غزة: وقعت حركتا فتح وحماس الخميس في القاهرة اتفاق مصالحة يهدف الى انهاء عقد من الانقسامات بين الطرفين، وحددا مهلة شهرين من اجل حل الملفات الشائكة العالقة بينهما.
واتفق الطرفان على تسلم السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة، الخاضع حاليا لسلطة حركة حماس، بحلول الاول من كانون الاول/ديسمبر "كحد أقصى"، حسب بيان مركز إعلامي حكومي مصري.
في ما يلي النقاط الرئيسية لفهم احداث اليومين الماضيين.
ما الذي حدث في القاهرة؟
وقعت حركة فتح الوطنية المعتدلة اتفاق المصالحة مع حركة حماس الاسلامية الخميس في مقر المخابرات العامة المصرية في القاهرة حيث جرت مفاوضات المصالحة بين الطرفين خلال اليومين الماضيين.
وجاء في بيان اعلامي حكومي مصري أن الحركتين اتفقتا على "تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون قطاع غزة كما في الضفة الغربية، بحد أقصى في الاول من كانون الأول 2017".
ما هو السياق؟
حصلت القطيعة بعد ان فازت حماس في انتخابات 2006 التشريعية، ورفض المجتمع الدولي قبول حكومة حماس وطالب الحركة اولا بنبذ العنف والاعتراف باسرائيل واحترام الاتفاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وسيطرت حماس على قطاع غزة منتصف العام 2007 بعد ان طردت عناصر فتح الموالين للرئيس الفلسطيني محمود عباس من القطاع إثر اشتباكات دامية.
ولم تعد السلطة الفلسطينية بعدها تمارس سلطتها سوى في الضفة الغربية المحتلة. وعانت حماس من ضغوط شديدة ساهمت في حملها على قبول عودة السلطة الفلسطينية في ايلول/سبتمبر الماضي الى قطاع غزة.
ما هي التحديات؟
الامر الأكثر الحاحا هو وضع مليوني فلسطيني يقيمون في القطاع الفقير والمحاصر.
وشهد قطاع غزة المحاصر ثلاث حروب مدمرة بين العامين 2008 و2014 بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية. ويعتمد أكثر من ثلثي سكان القطاع الفقير على المساعدات الانسانية.
ويعاني القطاع من حصار اسرائيلي خانق ونسبة بطالة عالية وندرة الكهرباء والماء ووضع اقتصادي صعب. فيما تقفل مصر معبر رفح، منفذ القطاع الوحيد على الخارج.
ويعد الانقسام الفلسطيني واحدا من العقبات أمام تسوية النزاع الفلسطيني الاسرائيلي. ويفترض ان تقام الدولة الفلسطينية العتيدة على اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.
ما هي فرص نجاح هذه المصالحة؟
فشلت كافة المحاولات السابقة في تحقيق المصالحة حتى الان، وكان اخرها اتفاق وقع في مدينة القاهرة عام 2011.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس بعد ترحيبه بالاتفاق انه يرى فيه "اتفاقا نهائيا" لانهاء الانقسام الفلسطيني.
واكد رئيس وفد حركة فتح عزام الاحمد في محادثات المصالحة في القاهرة ان الدور المصري "مختلف هذه المرة"، لتأكيد تفاؤله.
ويقول خبراء ان قادة حركة حماس انتهجوا في الفترة الاخيرة مقاربة اكثر براغماتية، نتيجة احتمال انفجار الوضع الداخلي في قطاع غزة، وتراجع الدعم القطري، لذلك رضخوا لضغوطات مصر.
وعادت الحكومة الفلسطينية الاسبوع الماضي الى قطاع غزة وحظيت باستقبال شعبي حافل. واستلم الوزراء مفاتيح وزاراتهم في غزة.
واعلن مسؤول فلسطيني انه سيتم نشر 3000 عنصر من الشرطة الفلسطينية التابعة للسلطة في قطاع غزة وعلى الحدود مع اسرائيل ومع مصر.
كما واعلن مسؤول فلسطيني اخر ايضا عن زيارة مرتقبة سيقوم بها عباس الى قطاع غزة للمرة الاولى منذ عام 2007 .
لماذا التشكيك بفرص نجاح هذه المصالحة؟
لم يتم نشر تفاصيل الاتفاق الموقع في القاهرة حتى الان، وتبقى العديد من القضايا الشائكة مطروحة على الطاولة. وحدد الطرفان الاول من ديسمبر حدا اقصى لحل خلافاتهما.
واكثر القضايا اثارة للجدل هي السيطرة على الامن في قطاع غزة. وتملك حماس جناحا عسكريا يضم قرابة 25 الف مقاتل. ويبقى السؤال ان كانت مستعدة لتسليم اسلحتها الى السلطة الوطنية.
وكرر مسؤولون كبار في الحركة الاسلامية القول ان الامر غير مطروح للنقاش. وحذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قائلا "لن أقبل ولن أنسخ او استنسخ تجربة حزب الله في لبنان".
ومن القضايا الشائكة المعلقة في المصالحة مصير عشرات آلاف الموظفين الذين وظفتهم حماس في غزة في عام 2007. وتسببت هذه القضية في إجهاض جهود المصالحة السابقة.
وتنتظر حماس ايضا ان يقوم الرئيس الفلسطيني برفع الاجراءات العقابية التي فرضها خلال الاشهر الماضية على غزة، وبينها وقف التحويلات المالية الى القطاع، وخفض رواتب موظفي السلطة هناك، والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء التي تزود بها اسرائيل القطاع، بالاضافة الى تحديد عدد التصاريح الطبية التي تسمح لسكان غزة بتلقي العلاج خارج القطاع المحاصر.
وحول هذا، قال عباس الاسبوع الماضي "عندما تتمكن الحكومة (من استلام مهامها) تعود الميزانية كما كانت"، مؤكدا انه يجب ان تستلم الحكومة "كل شيء" في قطاع غزة.
ما هي ردود الفعل الدولية؟
رحبت الرباعية الدولية للشرق الاوسط بالعودة المرتقبة للسلطة الفلسطينية الى غزة. وستطرح هذه العودة السؤال الاهم حول حركة حماس التي تعتبرها اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي "منظمة ارهابية"، وتطالب بتخليها عن الكفاح المسلح ضد الدولة العبرية والاعتراف باسرائيل.
واعلن مسؤول اسرائيلي الخميس في اول رد فعل اسرائيلي رسمي "يتوجب على أي مصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس أن تشمل التزاما بالاتفاقيات الدولية وبشروط الرباعية الدولية وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل ونزع الأسلحة الموجودة بحوزة حماس".
وكانت ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب اعلنت انها "تتابع عن كثب" تطور الوضع، مكررة انه يتوجب على اي حكومة فلسطينية نبذ العنف والاعتراف باسرائيل.
التعليقات