واشنطن: تركزت الأنظار مؤخرا على شركة كاسبرسكي للأمن المعلوماتي بعد معلومات عن استخدام قراصنة روس أدواتها لسرقة أسرار وكالة الأمن القومي الأميركية، في خضم النزاع المحتدم في الفضاء الرقمي بين الولايات المتحدة وروسيا.
وفي الشهر الفائت صدرت اوامر بإزالة برمجيات "كاسبرسكي لابز" من أجهزة الكمبيوتر في جميع الوكالات الحكومية الأميركية، لكن لم يتضح حتى الساعة إن كانت المجموعة مشاركة بعلمها أو بغيره في أنشطة تجسس.
من جهتها أكدت الشركة عدم ارتباطها بأي حكومة معتبرة في بيان أصدرته مؤخرا أنها ببساطة "علقت في وسط معركة جيوسياسية". ولفتت الاتهامات الأخيرة الأنظار إلى ما وصفه البعض بأنه حرب معلوماتية دائرة بين القوتين بعيدا عن الاضواء حتى الآن.
وقال جيمس لويس الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "حاليا نحن نخسر" موضحا "لسنا معتادين على هذا النوع من النزاعات".
ووردت المعلومات بشأن كاسبرسكي في وقت وتشهد العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة توترا شديدا ولا سيما بسبب اتهام موسكو بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 من خلال حملة أنباء كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال لويس إن روسيا متقدمة على هذا الصعيد لأنها "أدركت كيف تستخدم حرياتنا المدنية ضدنا ولا يمكننا فعل الكثير بهذا الشأن" بحسب لويس. وأضاف "ليست لدينا مجموعة تمارس هذا النوع من الحرب النفسية ولا نملك السلطة القانونية للدفاع عن نفسنا أمامها".
ووافقه الرأي بيتر سينغر المحلل الاستراتيجي في نيو امريكا فاونديشن والذي الف كتبا حول أساليب الحرب في القرن الـ21، بأن روسيا متقدمة في هذا النزاع المعلوماتي. وقال سينغر "ان كانت حرب معلوماتية فهي أشبه بتجاذبات الحرب الباردة في كل شيء، من سرقة الأسرار إلى عمليات التأثير السياسي".
وأوضح "نظرا إلى أن الروس نفدوا حتى الآن من أي تبعات فعلية لعمليتهم الأضخم والأكثر تأثيرا، أي الاختراقات وحملة التأثير على انتخابات 2016 الانتخابية، فبنظري انهم يبدون أداء جيدا جدا".
القط والفأر
في المقابل اعتبر غبريال وايمان استاذ الامن المعلوماتي في جامعة حيفا باسرائيل انه قد يكون من السابق لأوانه إعلان فوز روسيا. وقال "نجهل حقيقة إنجازات وكالة الأمن القومي (الأميركية) في مراقبة الانترنت، فهذا النوع من المعلومات سري".
أضاف "انها لعبة القط والفأر، ترد فيها جهة على الاختراق وتبادلها الجهة الأخرى بالمثل، فتزداد خطورة وتعقيدا".
الثلاثاء أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" ان الاستخبارات الاسرائيلية اخترقت شبكة كاسبرسكي فرصدت تغلغلا روسيا فيها وأبلغت السلطات الأميركية بذلك، ما أدى الى صدور قرار في 13 سبتمبر الماضي بازالة البرنامج من أجهزة الكمبيوتر في كل الوكالات الفدرالية الأميركية، بحسب الصحيفة.
كذلك نقل موقع "سايبر سكوب" الاخباري بشكل منفصل عن مصادر لم يكشف هويتها ان كاسبرسكي سعت اعتبارا من 2015 إلى الترويج لبرمجياتها لمكافحة الفيروسات على أنها أداة لتعقب المتطرفين في الشرق الأوسط.
أضاف التقرير ان العرض أثار فضول عدد من المسؤولين الأميركيين، لكن خبراء فنيين في مجتمع الاستخبارات فسره بأن برمجيات كاسبرسكي لمكافحة الفيروسات يمكن استخدامها أداة للتجسس.
وتابع سايبر سكوب ان مسؤولين في جهاز الأمن الفدرالي الروسي (اف اس بي) الذي خلف جهاز كاي جي بي السوفياتي نهوا مسؤولين أميركيين في 2015 عن التدخل في برمجيات كاسبرسكي، في رسالة أثارت أكثر من ناقوس انذار.
من جهة اخرى افادت صحيفة وول ستريت جورنال ان الحكومة الروسية تمكنت من تعديل أدوات كاسبرسكي وتحويلها إلى وسائل تجسس. ويمكن تحويل برامج لمكافحة الفيروسات كالتي تنتجها كاسبرسكي إلى أدوات تجسس لأنها تجري أنشطة مسح وتصل إلى جميع الملفات في كمبيوتر او في شبكة اتصالات.
أما مؤسس الشركة اوجين كاسبرسكي فلطالما نفى أي صلة بالحكومة الروسية، لكنه أكد الاثنين عبر تويتر فتح تحقيق داخلي في الاتهامات الأخيرة.
وأكدت الشركة في بيان نشرته هذا الاسبوع ان "كاسبرسكي لابز لم تساعد في أي وقت، ولن تساعد، اي حكومة في العالم في جهودها للتجسس المعلوماتي. وعلى عكس التقارير الخاطئة فإن برمجيات كاسبرسكي لابز لا تشتمل على اي قدرات غير معلنة على غرار المداخل السرية لأن ذلك غير قانوني وغير أخلاقي".
لكن وايمان اعتبر ان كاسبرسكي تعرضت على الارجح "لاستغلال" الحكومة الروسية للتجسس، ولم تشارك بإرادتها في انشطتها على ما قال.
ووافقه لويس في ذلك مرجحا ان تكون الشركة "أداة بغير رضاها" في أنشطة التجسس الروسية. وتابع ان اوجين كاسبرسكي "يتوق إلى العمل ضمن شركة خاصة مقرها لندن لكن الحكومة الروسية تمنعه من ذلك".
التعليقات