هانغتشو: بدأ زعماء الدول الكبرى اجتماعهم الاحد في مسعى لانعاش الاقتصاد العالمي المتباطئ، في حين دعا رئيس الصين شي جينبينغ الذي يستضيف قمة مجموعة العشرين، الزعماء الى تحقيق نتائج فعلية وتجنب "الكلام غير المجدي".
ورأس وفد المملكة العربية السعودية إلى القمة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
ولدى وصول الأمير محمد بن سلمان كان في استقباله الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، ثم التقطت صور للزعماء، وتوجه قادة ورؤساء وفود الدول المشاركة إلى القاعة الرئيسية للقمة، حيث بدأت أعمال القمة بجلسة تحت عنوان " تعزيز سياسات التنسيق وفتح مسار للنمو".
والتقى الأمير محمد بن سلمان عدة قادة وزعماء على هامش القمة، كما أخبرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).
ومن بين من التقاهم بن سلمان، رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، ورئيس تركيا، ورئيس الوزراء الهندي.
وتعقد القمة التي ستكون الحادية عشرة لمجموعة العشرين تحت عنوان "نحو بناء اقتصاد عالمي إبداعي ونشط ومترابط وشامل"، ويتضمن جدول أعمالها العديد من القضايا المهمة من ضمنها رسم مسارات جديدة للنمو والحوكمة العالمية الاقتصادية والمالية الفعالة ودعم التجارة والاستثمار الدوليين وتحقيق التنمية العالمية الشاملة والمتوازنة.
وكان وزير الثقافة والإعلام السعودي عادل الطريفي قد توّقع نجاح قمة مجموعة العشرين المقبلة في الصين٬ قد قال إن "هناك 3 جلسات رئيسة٬ إلى جانب الجلسة الختامية ستتعلق بالصعوبات التي تواجه العالم بأسره ومن ضمنها البطالة والفقر ومكافحة الإرهاب٬ وهي موضوعات مهمة بالنسبة لكل من السعودية والصين.
ورحب الرئيس الصيني برؤساء الدول والحكومات في قمة مجموعة العشرين، حيث صافحهم واحدًا واحدًا، وشد بشكل خاص على يد الرئيس الاميركي باراك اوباما وسط ابتسامات الزعيمين، رغم الحادث البروتوكولي في بداية زيارة اوباما.&
وفي قاعة المؤتمر الدائرية في هانغتشو - المدينة التي تشتهر بمناظرها الجميلة، والتي خلت من سكانها في اطار الاجراءات الامنية - قال شي للزعماء إن قمة مجموعة العشرين "يجب ان تسعى الى العمل الحقيقي وليس مجرد الكلام غير المجدي".&
وتأمل الصين في نجاح المؤتمر لتبرز كدولة واثقة وقوية مستعدة للاضطلاع بدورها على الساحة الدولية، بما يناسب مكانتها كثاني اكبر اقتصاد في العالم.&
واغلقت السلطات آلاف المصانع لمنع تصاعد الدخان لتبدو السماء زرقاء صافية، كما شجعت السكان على مغادرة البلدة وقضاء عطلات مجانية، واعتقلت عشرات المنشقين لمنع حدوث اية اضطرابات.&
ويجتمع في القمة ممثلون عن مجموعة العشرين التي تشكل 85% من اجمالي الناتج المحلي العالمي، وثلثي سكان العالم.&
الا ان خبراء يتوقعون عدم توصل القمة الى نتائج حقيقية، حيث ان العالم لا يعاني حاليًا من ازمة حادة تدفعهم الى تحدي المشاعر الشعبوية المتزايدة واتخاذ خطوات صعبة مثل تحرير التجارة لمعالجة اصعب القضايا العالمية.&
