الرباط: وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس الثلاثاء رسالة الى الرئيس الاميركي دونالد ترمب عبر فيها عن قلقه "العميق" ازاء المعلومات عن نيته نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، معربا عن الامل في تفادي هذه الخطوة.

وملك المغرب هو رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة، اعتبر ايضا ان مثل هذه الخطوة من شأنها ان تؤثر سلبا على جهود السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

وعبر الملك محمد السادس ، في الرسالة التي نشرتهاوكالة الانباء الرسمية عن قلقه "الشخصي العميق، والقلق البالغ الذي ينتاب الدول والشعوب العربية والإسلامية" ازاء معلومات حول نية ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل.

واعتبر إن "من شأن هذه الخطوة أن تؤثر سلبا على آفاق إيجاد تسوية عادلة وشاملة للنزاع الفلسطيني -الإسرائيلي، وذلك اعتبارا لكون الولايات المتحدة أحد الرعاة الأساسيين لعملية السلام ، وتحظى بثقة جميع الأطراف".

واضاف ان "القدس، بحكم القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها على وجه الخصوص قرارات مجلس الأمن، تقع في صلب قضايا الوضع النهائي، وهو ما يقتضي الحفاظ على مركزها القانوني، والإحجام عن كل ما من شأنه المساس بوضعها السياسي القائم".

وأكد الملك محمد السادس ان المملكة المغربية "لا يراودها شك في بُعد نظر إدارتكم الموقرة، ولا في التزامكم الشخصي بالسلم والاستقرار بالمنطقة، وعزمكم الوطيد على العمل لتيسير سبل إحياء مسلسل السلام، وتفادي ما قد يعيقه بل ويقضي عليه نهائيا".

وأعلنت الرئاسة الفلسطينية مساء الثلاثاء ان الرئيس الاميركي أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مكالمة هاتفية نيته نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس.

كما ابلغ ترمب العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني نيته المضي قدما في نقل سفارة الولايات المتحدة الى القدس.

في غضون ذلك، قال بيان صادر عن وزارة الخارجية المغربية، مساء اليوم ، ان خطوة من هذا القبيل تتعارض بشكل صريح مع قرارات الشرعية الدولية وتحديدا قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2253 و2254 لسنة 1967، كما تتناقض مع الاتفاقيات المعقودة والتفاهمات القائمة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

واضاف البيان ان هذا الإجراء يعدتغييرا للوضع السياسي للمدينة المقدسة، واستباقا غير مفهوم لنتائج مسلسل المفاوضات، إذ يعتبر موضوع القدس من قضايا الوضع النهائي في إطار حل الدولتين.

واشار البيان الى ان من شأن هذا القرار أن يؤثر سلبا على الجهود المكثفة الذي ما فتئت الإدارة الأميركية تبذلها من أجل إحياء العملية السياسية، بل وقد يقضي نهائيا على ما تبقى من فرص تحقيق السلام في المنطقة.

وحذرالبيان من ان تتخذ إسرائيل من هذه الخطوة ذريعة أخرى للمضـي قدما في سياسة التهويد الممنهج للمدنية المقدسة، وطمس معالمها الدينية والروحية.

إن هذا التوجه، يضيف البيان ،بالنظر الى خطورته الاستثنائية، قد يهدد أمن واستقرار منطقة تعمها أصلا حالة متقدمة من الاحتقان والتوتر، ويزيد من تأجيج مشاعر الغضب والإحباط والعداء وتغذية مظاهر العنف والتطرف.

في سياق ذلك، شددت المملكة المغربية على ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني والسياسي للقدس، وطالبت الأمم المتحدة، وخاصة الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن ، بالاضطلاع بمسؤولياتهم كاملة لتجنب كل ما من شأنه المساس بهذا الوضع أو تعطيل الجهود الدولية لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وجددت المملكة المغربية التأكيد على وقوفها اللامشـروط وتضامنها الدائم مع الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه المشروعة، ودعت إلى التعامل مع قضية القدس بما يقتضيه الأمر من حكمة وترو اعتبارا لرمزية المدينة وخصوصياتها عند أتباع الديانات السماوية الثلاث.

وخلص البيان الى القول انه وفقا لتعليمات الملك محمد السادس، ستعمل المملكة المغربية، بتنسيق مع الطرف الفلسطيني والأطراف العربية والإسلامية الأخرى، على تكثيف المساعي والجهود للتعامل مع هذا التطور الخطير.

نص الرسالة التي بعث بها العاهل المغربي الى الرئيس الأميركي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على كافة أنبيائه ورسله.

مـن محمـد السـادس، مـلك المملكـة المغـربيـة،

إلــى فخامة السيد دونالد ترمب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

فخامة الرئيس،

يطيب لي أن أتوجه إليكم، اليوم، بصفتي رئيسا للجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة تمثل أكثر من مليار مواطن.

وأود أن أنقل إلى فخامتكم انشغالي الشخصي العميق، والقلق البالغ الذي ينتاب الدول والشعوب العربية والإسلامية، إزاء الأخبار المتواترة بشأن نية إدارتكم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إليها.

ولا يخفى على فخامتكم ما تشكله مدينة القدس من أهمية قصوى، ليس فقط بالنسبة لأطراف النزاع، بل ولدى أتباع الديانات السماوية الثلاث. فمدينة القدس، بخصوصيتها الدينية الفريدة، وهويتها التاريخية العريقة، ورمزيتها السياسية الوازنة، يجب أن تبقى أرضا للتعايش، وع لما للتساكن والتسامح بين الجميع.

لقد أبنتم، منذ تسلمكم مهامكم السامية، عن إرادة قوية وعزم أكيد لإحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، واتخذتم خطوات واعدة في هذا الاتجاه، حظيت بدعم موصول من قبل المجتمع الدولي، بما فيه المملكة المغربية. وإن من شأن هذه الخطوة أن تؤثر سلبا على آفاق إيجاد تسوية عادلة وشاملة للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وذلك اعتبارا لكون الولايات المتحدة الأمريكية أحد الرعاة الأساسيين لعملية السلام وتحظى بثقة جميع الأطراف.

فالقدس، بحكم القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها على وجه الخصوص قرارات مجلس الأمن، تقع في صلب قضايا الوضع النهائي، وهو ما يقتضي الحفاظ على مركزها القانوني، والإحجام عن كل ما من شأنه المساس بوضعها السياسي القائم.

فخامة الرئيس،

تعيش منطقة الشرق الأوسط على وقع أزمات عميقة وتوترات متواصلة، ومخاطر عديدة، تقتضي تفادي كل ما من شأنه تأجيج مشاعر الغبن والإحباط التي تغذي التطرف والإرهاب، والمساس بالاستقرار الهش في المنطقة، وإضعاف الأمل في مفاوضات مجدية لتحقيق رؤية المجتمع الدولي حول حل الدولتين.

وإن المملكة المغربية، الحريصة دوما على استتباب سلام عادل وشامل في المنطقة، وفقا لمبادئ الشرعية وللقرارات الدولية ذات الصلة، لا يراودها شك في بعد نظر إدارتكم الموقرة، ولا في التزامكم الشخصي بالسلم والاستقرار بالمنطقة، وعزمكم الوطيد على العمل لتيسير سبل إحياء مسلسل السلام، وتفادي ما قد يعيقه بل ويقضي عليه نهائيا.

وتفضلوا، فخامة الرئيس، بقبول أسمى عبارات مودتي وتقديري".