«إيلاف» من الرباط: في حفل فني هيمنت عليه اللغة الفرنسية من أوله إلى آخره، جرى ليلة أمس الجمعة في المكتبة الوطنية بالرباط، حفل تقديم فهرس أعمال الرسام المغربي الراحل محمد القاسمي، وقد نشر في مجلدين، "وهو الأول من نوعه الذي يعيد الحياة الفنية لأحد رواد المشهد التشكيلي المغربي"، حسب تعبير المنظمين.
الدعوة إلى هذا المحفل الفني وجهت إلى الإعلاميين والفنانين من طرف باتول ابنة الرسام القاسمي، وهشام داودي، مؤسس "Art Holding Morocco" و نادين ديسندر، مؤرخة في مجال الفن، وهي التي أشرفت على إنجاز الفهرس، بعد جهود مضنية استمرت لحوالي ثلاث سنوات، من أجل جمع الأعمال الفنية وترتيبها وإخراجها إلى حيز الوجود.
مسار رسام

افتتحت التظاهرة بكلمة ألقاها هشام الداودي، سلط فيها الأضواء على المسيرة الفنية للرسام القاسمي، انطلاقا من ميلاده بمدينة مكناس، ومرورا بالرباط، العاصمة السياسية للمملكة، التي حقق فيها حضورا فنيا لافتا للنظر من خلال إبداعه المرتبط بقضايا الإنسان في كل مكان، ووصولا إلى مشاركاته في العديد من المعارض داخل المغرب وخارجه.
وبدورها، تحدثت ديسندر (مؤلفة فهرس الفنان)، عن الذكريات التي تحتفظ بها عن القاسمي كواحد من كبار مبدعي الفن التشكيلي المعاصر في المغرب، متوقفة عند العديد من المحطات الفنية في حياته، والتي أسفرت عن تراكم فني تجلى في الرصيد الجمالي الذي تركه بعد رحيله.

من أعمال الفنان محمد القاسمي

إحباط واحتجاج

وبهذه المناسبة، التي تستهدف الاحتفاء بذاكرة الفنان الراحل محمد القاسمي، جرى عرض شريط حول مسيرته، تضمن بعض اللقاءات معه، من خلال تصريحات كلها باللغة الفرنسية، إضافة إلى لقطات تم تصويرها أثناء انهماكه في رسم لوحاته بالصباغة والألوان، في مختلف الفضاءات.
وما أن فتح النقاش، حتى انبرى الفنان والمخرج السينمائي محمد عبد الرحمن التازي، معبرا بصوت عال يغلب عليه الانفعال، عما سماه ب" الإحباط" وعدم رضاه على المستوى الفني للشريط، معتبرا أنه لا يتلاءم مع المكانة الفنية للقاسمي .
وأردف المتحدث ذاته أن هناك أشرطة أخرى من توقيع مخرجين مغاربة، كان ينبغي عرضها على الجمهور الحاضر في القاعة، واصفا هذا الملتقى الفني ب"الكولونيالي"، في انتقاد ضمني للغة الفرنسية السائدة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المنظمين.

شهادات فنية

ورغم بعض التدخلات التي كانت تصب في المنحى الذي يرمي إلى تلطيف الجو والحد من انفعال مخرج " البحث عن زوج امراتي"، بسرد مجموعة من التبريرات حول الاكتفاء بعرض هذا الشريط، إلا أنه بدا غير مقتنع، وغادر القاعة، محتجا وهو يلوح بأيديه.
استمر الحفل بتقديم شهادات بعض الفنانين الحاضرين حول التجربة الفنية للرسام القاسمي، وضمنهم الفنانة التشكيلية المغربية لطيفة التيجاني التي نوهت بمبادرة طبع فهرس أعماله الفنية، معبرة عن الأمل في أن تشمل رسامين تشكيليين آخرين، يستحقون مثل هذه الالتفاتة الفنية النبيلة.

 فهرس أعمال الفنان محمد القاسمي

 

صمت الباتول

وقد كان لافتا للنظر أن الباتول ابنة الرسام القاسمي،الداعية إلى هذا الحفل الفني، لم تعبر عن حضورها، ولم تأخذ الكلمة للحديث عن والدها، ما أثار تساؤلات وسط الحاضرين، الذين كانوا يتمنون سماع صوتها، لما لشهادتها من قيمة اعتبارا لكونها ابنته المقربة منه.
اختتم الحفل، الذي ازدان بوجوه العديد من أهل الثقافة والفنون من مختلف المدن المغربية، بتوقيع وتوزيع فهرس أعمال الرسام المغربي الراحل محمد القاسمي، الصادر في في طباعة أنيقة وإخراج فني جميل.