ورغم ذلك الا أن القمة سبقتها موجة من النشاطات الدبلوماسية في الصين حول قضايا، من بينها التغيّر المناخي والحرب في سوريا والتجارة الدولية.&
وصادقت الصين والولايات المتحدة السبت على اتفاقية باريس للمناخ، في خطوة مهمة للغاية في اتجاه تطبيق الاتفاقية التي تهدف الى الحد من التغيّر المناخي.&
والاحد، اشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بكل من شي واوباما بعد حصوله شخصيًا على وثائق المصادقة منهما، وقال انهما اتخذا "خطوة تاريخية" ودعا زعماء مجموعة العشرين الاخرين ان يفعلوا مثلهما.&
"على مدار الساعة"
الاحد، قالت واشنطن انها تقترب من التوصل الى اتفاق مع روسيا لوقف العنف في سوريا، حيث قال اوباما إن المفاوضين "يعملون على مدار الساعة".&
وصرح اوباما للصحافيين "ان هذه المسألة معقدة للغاية".&
وتدعم كل من موسكو وواشنطن طرفين متضادين في النزاع الذي بدأ بحركة احتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد في مارس 2011 قبل قمعها بالقوة وتحولها الى نزاع دام متشعب الاطراف.&
وفشلت جولات متتالية من المفاوضات الدولية في انهاء النزاع المستمر منذ اكثر من خمس سنوات وخلف اكثر من 290 الف قتيل وشرد الملايين داخل البلاد وخارجها، واجبر الملايين على الفرار من البلاد ما ادى الى تدفق الالاف منهم الى اوروبا.
من ناحيته، اعلن رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك الاحد ان قدرة الاتحاد الاوروبي على استقبال اللاجئين "اقتربت من بلوغ حدودها" داعيًا الاسرة الدولية الى تحمل حصتها من المسؤولية.
وقال توسك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر إن "قدرات اوروبا على استقبال موجات جديدة من المهاجرين فضلاً عن المهاجرين الاقتصاديين غير الشرعيين اقتربت من بلوغ حدودها".
وقال "وحده مجهود على الصعيد العالمي سيكون قادرًا على تحقيق نتائج"، داعيًا اعضاء مجموعة العشرين، بمن فيهم الصين، الى تحمل حصتهم من المسؤولية.
والاتحاد الاوروبي منقسم حول مسألة استقبال اللاجئين، بعد عام على قرار المستشارة الالمانية انغيلا ميركل فتح ابواب بلادها امام المهاجرين.
ويعتبر العديد من البلدان الاوروبية ولا سيما في اوروبا الشرقية ان قرار ميركل كثف موجة الهجرة.
وقبل القمة، حذر رئيس الوزراء الكندي من الحمائية والقومية "المنتشرة"، وقال إن "بناء الجدران ليس هو الحل".&
وبشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي اعرب يونكر عن معارضته اجراء اية مفاوضات تجارية بين بريطانيا وغيرها من الدول قبل خروجها من الاتحاد الاوروبي، فيما تستعد استراليا الى اجراء محادثات تجارية مع لندن.&
وعقب التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي (بريكست)، يتعين على لندن اعادة التفاوض على دخولها الى اسواق باقي دول العالم بما فيها اسواق الاتحاد الاوروبي.&
وتعتبر هذه خطوة كبيرة جدًا للبلد الذي يعتبر خامس اكبر اقتصاد في العالم.&
وقال يونكر للصحافيين "لا احب فكرة تفاوض دول اعضاء في الاتحاد الاوروبي على اتفاقيات تجارة حرة".
