الرياض:&تباينت آراء محللين حول فاعلية الاغتيالات التي تطال قياديين بارزين في داعش، في معركة القضاء على التنظيم، ففي حين اعتبر فريق أن هذه الإستراتيجية ليست فعالة بالقدر الكافي، وأن هناك حاجة لإستراتيجية أشمل لتحقيق الغاية، قال آخرون إن استهداف قيادات داعش له تأثيرٌ قريب المدى على عمليات التنظيم في التجنيد والعمليات الخارجية، بحيث يكون من السهل لاحقًا دحر قدراته والتعاطي مع أفراده .

وكانت عمليات عسكرية خاصة للتحالف قد تمكنت من اغتيال أبو محمد العدناني المتحدث باسم تنظيم داعش شمال حلب، كما قُتل قبله أبو عمر الشيشاني وزير حرب داعش، وآخرون، وهو ما اعتبرته قوات التحالف ضربة كبرى للتنظيم، باعتبار أن العدناني كان مسؤولًا عن الدعاية والعمليات الخارجية، ولكونه من جيل المؤسسين، فيما كان أبو عمر الشيشاني العقل العسكري وقائد القوات المسلحة في التنظيم.&

المحلل السياسي احمد غلاب، أوضح أن استهداف رؤوس تنظيم& داعش يمكن أن يكون ذا&تأثير قريب المدى على عمليات داعش في التجنيد والتعبئة والحشد& وبعض العمليات الخارجية، حيث يصيب هذه القطاعات نوع من التشويش يفضي إلى ارتباكها لارتباطها بأشخاص محدودين، مشيرًا في حديثه لـ"ايلاف" الى أن هذه الإستراتيجية& من شأنها أن تساهم في تفكيك التنظيم وجعل خلاياه متفرقة بحيث يسهل القضاء عليها، حيث لن تكون لديها القدرات التكتيكية للقتال أو التنظيم.&

حرب طويلة

وأوضح غلاب، أن القضاء على قيادات داعش أو القضاء على التنظيم& لن ينهي الحرب ضد الإرهاب،& فهذه الجماعات الإرهابية لديها القدرة على إعادة إنتاج نفسها، وربما يحدث مثل ما حدث مع تنظيم القاعدة، حيث تبقى عناصر وذئاب منفردة تستهدف أهدافًا ومواقع رخوة&مثل الفنادق والمطاعم والتجمعات السكنية بهدف إحداث البلبلة والفوضى، وأضاف: " سيكون من السهل دحر قدراتها من خلال الجهود الاستباقية المشتركة، لكن في كل الاحوال الحرب ضد الإرهابيين ستكون طويلة ".

وبيّن غلاب أن سياسة التحالف في& التدخل العسكري المرتبط بضربات جوية&وبنشاط استخباراتي، هو نهج& كانت تمارسه إدارة اوباما مع القاعدة، عبر استهداف قيادات التنظيم من خلال عمليات طائرات الدرون التي حققت نتائج& من حيث انخفاض الكلفة البشرية والمادية للتدخل العسكري، وهي التي سبق ودفعتها القوات الأميركية في عهد بوش، حيث كانت العمليات تتم وفقًا للمعايير التقليدية، لكنها في التحليل النهائي كما هو الحال مع القاعدة،& لن تمنع التنظيم من أن يطور أدواته ويعيد إنتاج نفسه.

استراتيجية أشمل

من جهته، قال الباحث في شؤون التنظيمات المتطرفة سعود الشيخ،&إن إستراتيجية اغتيال القيادات&ليست فعّالة بالقدر الكافي للقضاء على التنظيم الإرهابي، وأن هناك حاجة لإستراتيجية أشمل لتحقيق تلك الغاية، مشيرًا في حديثه لـ" ايلاف" الى أن التنظيمات المتطرفة لديها قدرة على إنتاج قيادات جديدة، عادةً ما تكون أعنف من التي سبقتها، حيث تأتي قيادات من حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام والمراهقين، والذين يكونون غالبًا أكثر عنفًا وتطرفًا من القيادات القديمة،&فتنظيم داعش يعتبر أكثر تطرفًا من تنظيم القاعدة، فهو لا يكفر الناس وحسب،& بل يعتمد على نظرية من لم يكفر الكافر فهو كافرٌ مثله.

وقال الشيخ إنه لاشك أن العمليات العسكرية ساهمت في تراجع تنظيم داعش&في ليبيا وسوريا والعراق،&كما ساهمت في تقليل& قدرته على الحشد والتعبئة، والتي لم تعد بتلك التي كانت عليه في عام 2014، إبان سقوط الموصل وإعلان الخلافة المزعومة، لكن ليس معنى هذا&أن هذا التنظيم سيختفي من الوجود، إذ لديه قدرة على التحور فهو تنظيم صحراوي بالأساس، وسيطرته على المدن& كانت مجرد طفرة، فاستحواذه مثلاً على منطقة الرقة، وهي أرض بحجم بريطانيا، تمتلك موارد ضخمة، ظاهرة جديدة تحدث للمرة الاولى&في تاريخ& التنظيمات المتطرفة، لكن& التنظيم يمكن أن يعود إلى الصحراء&ليقوم هناك بإعادة تكييف نفسه، والعودة مرة أخرى إلى ما كان عليه.

وأوضح الشيخ&أن تنظيم داعش تمدد وتوسع&مستغلًا تناقضات الغرب في التعامل مع المنطقة، والمواجهة العسكرية مع داعش لن تكون ناجحة إذا لم تترافق مع حلول سياسية واضحة لأزمات المنطقة، التي تسببت في انتفاخ هذا التنظيم وتمثيله&تهديدًا حتى& للغرب بعد انتقال عملياته هناك، وهو ما حذر منه المراقبون سابقًا، اذ إن أمن أوروبا لا يمكن تجزئته عن أمن العالم العربي، وأنه لا يمكن تصور أن تترك المنطقة في نزاعات والغرب في امان،&فلابد من رذاذ سيذهب إلى تلك الأماكن،&وبالتالي لابد من إستراتيجية غربية موحدة لمواجهة هذا التنظيم، اما استمرار وقوف العالم عاجزًا عن أن يتخذ موقفًا قويًا تجاه الأزمة السورية سوف يفاقم المشكلة.