واشنطن: بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء بتفكيك إرث باراك أوباما في مجال البيئة، مؤكدا رغبته في "انهاء الحرب على الفحم"، وذلك في كلمة القاها لم يذكر خلالها مطلقا مسالة التغير المناخي.

وفي مقر وكالة حماية البيئة على بعد مئات الأمتار من البيت الأبيض، وقع الرئيس الأميركي "قرار الاستقلال في مجال الطاقة" الذي يطلب مراجعة الاجراء الابرز لسلفه الديموقراطي: "خطة الطاقة النظيفة" التي تفرض على محطات الكهرباء خفض انبعاثاتها من ثاني اوكسيد الكربون.

وقال الرئيس الجمهوري الذي طالما ابدى شكوكا في الماضي حيال حقيقة الاحتباس الحراري ودور الأنشطة البشرية في ذلك "سيسمح هذا للوكالة بالتركيز على مهامها الرئيسية: حماية الماء والهواء".

وباعلانه عن "عهد جديد" في قطاع الطاقة في الولايات المتحدة، أكد ترامب الحاجة الملحة لالغاء العديد من الأنظمة البيئية التي "لا لزوم لها وتقضي على فرص العمل".

وقال "نحن نحب عمال مناجم الفحم، انهم رائعون" ووعدهم ب"العودة إلى العمل". واضاف "سننتج فحما في الولايات المتحدة لتشغيل الصناعات الأميركية".

وقال مسؤول في البيت الأبيض أن هذا المرسوم سيساهم في ضمان طاقة "متدنية الثمن ونظيفة" من أجل "تشجيع النمو الاقتصادي واستحداث الوظائف".

وينص المرسوم الرامي إلى الحد من "العقبات غير المفيدة" في هذا القطاع من خلال إعادة النظر في عدد من التنظيمات، على مراجعة "خطة الطاقة النظيفة"، أبرز إنجاز لأوباما على صعيد البيئة.

وتفرض هذه الخطة على المحطات الحرارية تخفيض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بنسبة 32% بحلول 2030، بالمقارنة مع العام 2005.&

وفي حال تطبيق هذا الإجراء، فهو سيؤدي إلى إغلاق العديد من المحطات العاملة على الفحم، وهي الأقدم والأكثر تسببا للتلوث. غير أن الخطة مجمدة في الوقت الحاضر بامر من القضاء بعد تلقيه شكاوى من ثلاثين ولاية هي بغالبيتها ولايات جمهورية.

وبالرغم من تسجيل الفحم تراجعا في الولايات المتحدة، إلا أنه يبقى عنصرا أساسيا في قطاع الطاقة الأميركي. وثمة مئات المحطات العاملة على الفحم موزعة على مختلف أنحاء الولايات المتحدة، تنتج حوالى ثلث الكهرباء في هذا البلد، بالتساوي مع الغاز الطبيعي، ومتقدمة على النووي و الطاقة الكهرمائية.

رأى الاستاذ في جامعة ويست فرجينيا جيمس فان نوستراند أنه "لن يكون لذلك أي وطأة عملية"، مشيرا إلى أن تراجع الفحم ناجم بصورة أساسية عن ارتفاع أسعار استغلال (الفحم) ومنافسة الغاز الطبيعي المتزايدة موارد الطاقة المتجددة. وأكد أن "تفكيك الوكالة الأميركية لحماية البيئة (إي بي إيه) والتخلص من التشريعات لن يؤديا إلى إحياء صناعة الفحم".

وذكرت الوزارة ان عدد الوظائف في هذا القطاع تراجع من 88 الفا في 2008 الى 66 الفا في 2015.

اتفاقية باريس "سيئة"

والمرسوم الذي يفترض ان يوقعه ترامب يلغي حوالى ستة قرارات لاوباما تتعلق بالمناخ كقرار حظر استثمارات جديدة للفحم الحجري على اراض فدرالية.

رحبت غرفة التجارة الأميركية بإعلان إعادة النظر في "خطة الطاقة النظيفة"، معتبرة أنها "ليست غير قانونية فحسب، بل هي سيئة للعائلات والشركات الأميركية".

ويرى مجلس "ناتشرال ريسورسز دفنس كاونسل" ان هذه المبادرة "خيانة لمصالحنا الوطنية". واضافت المنظمة غير الحكومية "انها هجوم منسق على التدابير الحمائية التي نحتاج اليها لتفادي كارثة مناخية".

ويردد رئيس وكالة حماية البيئة سكوت برويت أنه عازم على الابتعاد عن سياسة الإدارة السابقة التي كانت تعتمد على حد قوله "استراتيجية معادية بقوة للطاقات الأحفورية".

وبعدما أكد برويت مؤخرا أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ليست من الأسباب الرئيسية لارتفاع حرارة الأرض، مخالفا بذلك إجماع العلماء في العالم بأسره، جدد انتقاداته لاتفاقية باريس حول المناخ.

وقال "فرضنا على أنفسنا عقوبات مع خسارة وظائف، في حين أن الصين والهند لم تتخذا إجراءات للتصدي للمشكلة"، متجاهلا الالتزامات التي قطعها البلدان. وأضاف "إن باريس بنظري كانت بكل بساطة اتفاقية سيئة".

ولم تبت إدارة ترامب حتى الآن في الموقف الذي أعلنت أنها ستتخذه بشأن هذا الاتفاق الهام الموقع بين أكثر من 190 دولة في نهاية 2015 في العاصمة الفرنسية. وقال مسؤول في الإدارة مساء الاثنين طالبا عدم ذكر اسمه إن "المسألة قيد النقاش".