وجاءت تصريحات يونكر بعد ان صرح رئيس وزراء استراليا مالكولم تيرنبول انه يستعد لاطلاق محادثات مع نظيرته البريطانية تيريزا ماي حول التجارة الحرة في اول محادثات من نوعها منذ التصويت على البريكست
قضايا خلافية
مع اجتماع زعماء العالم على اراضيها، تحرص بكين على تجنب مناقشة مسألة بحر الصين الجنوبي - الذي اقامت عليه جزر صناعية ومرافق من بينها مدرجات طيران - يمكن ان تلقي بظلالها على القمة.&
الا ان البيت الابيض قال إن اوباما وتشي "تحدثا بصراحة" السبت حول مسألة قرار المحكمة الدولية &بشأن قانونية مزاعم بكين بأحقيتها في تلك المياه.&
ورغم ان الصين تسعى الى ان تمر القمة دون اية مشاكل، الا أن مشاحنات وقعت بين مسؤولين اميركيين ومسؤولي المطار في الصين.&
قال الرئيس الاميركي باراك اوباما إن المشاحنات التي وقعت بين مسؤولين اميركيين وصينيين في مطار هانغتشو، تظهر الفجوة بين البلدين ازاء التعاطي مع حقوق الانسان وحرية الصحافة.&
وتسبب مسؤولون حكوميون صينيون في المطار بمشكلة لمستشارة الامن القومي الاميركي سوزان رايس وغيرها من المسؤولين الاميركيين بشأن التغطية الصحافية لوصول اوباما الى مدينة هانغتشو للمشاركة في قمة مجموعة العشرين.&
واثناء الحادثة، صاح احد المسؤولين الصينيين في وجه المسؤولين الاميركيين اثناء محاولتهم مساعدة الصحافيين الاميركيين في ترتيبات تصوير وصول اوباما "هذه بلادنا، وهذا مطارنا".
وتفرض الصين ضوابط شديدة على الصحافة وتراقب باستمرار التغطية الصحافية لمسائل تعتبرها حساسة أو تمس بصورة البلاد.
هولاند يحدد اولوياته
حدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعيد وصوله الاحد الى هانغتشو في الصين، اولوياته بالنسبة الى اخر قمة يشارك فيها لمجموعة العشرين خلال ولايته، وفي مقدمها المصادقة "في اسرع وقت" على اتفاق المناخ والتصدي لتمويل الارهاب وللملاذات الضريبية.
وقال هولاند امام الصحافيين ان "فرنسا تؤيد العولمة، لكن شرط ان يتم تنظيمها، ان يكون هناك مبادىء، معايير، وخصوصا بالنسبة الى البيئة والمجال الاجتماعي".
ولمح مجددا الى رفضه التوصل سريعا الى اتفاق للتبادل الحر بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وذلك بعدما نبه الى انه لا يمكن بلوغه قبل نهاية 2016 باعتقاد فرنسا.
واضاف "لن اقبل اذن باتفاقات تجارية لا تكون مستندة الى هذه المبادىء (...) نعم للانفتاح، نعم للتبادلات، ولكن وفق شروط ومبادىء".
وفي وقت سابق، اكد رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الموجود ايضا في هانغتشو ان بروكسل "ستواصل التفاوض" مع الولايات المتحدة.
من جهة اخرى، اكد هولاند ان اولويته الاولى هي المصادقة بحلول نهاية العام على الاتفاق العالمي حول المناخ الذي تم التوصل اليه في كانون الاول/ديسمبر في باريس.
وقال في هذا الصدد "لقد حققنا نجاحا اول ما دامت الولايات المتحدة والصين، وهما اكبر منتجين (لثاني اكسيد الكربون)، اعلنتا المصادقة (على الاتفاق) قبل ان تبدأ قمة مجموعة العشرين"، داعيا "الدول الكبرى" الاخرى الى الاحتذاء بهما.
واضاف ان "الاولوية الثانية" تكمن في "ان نكون قادرين، في مكافحة الارهاب، على تجنب ثغرات في النظام المالي".
واوضح ان الاولوية الثالثة لفرنسا هي "مكافحة الملاذات الضريبية والتهرب الضريبي" عبر وضع "لائحة بالملاذات الضريبية" يجب ان تصادق عليها مجموعة العشرين.
وعلى هامش القمة، سيلتقي هولاند مجموعة من القادة الاجانب بينهم الرئيس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الاسترالي مالكولم تورنبول وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وسيلتقي الرئيسان الفرنسي والروسي الاحد في الساعة 22,30 (14,30 ت غ) على ان يكرر هولاند امام بوتين ان لا "حل عسكريا" للنزاع السوري بل "سياسي".
وستكون سوريا ايضا في صلب لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي يمكن ان ينضم اليه مسؤولون اوروبيون اخرون.
ومساء الاثنين، يستقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ نظيره الفرنسي اثر القمة.
التعليقات