أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن بلاده تقترب كثيرًا من استعادة كامل أراضيها من سيطرة تنظيم داعش، ودعا دول العالم إلى مساعدة بلاده في تنفيذ برنامج إعادة الاستقرار والخدمات الاساسية للمدن المحررة وإعادة النازحين إلى ديارهم، وطالبها بتعاون أمني واسع لمنع انتشار التنظيم فيها، خاصة بعد هروب أعداد كبيرة من المجندين في صفوفه وعودتهم إلى دولهم في اوروبا وشمال أفريقيا وبقية دول العالم.&

إيلاف من لندن: قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في كلمة له بمؤتمر ميونيخ للامن والسلام المنعقد في مدينة ميونيخ الألمانية حاليًا، "في هذه اللحظات التي اقف فيها بينكم، يقترب العراق كثيرًا من استعادة كامل اراضيه وطرد عصابة داعش من آخر شبر كان تحت سيطرتها... ونحن نقاتل الآن لتطهير ما تبقى من مدينة الموصل، وهي مساحة اقل من نصف المدينة، وبعد عام من الانتصارات المتلاحقة سنحقق الهدف ولن يكون لداعش مكان في العراق كما وعدناكم ووعدنا شعبنا".&

وأشار في الكلمة التي ألقاها الليلة الماضية وتابعتها "إيلاف"، أنه "نيابة عن الشعب العراقي أتقدم بالشكر الجزيل لدولكم الداعمة لنا في حربنا ضد الارهاب وأخص بالذكر دول حلف الناتو والتحالف الدولي.. واؤكد لكم ان دعمكم لم يذهب سدىً، فقد حررنا معظم مدننا واراضينا ونحن نحقق انتصارات باهرةً على الارهاب وهو عدونا وعدوكم الذي يهدد شعبنا وشعوبكم ويقتل المدنيين والنساء والاطفال بلا رحمة... ونتطلع إلى أنّ يتواصل دعم قواتنا في مجالات التسليح والتدريب والمشورة والدعم اللوجستي والجوي من اجل اكمال مهمة القضاء على داعش".

وبدأت في مدينة ميونيخ امس أعمال الدورة 53 لمؤتمر ميونيخ السنوي للأمن والسياسة الذي ينطلق هناك الجمعة ويستمر يومين بمشاركة اكثر من 500 شخصية سياسية رفيعة من كل أنحاء العالم لبحث تصعيد الحرب ضد تنظيم داعش ومناقشة قضايا السياسة والامن والاعمار.&

توحد كل الاديان ضد داعش&

وأضاف العبادي أن الارهاب وتنظيم داعش هم اعداء للمسلمين قبل غيرهم وقد قتلوا من المسلمين أضعافاً مضاعفة لضحاياهم من بقية الاديان.. ولذلك كان على جميع ابناء الاديان والمذاهب ان يتوحدوا ضد الارهاب.. وهذا ما حصل في العراق حين توحدنا جميعًا، مسلمين ومسيحيين وايزيديين وصابئة وسنة وشيعة وعربًا وكرداً وتركمانًا، لأن الارهاب استهدف الجميع.

وقال "اؤكد لكم اننا خطونا خطوة مهمة في توحيد العراقيين، وهم الآن موحدون اكثر من أي وقت مضى، وقواتنا المسلحة اصبحت مرحبًا بها من قبل ابناء المدن المحررة، والجميع اليوم يقاتلون جنبًا إلى جنب تحت علم الدولة.. وللمرة الاولى يقاتل الاخوة في البيشمركة إلى جانب الجيش العراقي بعد ان كانوا طوال عقود من الزمن يتقاتلون في ما بينهم حين كان النظام المباد يستخدم القوة العسكرية لقمع ابناء الشعب العراقي من الكرد والعرب والتركمان والشبك والقوميات الاخرى".

تحرير الموصل

وأشار العبادي إلى أنّ عملية تحرير الموصل الحالية هي حرب نظيفة "سعينا من خلالها إلى أنّقاذ الانسان قبل تحرير الارض، ورغم أن المعارك كانت صعبة ومن بيت إلى بيت، الاّ ان قواتنا حرصت على سلامة الدور السكنية للمواطنين والبنى التحتية والمنشآت الحكومية". واوضح ان تنظيم داعش اتخذ من المدنيين دروعاً بشرية لتأخير زحف القوات العراقية ففجر المباني الحكومية والمساجد والكنائس والمدارس والجامعات ومنازل المواطنين، واتخذ من الاحياء المدنية قواعد لاطلاق الصواريخ، ومارس عملية تهريب وتدمير ممنهج للآثار والمتاحف وكنوز حضارة وادي الرافدين العريقة.

وبين "ان توجيهاتنا كانت مشددةً وصارمةً في ضرورة حماية المدنيين، ولم نتهاون في أن نقدم للقضاء كلّ من يعتدي على المدنيين وممتلكاتهم ووفرنا في الوقت ذاته ممرات آمنة لخروجهم سالمين، وهيأنا مخيمات عديدة لايواء النازحين. وكل ذلك يحصل في ظل ضائقة مالية واقتصادية، نتيجة تراجع اسعار النفط العالمية ومع التكاليف الباهظة للحرب".

