفات سياسية مقبلة ستوقف هذا المد النيابي الذي يحاول فرض إرادته على السلطتين التشريعية والتنفيذية بالقوة".

الجبوري يرد&

لكن عضو اللجنة المالية هيثم الجبوري سرعان ما رد قائلاً إن "ما نشر في بيان وزارة المالية اليوم مخيب للامال، وهو محاولة لجر الاستجواب الى خلاف شخصي لخلط الأوراق".

ولفت الى ان "الموضوع مدار البحث في البيان والخاص بتحويل مبلغ ستة مليارات و500 مليون دولار ، اكتشف من قبل اللجنة المالية وهو نتاج بحثها وتدقيقها لا نتاج وبحث الوزير أو وزارته "، لكنه أشار الى ان جزءًا مما وصفه بـ"الجريمة الكبيرة" متعلق بالوزارة.

ونوّه هنا الى ان "مصرفي الرافدين والرشيد جزء من الشبهات ومحل للتحقيق من قبل دائرة المفتش العام في الوزارة وبتوجيه محكمة غسيل الاموال وان& الوزير لم يأتِ بشيء جديد سوى أن لا علم له بما يجري و جرى بوزارته".

وقال إنه "يتحمل المسؤولية الاولى بمتابعة ضياع هذه الاموال لأنها اجراء تنفيذي لا تشريعي".

وفي ما يتعلق باتهام زيباري للجبوري، بأنه يبعث بطلبات ومذكرات مذيلة بتوقيعه، فقد رد الجبوري "هذا دور النائب، فإن لم يقم به من سيقوم بذلك " متهمًا وزير المالية باحاطة وزارته بالجدران الكونكريتية والكلاب البوليسية، والتي باتت درعًا بينها وبين المواطن.

وكان الادعاء العام العراقي طلب، الخميس، من وزير المالية، هوشيار زيباري، الكشف عن هوية الشخص الذي تمكن من تهريب 6.5 مليارات دولار.

وكان زيباري قد صرح في مقابلة مع فضائية عراقية محلية أن "شخصاً واحداً فقط حوّل ستة مليارات دولار و455 مليوناً إلى حسابه الشخصي في بنك خارج البلد".

تحرك القضاء

وقال القاضي عبد الستار بيرقدار، المتحدث باسم السلطة القضائية، إن "الادعاء العام يطلب رسمياً" من وزير المالية "إيضاح أقواله بخصوص اسم الشخص الذي ذكره في إحدى وسائل الإعلام المحلية بأنه قام" بتحويل 6.5 مليارات دولار إلى "حسابه الشخصي؛ لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه"، لكن عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، هيثم الجبوري، كشف الاسم، مؤكداً أنه "حمد ياسر الموسوي صاحب مصرف الهدى"، مضيفًا أن "ملف حمد الموسوي اكتشف من (قبلنا) منذ العام 2014، وتمت مفاتحة مكتب غسيل الأموال في البنك المركزي الذي كتب تقريره للادعاء العام في مارس&2015".

بيد أن مصدرًا في هيئة النزاهة اكد ان رئيس اللجنة المالية السابق والسياسي العراقي المتوفى احمد الجلبي هو من كان قد أماط اللثام عن هذه الملفات وسلم نسخة منها الى وزير المالية ونسخة الى مجلس القضاء ونسخة الى المدعي العام، وانه انتظر تحرك القضاء، ويوم تلمس أن ثمة تسويفاً توجه الى صحيفة المدى العراقية واودع لدى&رئيس مجلس ادارتها فخري كريم ملف غسيل الأموال وتهريب العملة الصعبة من العراق وفي المقدمة منه ملف مدير مصرف الهدى حمد الموسوي الذي قام بشراء المبلغ بفواتير مزورة وباسماء متوفين، لافتًا الى أن الموسوي كان مرشحاً عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي بالتسلسل 122، لكنه خسر في الانتخابات.

كسر عظم وفتح الممرات&

وأعلن النائب عن كتلة الأحرار البرلمانية رياض غالي الساعدي، السبت، عن عزم مجلس النواب استجواب وزير التربية محمد اقبال، ووزير الزراعة فلاح حسن زيدان&الساعدي، أشار الى ان "جلسة يوم الثلاثاء المقبل سوف تشهد التصويت على سحب الثقة عن هوشيار زيباري".

&وسحب الثقة عنه كما حصل مع وزير الدفاع خالد العبيدي، مؤكدًا "مضي البرلمان في أداء دوره التشريعي والرقابي من خلال استضافة واستجواب المسؤولين الوزراء".

وفي المقابل، قال النائب عادل نوري انه يعتزم استجواب وزير الخارجية إبراهيم الجعفري ووزيرة الصحة عديلة حمود، مبيناً أن الاستجوابين يتعلقان بوجود فساد كبير بكل المجالات وإخفاقات من مختلف النواحي في الوزارتين.

سرطان يسري في جسد العالم

واعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي، السبت، ان اعادة هيكلة الجيش العراقي والاجهزة الامنية ومحاربة الفساد هو "ما اوصلنا الى الانتصارات التي تتحقق الآن"، إذ تقف القطعات العسكرية اليوم على مشارف الموصل لتحرير ارضها وناسها، وقرن بين دواعش الإرهاب ودواعش السياسة وصور مواجهتهما بأنها صراع بين الخير والشر.

&واوضح العبادي في كلمة له بافتتاح مؤتمر (تيدكس بغداد) السادس قائلاً إن "النقلة النوعية التي حدثت يحاول البعض ايقافها"، مؤكداً أن "التحدي الامني الذي نواجهه لم يمر مثله على الدول".

وفيما شدد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي على ان العام الحالي سيكون عام نهاية عصابات داعش عسكريًا ودخول الموصل لتحرير&ارضها وناسها، فإنه اكد مبينًا قيامه مع بداية تشكيل الحكومة بـ"تنظيم واعادة هيكلة الجيش والاجهزة الامنية ووضع خطط واستراتيجيات ومحاربة الفساد".

ومضى الى القول "هذا ما اوصلنا الى الانتصارات التي تتحقق الآن".

وتابع: "نحن نقاتل من اجل شعبنا والانسانية ضد هذه العصابات الظلامية الارهابية التي دخلت الى بلدنا من خارج العراق وبجهود شبابنا من المقاتلين حققنا هذه الانتصارات".

العبادي وصف تنظيم داعش بأنه "سرطان يسري في جسد العالم"، ولفت الى انه زحف الى اكثر من 100 دولة في العالم.

وقارن العبادي بين دواعش الإرهاب ودواعش الفساد، وقال "إن التحدي الأكبر الذي نعيشه اليوم هو الصراع القائم بين الخير والشر والفساد ليس في مجتمعنا فقط، بل في مجتمعات كثيرة".

واشار الدكتور العبادي الى أن الحرب والقتال ليس مبررًا لايقاف الثقافة والفنون، بل ان مثل هكذا لقاءات مهمة ونحتاجها.

وكان العبادي اكد الأسبوع الماضي أن النواب الذين يفتعلون المشاكل، معروفون ومحددون، ونصيحتي لهم ان يستقيلوا اذا لم يؤدوا عملهم بشكل صحيح، وفيما اكد أن قانون العفو العام اضيفت اليه فقرات في البرلمان تسمح باطلاق النسبة الاكبر من عصابات جرائم الاختطاف، فإنه حذر من تعطيل عمل الدولة باسم الاستجوابات ويقول انها يجب ان تكون على ضوء حقائق وليس اسبابًا سياسية.