ربما يمثل خروج مايكل فلين من حاشية دونالد ترامب تأسيسًا لديناميات جديدة في البيت الأبيض، من خلال توازنات دقيقة، يفرضها وجود مايك بنس وراينس بريباس وجلريد كوشنير وستيف بانون.

إيلاف من واشنطن: سيُحدث رحيل الجنرال مايكل فلين دينامية جديدة في البيت الأبيض، وزيادةً في قوة نائب الرئيس مايك بنس. فبنس هو من أقنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإقالة فلين، وهو الآن حلقة الوصل الرئيسية بين الجمهوريين في الكونغرس. كما يمكن أن يتحول إلى رئيس للحكومة الأميركية بشكل تلقائي، ما دام لا رئيس للحكومة بعد، وما دام ترامب مشغولًا في محاربة الإعلام ومجابهة الكونغرس.&

يتمتع بنس بالخبرة الأعمق في واشنطن، وبالقدرة الدائمة على الظهور لاعبًا مهيمنًا، في الداخل كما في الخارج. وسيرى رئيس موظفي البيت الأبيض راينس بريباس زيادة نفوذه لأنه سيتحكم بمن يراهم الرئيس ترامب، وبما يُحال اليه من أوراق. فأداء دور حارس بوابة المكتب البيضاوي يضع بريباس في موقع يتيح له البروز لاعبًا رئيسيًا في الإدارة الأميركية.&

الحلقة المؤثرة

كما أن جاريد كوشنير، صهر الرئيس دونالد ترامب، يتمتع بنفوذ في كل مجال، من السياسة الخارجية إلى &توفير فرص العمل، وربما يكون أكثر من يحظى بثقة ترامب في الجناح الغربي للبيت الأبيض. كما سيكون لكبير المخططين الاستراتيجيين ستيف بانون، الذي صاغ هوية ترامب الشعبوية، دور كبير في السياسة الخارجية.&

في السياسة الخارجية، وبمفردات تصريف الأعمال اليومية، ستكون المسؤولية بيد الجنرال جيمس ماتيس، وزير الدفاع، وريكس تيلرسون وزير الخارجية. ومن المهم أن نلاحظ أن مستشاري الرئيس للشؤون الداخلية يستطيعون أن يسهموا بقسطهم في السياسة الخارجية أيضًا بتقديم مشورتهم إلى ترامب عن ردة الفعل الداخلية على مبادراته في السياسة الخارجية. في السابق، كان مستشارو السياسة الداخلية يؤثرون في السياسة الخارجية بتشجيع الرئيس على انتهاج سياسات معينة أو ثنيه عنها. المستشاران الأساسيان لشؤون السياسة الداخلية هما ستيف ميلر، كبير مستشاري ترامب لصنع السياسات، وكيليان كونواي، مستشارة الرئيس التي ساعدته على الفوز في الانتخابات. ويشكل هؤلاء الحلقة الداخلية لادارة ترامب.&

مسألة الإعلام

قبل إقالة فلين، كانت هناك مراكز قوى متنافسة حين لم يكن بنس وبريباس يمسكان بزمام السيطرة بالكامل. وفي الظروف الجديدة، سيكون بنس وبريباس وكوشنير اللاعبين الأساسيين في البيت الأبيض. ولا شك في أن تيلرسون وماتيس ستُطلَب مشورتهما بصورة وثيقة، لكن من المتوقع أن ينفذا السياسة المعتمدة، لا صنعها. وفي النهاية، الرئيس هو صاحب القرار الأخير، وهذا القرار سيتأثر بالأكثر حظوة بثقته، داخل البيت الأبيض وخارجه.&

المشكلة الرئيسية التي تواجه رئاسة ترامب هي علاقته بالإعلام. فعلاقته سيئة بشبكات تلفزيونية وصحف كبرى، بينها نيويورك تايمز ولوس انجيليس تايمز وواشنطن بوست وسي أن أن وأن بي سي، والعديد غيرها. ويجب أن نتذكر أن تحدي الإعلام في الولايات المتحدة معركة خاسرة. ففي كل نزاع، كان الإعلام تاريخيًا ينتصر على الدوام في المعارك ضد الرؤساء والأقطاب الكبار.

ليس لدى الإعلام ما يخسره بتحديه البيت الأبيض. ولنتذكر أن ريتشارد نيكسون أُجبر في النهاية على الاستقالة مجلّلا بالخزي لأن الإعلام دأب على وضعه موضع تساؤل.

الحقيقة دائمًا

التحديان الكبيران الآخران اللذان يواجهان ترامب هما الكونغرس، وتحديدًا الأعضاء الجمهوريون والديمقراطيون الذين لا يستطيع السيطرة عليهم، والقضاء الاميركي المستقل القادر على تعطيل الكثير من اجراءاته، كما رأينا مؤخرًا حين نقضت المحاكم ما يُسمى "حظر دخول المسلمين".

ففي الولايات المتحدة هناك "كوابح وتوازنات" على الرئيس التزامها: إنها الكونغرس والقضاء والإعلام. ويمكن أن تواجه رئاسة ترامب كثيرًا من العوائق إذا لم يكن لديه رئيس قوي ومتمرس لموظفي البيت الأبيض، مثل جايمس بيكر في عهد جورج بوش، أو مستشار للأمن القومي مثل الجنرال برنت سكوكروفت الذي كان يقول الحقيقة لجورج بوش والكونغرس، وكانت لديه علاقة ممتازة بالزعماء الأجانب. وهكذا، من الضروري أن يختار ترامب مستشارًا لشؤون الأمن القومي قادرًا على اعطائه تحليلًا موضوعيًا، وعلى قول الحقيقة.&