نداء للمساعدة

وخاطب العبادي المؤتمرين قائلاً "اننا نتوجه بالنداء اليكم لمساعدتنا في تنفيذ برنامج اعادة الاستقرار والخدمات الاساسية للمدن المحررة واعادة النازحين إلى ديارهم، كما ندعو المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية المعنية إلى تقديم مساعدات عاجلة لنحو ثلاثة ملايين نازح، والمساعدة في معالجة الجرحى ورفع الالغام والمتفجرات، ودعم برامج تأهيل المجتمع من اجل محو ثقافة العنف وازالة آثار جرائم داعش التي مارستها بحق الاطفال الذين تم استغلالهم بشكل بشع ونشأوا في ظل ثقافة العنف والكراهية وتدربوا على فنون القتل في مدارس داعش، ومساعدة النساء اللواتي تعرضن للتعذيب والاغتصاب والسبي كما حصل للايزيديات في واحدة من ابشع الجرائم ضد الانسانية".

برامج إصلاح

واضاف "لقد بدأنا جديًا بوضع برامج اصلاح سياسية واقتصادية واجتماعية وتصالحية لمرحلة ما بعد داعش تقوم على تحقيق العدالة والمساواة ونبذ الطائفية وعدم السماح باستخدام السلاح خارج الدولة وتمكين القضاء من أداء واجبه في ملاحقة الجريمة والفساد الاداري والمالي وحماية الحريات وحقوق الانسان، وقد قدمنا منظومة قوانين ضامنة إلى مجلس النواب في هذه المجالات المهمة، إلى جانب تطوير الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل القومي وتعظيم موارد الدولة وعدم الاعتماد كليًا على الثروة النفطية كما كان سابقًا، ونواجه في تنفيذ عملية الاصلاح عراقيل وصعوبات ومعارضةً من قبل المستفيدين من الفساد والهدر في المال العام، لكننا نعتمد على شعبنا الذي يدعمنا لمواصلة مسيرة الاصلاح".&

أمن المنطقة

وشدد العبادي بالقول "اننا نؤمن بأن الأمن لا يتجزأ ومن اجل ذلك ندعو لضرورة التعاون مع الدول العربية والمجاورة وجميع دول العالم الصديقة في المجالات الاستخبارية وتبادل المعلومات لتجفيف منابع الارهاب، إلى جانب بناء شبكة علاقات اقتصادية واسعة للاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية الهائلة المتوفرة في منطقتنا لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر والفساد.

وأضاف "ان رؤيتنا واضحة وموقفنا ثابت بضرورة عدم التدخل وحل النزاعات المسلحة في منطقتنا بالطرق السلمية وبالأخص الأزمة في سوريا التي طال امدها وتسببت بتدمير هائل وتشريد الملايين من السوريين، وندعو إلى تعاون جاد وخطة عاجلة لإنهاء النزاع في هذه الدولة المجاورة لنا وتجنيب الشعب السوري المزيد من الدمار، ونحن مع أي مبادرة تشجع الحوار وتوقف الاقتتال الداخلي وتضع حدًا لنزيف الدم في سوريا".&

وشدد العبادي على ان العراق حريص على أمن واستقرار دول المنطقة، وقد عانى كثيرًا من الحروب وسياسة المحاور، ولايمكن أن يعود اليها مرة أخرى، ولن يكون العراق إلاّ دولة مستقلة في قرارها تراعي مصالح شعبها في حاضره ومستقبله وتحرص على اقامة علاقات طبيعية ومتوازنة مع جميع دول المنطقة والعالم. &

دعوة لتعاون أمني واسع

ودعا العبادي إلى تعاون أمني دولي واسع لمنع انتشار داعش في دول العالم الاخرى خاصة بعد هروب اعداد كبيرة من المجندين في صفوفه وعودتهم إلى دولهم في اوروبا وشمال أفريقيا وبقية دول العالم.. مؤكدًا على ضرورة زيادة التعاون الاستخباري للقضاء على الارهاب والحذر الشديد من المقاتلين العائدين الذين شاركوا داعش في ارتكاب ابشع جرائم قطع الرؤوس والابادة، لأن هؤلاء ادوات وقنابل موقوتة .. مشددًا على اهمية حظر الفكر الذي يشجع على القتل والارهاب واقصاء الآخر.. معلنًا استعداد العراق التام للتعاون الأمني وتبادل المعلومات في مجال مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة. وقال في الختام "نتطلع معكم وبتعاونكم إلى مستقبل اكثر أمنًا واستقرارًا وعالم خالٍ من الارهاب والفكر الاقصائي تنعم فيه شعوبنا ودولنا بالسلام والاستقرار والازدهار".&

خلال اعمال المؤتمر، عقد العبادي اجتماعات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والامين العام الجديد للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس ونائب الرئيس الاميركي مايك بنس ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، حيث بحث معهم التطورات الامنية والسياسية في العراق. &

&

&